؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ وَأَقُولُ بَلْ قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً لِعَيْنِ مَا قَالَهُ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُ النَّظْمِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ عَتَقَتْ الْبَوَاقِي فِي هَذِهِ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فَلَهُ إمْسَاكُ الْجَمِيعِ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ إمْسَاكُ الْأُولَى لِرِقِّهِ عِنْدَ الْإِسْلَامَيْنِ. (وَمَعَهُ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ. (إنْ أَسْلَمَتْ اثْنَتَانِ) مِنْ أَرْبَعِ إمَاءٍ مَثَلًا. (ثُمَّ يُحَرَّرْ) هُوَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْأُخْرَيَانِ. (تَتَعَيَّنَانِ) أَيْ: الْأُولَيَانِ لِلنِّكَاحِ لِرِقِّهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِمَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ، وَلَا وَاحِدَةً مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ عِنْدَ إسْلَامِهِمَا، فَأَفَادَ كَلَامُهُ جَوَازَ جَمْعِهِ رَقِيقَتَيْنِ وَتَعَيُّنَ الْأُولَيَيْنِ لِمَا تَقَرَّرَ وَمَنْعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا لِاسْتِيفَائِهِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ حُرِّيَّتِهِ فَحُدُوثُهَا لَا يُؤْثِرُ كَمَا فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ.
(إنْ كَانَتَا) أَيْ: الْأُولَيَانِ. (رَقِيقَتَيْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةً بِأَرْبَعِ إمَاءٍ كَمَا تَقَرَّرَ، بَلْ يُوهِمُ اخْتِلَافَ الْحُكْمِ لَوْ كَانَتَا غَيْرَ رَقِيقَتَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ كَانَتَا رَقِيقَتَيْنِ بِالْوَاوِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَرَفَعَ تَتَعَيَّنَانِ، وَإِنْ كَانَ جَوَابُ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْجَوَابِ الْمَسْبُوقِ بِمَاضٍ حَسَنٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ إنْ عَتَقَ، وَلَمْ يُسْلِمْ أَوْ ثِنْتَانِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَتَا إنْ عَتَقَهُ مَعَ الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَمِنْهُمَا كَعِتْقِهِ بَعْدَهُ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَعِتْقِهِ قَبْلَهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، وَلَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْهُمَا مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ لِتَقْيِيدِهِ أَوَّلًا بِالْقَبْلِيَّةِ، وَثَانِيًا بِالْبَعْدِيَّةِ الْمُفَادَةِ بِثُمَّ، فَكَلَامُهُ فِيهَا مُتَدَافِعٌ، وَلَوْ عَتَقَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ فِي الْمِثَالِ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا، فَلَهُ اخْتِيَارُهُمَا، وَلَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَوَاحِدَةٍ مِنْ الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّتَانِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِمَا فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ حَرَائِرَ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْأُخْرَيَانِ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ ثِنْتَيْنِ كَيْفَ شَاءَ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (لَا إذَا تَأَخَّرُ)
ــ
[حاشية العبادي]
بَقِيَ مِنْ الْعَدَدِ الْمُعَلَّقِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الزَّائِدِ وَالطَّارِئِ شَيْءٌ أَثَّرَ الطَّارِئُ، وَكَانَ الثَّابِتُ الْعَدَدَ الْمُعَلَّقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمَا جَمِيعًا شَيْءٌ لَمْ يُؤَثِّرْ الطَّارِئُ وَلَمْ يُغَيِّرْ حُكْمًا. اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ إلَخْ) كَانَ مَعْنَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا فَاتَ الِاسْتِيفَاءُ الَّذِي هُوَ لَهُ كَانَ لَهُ تَدَارُكُهُ. (قَوْلُهُ: لِعَيْنِ مَا قَالَهُ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَ الرِّقُّ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الِاسْتِيفَاءِ فَقَدْ فَاتَ الِاسْتِيفَاءُ. (قَوْلُهُ: كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ النَّظْمِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ عِتْقٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَتَقَتْ الْبَوَاقِي فِي هَذِهِ ثُمَّ أَسْلَمْنَ) خَرَجَ مَا لَوْ أَسْلَمْنَ مِنْ غَيْرِ عِتْقٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَوَاقِي