أَيْ: تَتَأَخَّرُ. (الْحُرَّةُ) بِالْإِسْلَامِ (عَنْ هَذَا وَذَا) أَيْ: إسْلَامِ الْأَمَتَيْنِ مَعَهُ وَعِتْقِهِ بِأَنْ تُسْلِمَ مَعَهُ أَمَتَانِ ثُمَّ يَعْتِقُ ثُمَّ تُسْلِمُ حُرَّةٌ، فَلَا تَتَعَيَّنُ الْأُولَيَانِ، بَلْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْحُرَّةَ مَعَ إحْدَاهُمَا، وَلَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ، فَلَهُ اخْتِيَارُ الْحُرَّتَيْنِ وَاخْتِيَارُ إحْدَاهُمَا مَعَ الْأَمَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ لِحُرِّيَّتِهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا وَفِي نِكَاحِهِ حُرَّةً، وَلَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَرْبَعُ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءٍ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَخْتَرْ الِاثْنَتَيْنِ لِرِقِّهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ وَإِذَا اخْتَارَ فِي صُورَةِ الْحَرَائِرِ ثِنْتَيْنِ وَفَارَقَ ثِنْتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهُمَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَهُمَا حُرَّتَانِ ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ
(ثُمَّ طَلَاقُهُ) أَيْ: طَلَاقُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ فِي حَقِّهِ بَعْضَ زَوْجَاتِهِ. (وَلَوْ) كَانَ الطَّلَاقُ. (مُعَلَّقَا) تَعْيِينٌ لِلنِّكَاحِ فِي الْمُطَلَّقَةِ، إذْ الْمَنْكُوحَةُ هِيَ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَتُخَاطَبُ بِهِ فَإِذَا طَلَّقَ أَرْبَعًا انْدَفَعَ نِكَاحُهُنَّ بِالطَّلَاقِ وَالْبَاقِيَاتِ بِالشَّرْعِ، وَسَوَاءٌ طَلَّقَ بِالصَّرِيحِ كَطَلَّقْتُكِ أَمْ بِالْكِنَايَةِ كَأَبَنْتُكِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ فَارَقْتُكِ كَطَلَّقْتُكِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ كَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ فَسْخٌ كَاخْتَرْتُ فِرَاقَكَ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَةِ بِخِلَافِ طَلَّقْتُكِ، وَقَدْ يُقَالُ: أَرَادَ النَّاظِمُ بِالطَّلَاقِ لَفْظَهُ فَيَخْرُجُ الْفِرَاقُ، وَلَكِنَّهُ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِالسَّرَاحِ، وَلَوْ اخْتَارَ الْجَمِيعَ لِلنِّكَاحِ لَغَا لِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ أَوْ لِلْفَسْخِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مُقَرَّرٌ فِي أَرْبَعٍ، وَلَوْ طَلَّقَهُنَّ وَقَعَ عَلَى أَرْبَعٍ وَيُعَيِّنُهُنَّ. (لَا إنْ يُعَلِّقْ اخْتِيَارًا مُطْلَقَا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ اخْتِيَارًا لِلنِّكَاحِ أَمْ لِلْفَسْخِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، فَلَا يَكُونُ تَعْيِينًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّعْيِينِ، وَالِاخْتِيَارُ الْمُعَلَّقُ لَيْسَ بِتَعْيِينٍ؛ وَلِأَنَّ الِاخْتِيَارَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَاسْتِدَامَتِهِ فَتَعْلِيقُهُ كَتَعْلِيقِ النِّكَاحِ أَوْ الرَّجْعَةِ، وَلَا يَصِحُّ فَيُشْتَرَطُ تَنْجِيزُهُ كَأَنْ يَقُولَ: اخْتَرْتُ نِكَاحَكِ أَوْ قَرَّرْتُهُ أَوْ أَمْسَكْتُكِ أَوْ ثَبَتُّكِ لَهُ، وَإِنَّمَا جَازَ تَعْلِيقُهُ فِي ضِمْنِ الطَّلَاقِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الطَّلَاقِ، وَالِاخْتِيَارُ يَحْصُلُ ضِمْنًا، وَقَدْ يُحْتَمَلُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ كَمَا يُحْتَمَلُ تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ الضِّمْنِيِّ كَأَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي غَدًا عَلَى كَذَا وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ مُطْلَقًا تَكْمِلَةٌ وَإِيضَاحٌ
(وَالْفَسْخُ) ، وَلَوْ مُعَلَّقًا. (إنْ فُسِّرَ) هـ الزَّوْجُ. (بِالسَّرَاحِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ: الطَّلَاقِ تَعْيِينٌ لِلنِّكَاحِ
فَلَوْ قَالَ: فَسَخْتُ نِكَاحَكِ وَأَرَادَ الطَّلَاقَ، فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلنِّكَاحِ، وَإِنْ أَرَادَ الْفِرَاقَ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْفِرَاقِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَنِكَاحُكِ مَفْسُوخٌ، وَأَرَادَ الطَّلَاقَ نَفَذَ، وَإِلَّا لَغَا إذْ الْفُسُوخُ تَجْرِي مَجْرَى الْعُقُودِ فِي امْتِنَاعِ قَبُولِ التَّعْلِيقِ فَعُلِمَ أَنَّ الْفَسْخَ كِنَايَةٌ فَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: طَلَاقُهُ تَعْيِينٌ لِشُمُولِهِ الْكِنَايَةَ كَمَا مَرَّ وَاسْتُشْكِلَ كَوْنُ الْفَسْخِ هُنَا كِنَايَةً بِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوُجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى رِعَايَةً لِغَرَضِ مَنْ رَغِبَ فِي الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ: (تَعْيِينُهُ) خَبَرُ طَلَاقُهُ كَمَا تَقَرَّرَ. (هَاتِيكَ) مَفْعُولُ تَعْيِينُهُ أَيْ: طَلَاقُهُ تَعْيِينُهُ تِلْكَ الْمُطَلَّقَةَ. (لِلنِّكَاحِ) لَا لِلْفِرَاقِ. (لَا الْوَطْءِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ) فَلَيْسَتْ تَعْيِينًا لَهُ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَاسْتِدَامَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَكِلَاهُمَا يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ كَالرَّجْعَةِ، فَلَا يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ، وَأَمَّا الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ فَمَعْنَاهُمَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ مِنْهُ بِالْمَنْكُوحَةِ فَلَوْ اخْتَارَ الَّتِي آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا لِلْفِرَاقِ بَطَلَ
ــ
[حاشية العبادي]
الْمُتَخَلِّفَتَانِ فِي الْمِثَالِ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا دَخَلَ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي لَا إذَا تَأَخَّرَتْ الْحُرَّةُ بِرّ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ فَسْخٌ) اُنْظُرْ لَوْ نَوَى بِفَارَقْتُكِ الطَّلَاقَ. (قَوْلُهُ: تَكْمِلَةٌ وَإِيضَاحٌ) يُتَأَمَّلُ
(قَوْلُهُ: فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْفِرَاقِ) أَيْ: وَحِينَئِذٍ يَلْغُو إنْ كَانَ مُعَلَّقًا، وَأَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ، وَإِلَّا لَغَا إذْ الْفُسُوخُ إلَخْ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِأَنْ تُسْلِمَ ثِنْتَانِ وَحِينَئِذٍ تَعَيَّنَتَا لِلنِّكَاحِ. اهـ. طَاوُوسِيٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْحُرَّةَ) فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَمَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ كَالْعَدَمِ لِتَأَخُّرِ إسْلَامِهَا. اهـ مِنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ فَارَقْتُكِ صَرِيحُ طَلَاقٍ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تُعْلَمْ الزَّوْجِيَّةُ كَانَ بِالْفَسْخِ أَوْلَى مِنْهُ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ فِي الزَّوْجِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ فَإِنَّهُ مِنْ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ الْفِرَاقَ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْفِرَاقِ) أَيْ: فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْفِرَاقِ، وَفِيهِ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوُجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ فَلَعَلَّهُ أَغْلَبِيٌّ سم وَجَوَابُ م ر بِمَنْعِ وُجُودِ نَفَاذِهِ فِي مَوْضُوعِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِهِ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَةَ بِالطَّلَاقِ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلْفَسْخِ حِينَئِذٍ فِيهِ نَقْضٌ لِأَصْلِ الْقَاعِدَةِ إذْ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا وَرَدَ فَلَوْ ظَاهَرَ مَثَلًا مِنْ امْرَأَتِهِ نَاوِيًا بِهِ الطَّلَاقَ نَقُولُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَأَنَّ الظِّهَارَ كِنَايَةٌ فِيهِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ طَلَاقُهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلظِّهَارِ لِفَقْدِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَئِذٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ صِيغَةَ الْفَسْخِ هُنَا وَرَدَتْ عَلَى مَنْ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلْفَسْخِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا لِلنِّكَاحِ مُقَدَّرٌ قَبْلَ الْوُرُودِ لِيَصِحَّ الطَّلَاقُ، وَلَا كَذَلِكَ الظِّهَارُ فَإِنَّ صِيغَتَهُ وَرَدَتْ عَلَى مَنْ هِيَ مَحَلٌّ لَهُ