وَمَا لَوْ أَسْلَمْنَ ثُمَّ عَتَقْنَ. (قَوْلُهُ: لِرِقِّهِ) وَفِي الرَّوْضِ الْجَوَازُ ادِّخَالُ الْحَرَائِرِ عَلَى الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنَانِ) قَدْ يُشْكِلُ التَّعْيِينُ هُنَا بِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْأُولَى فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ عَلَى مَنْقُولِ الْإِمَامِ عِنْدَ سَائِرِ الْأَصْحَابِ دُونَ مَنْقُولِ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي فَإِنَّ الْأُولَى هُنَاكَ نَظِيرُ الثِّنْتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ هُنَا بِجَامِعِ الْإِسْلَامِ مَعَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ، وَتَأَخُّرِ إسْلَامِ الْبَاقِي فِي الصُّورَتَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَجْهُ هَذِهِ التَّفْرِقَةِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ وَجْهَهَا أَنَّهُ هُنَا قَدْ اسْتَوْفَى عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ فِي التَّعْيِينِ لَيْسَ مُجَرَّدَ رِقِّهِ عِنْدَ الْإِسْلَامَيْنِ، بَلْ رِقُّهُ مَعَهُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الْعَبِيدِ، وَهُنَاكَ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ، وَقَدْ صَارَ حُرًّا فَيَخْتَارُ وَاحِدَةً بِشَرْطِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ) فَإِنَّ حُدُوثَ الْحُرِّيَّةِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ إلَيْهِ حَاجَةٌ وَهِيَ اسْتِقَامَةُ قَوْلِهِ الْآتِي لَا إذَا تَأَخَّرَتْ الْحُرَّةُ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِاعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ بِرّ، وَقَدْ يُدْفَعُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْإِطْلَاقُ هُنَا وَالتَّقْيِيدُ هُنَاكَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَيَانِ رَقِيقَتَيْنِ فَيَسْتَقِيمُ الْآتِي وَيَنْدَفِعُ الْخَلَلُ عَمَّا هُنَا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُمَا) أَيْ: الثِّنْتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ) أَيْ: عِلَّةِ تَعَيُّنِ الْأُولَيَيْنِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: لِرِقِّهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا قَارَنَ الْعِتْقُ الْإِسْلَامَيْنِ انْتَفَى رَقُّهُ عِنْدَهُمَا ثُمَّ إذَا كَانَ كَعِتْقِهِ قَبْلَهُ، فَحُكْمُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: فِيمَا إذَا مِنْ قَبْلِ مَا اهْتَدَى عَتَقَ تَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْهُمَا) أَيْ: الْعِتْقُ مَعَ الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَالْعِتْقُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَكَلَامُهُ فِيهَا) أَيْ: فِي الْمَعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ: مَعَ الْإِسْلَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَتَقَتْ
[حاشية الشربيني]
؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ كَانَ كَالْحُرِّ، وَالْحَرُّ لَا يَجُوزُ لَهُ غَيْرُ رَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَتَقَتْ الْبَوَاقِي إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمَ الزَّوْجُ مَعَ وَاحِدَةٍ ثُمَّ عَتَقَتْ ثُمَّ عَتَقَ الْبَاقِيَاتُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لِالْتِحَاقِهِنَّ بِالْأَصْلِيَّاتِ، وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ رَقِيقَةً عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ. اهـ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ لِفَرْضِ كَلَامِهِ فِي الْحُرِّ وَكَلَامِنَا فِي الرَّقِيقِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ثِنْتَانِ) أَيْ: أَوْ إنْ عَتَقَ وَقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَمْ تُسْلِمْ ثِنْتَانِ مَعَهُ مِمَّنْ تَحْتَهُ بِأَنْ لَمْ تُسْلِمْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَتَا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ تُسْلِمْ ثِنْتَانِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُسْلِمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ صِدْقَ قَوْلِكَ لَمْ تُسْلِمْ ثِنْتَانِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ إمَّا عَدَمُ إسْلَامِ أَحَدٍ أَوْ إسْلَامُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَمَا يَمْنَعُ صِدْقَ ذَلِكَ انْتِفَاءُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute