للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفَرِيضَةُ إقْرَارِ الِابْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَفَرِيضَةُ إقْرَارِ الْبِنْتِ مِنْ خَمْسَةٍ وَهِيَ مُتَبَايِنَةٌ فَتَصِحُّ مِنْ سِتِّينَ فَيَرُدُّ الِابْنُ عَشَرَةً لِلْمُقَرِّ لَهَا وَالْبِنْتُ ثَمَانِيَةً لِلْمُقَرِّ لَهُ

وَفِي الْمِثَالِ السَّابِقِ فَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ اثْنَيْنِ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ فَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ ثَلَاثَةٌ لِلْمُنْكِرِ وَاثْنَانِ لِلْمُقِرِّ وَوَاحِدٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَخَرَجَ بِالصَّادِقِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي مَا لَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا مُطْلَقًا

(فُرُوعٌ) لَوْ قَالَ زَيْدٌ أَخِي ثُمَّ فَسَّرَ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ حَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْأَشْبَهَ بِالْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَلِهَذَا لَوْ فَسَّرَ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقْبَلْ وَلَوْ أَقَرَّ عَلَى أَبِيهِ بِالْوَلَاءِ فَقَالَ هُوَ مُعْتَقُ فُلَانٍ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ ثَبَتَ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مُسْتَغْرِقًا كَمَا فِي النَّسَبِ وَلَوْ خَلَفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ فَأَقَرَّ اثْنَانِ بِرَابِعٍ وَأَنْكَرَ الثَّالِثُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِهِ بِشُرُوطِهَا لِأَنَّهَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ شَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا فِيهَا ضَرَرًا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ذَكَرَ هَذِهِ الْفُرُوعَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إلَّا الْأَخِيرَةَ فَفِيهَا خَاصَّةً

(بَابُ الْعَارِيَّةُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَقَدْ تُخَفَّفُ وَفِيهَا لُغَةٌ ثَالِثَةٌ عَارَةٌ حَكَاهَا ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْغُلَامِ الْخَفِيفِ عَيَّارٌ لِكَثْرَةِ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ وَقِيلَ مِنْ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّثَاؤُبُ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَعَيْبٌ وَحَقِيقَتُهَا شَرْعًا إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٧] فَسَّرَهُ الْمُفَسِّرُونَ بِمَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَخَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَارَ فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فَرَكِبَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعَارَ دِرْعًا مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَوْمَ حُنَيْنٌ فَقَالَ أَغَصْبٌ يَا مُحَمَّدُ وَرُوِيَ أَغَصْبًا فَقَالَ بَلْ عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ» قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَانَتْ وَاجِبَةً أَوَّلَ الْإِسْلَامِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهَا فَصَارَتْ مُسْتَحَبَّةً أَيْ أَصَالَةً وَإِلَّا فَقَدْ تَجِبُ كَإِعَارَةِ الثَّوْبِ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَإِعَارَةٍ الْحَبْلِ لِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ وَالسِّكِّينِ لِذَبْحِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ يُخْشَى مَوْتُهُ وَقَدْ تَحْرُمُ كَإِعَارَةِ الصَّيْدِ مِنْ الْمُحْرِمِ وَالْأَمَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَقَدْ تُكْرَهُ كَإِعَارَةِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ مِنْ كَافِرٍ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ مَا قَبْلَهُ

وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ مُعِيرٌ وَمُسْتَعِيرٌ وَمُعَارٌ وَصِيغَةٌ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (مَتَى يُعِرْ مَنْ لِتَبَرُّعٍ صَلَحْ أَهْلَ تَبَرُّعَاتِهِ) أَيْ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ (عَلَيْهِ صَحَّ) أَيْ عَقْدُ الْإِعَارَةِ فَخَرَجَ بِمَنْ صَلَحَ لِلتَّبَرُّعِ مَنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ كَالصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ وَالْمُكَاتَبِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُعِيرُوا؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ:، ثُمَّ فَسَّرَ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ مُنْفَصِلًا وَكَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقْبَلْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَاسْتَشْكَلَ بِقَوْلِ الْعَبَّادِيُّ لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَخُوهُ لَا يُكْتَفَى بِهِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ اهـ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَبُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مُسْتَغْرَقًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْقَفَّالُ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ أُمٌّ حَرَّةُ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَإِقْرَارُهُ لَغْوٌ (فَلَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمُقِرِّ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ إذْ كَانَ الظَّاهِرُ الْإِضْمَارَ

[بَابُ الْعَارِيَّةُ]

(بَابُ الْعَارِيَّةُ) (قَوْلُهُ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ) وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا يَأْتِي عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَكَرُّرِ فِعْلِهَا، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ السَّيِّدِ وَغَيْرَهُ اعْتَرَضُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَكِنَّ الْجَوَابَ عَنْهُ أَنَّ مِنْ شَأْنِهَا ذَلِكَ فِي عُرْفِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا الشَّرْعِ وَاعْتَرَضُوا عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَنَّهَا وَاوِيَّةُ الْعَيْنِ وَلَذَا ذَكَرَهَا فِي مَادَّةِ عَوَرَ لَا عَيَرَ وَالْعَارُ يَائِيٌّ وَجَوَابُهُ أَنَّ كَلَامَهُ لَا يَسْتَدْعِي الِاشْتِقَاقَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُمْ لَمَحُوا هَذَا الْمَعْنَى فِيهَا لِاشْتِرَاكِ لَفْظِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الِاشْتِقَاقِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُوَافَقَةُ فِي أَكْثَرِ الْحُرُوفِ لَا فِي جَمِيعِهَا الْمُسَمَّى الْأَكْبَرُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْ يَجِبُ) الْوَجْهُ أَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ إعَارَةُ مَالِهِ أُجْرَةً أَنْ لَا تَجِبَ إلَّا بِالْأُجْرَةِ إنْ طَلَبَهَا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ فِي نَحْوِ الْإِنْقَاذِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُشْكِلُ دَعْوَى وُجُوبِهَا فِيمَا ذَكَرَ بَلْ الْوَاجِبُ هِيَ أَوْ الْإِجَارَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَيَرُدُّ الِابْنُ عَشَرَةً) وَيَبْقَى لَهَا خَمْسَةٌ فِي نَصِيبِ الْبِنْتِ (قَوْلُهُ: وَالْبِنْتُ ثَمَانِيَةً لِلْمُقَرِّ لَهُ) وَيَبْقَى لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ فِي نَصِيبِ الِابْنِ

(بَابُ الْعَارِيَّةُ) (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مِنْ التَّعَاوُرِ) عِبَارَةُ م ر وَمِنْ التَّعَاوُرِ أَيْ مَأْخُوذَةٌ أَيْضًا مِنْهُ فَمَأْخَذُهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا ع ش (قَوْلُهُ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ إلَخْ) نَقَلَ سم أَنَّهُ قَالَ: أَيْضًا كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارَةِ بِمَعْنَى الْإِعَارَةِ وَقِيلَ إنَّهَا مِنْ الْعَارِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَأْتِي وَهِيَ وَاوِيَّةٌ وَفِيهِ أَنَّهُمْ يُدْخِلُونَ بَنَاتِ الْيَاءِ عَلَى بَنَاتِ الْوَاوِ كَمَا فِي الْبَيْعِ مِنْ مَدِّ الْبَاعِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ يَائِيٌّ وَالْبَاعَ وَاوِيٌّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ ع ش (قَوْلُهُ: إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ) لَكِنَّهَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ إبَاحَةً مَحْضَةً اهـ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَكَتَبَ م ر عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهَا لَا تَرْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ هِبَةً (قَوْلُهُ: دِرْعًا) أَيْ جِنْسَهُ لِأَنَّهُ اسْتَعَارَ مِنْهُ مِائَةَ دِرْعٍ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالسِّكِّينِ لِذَبْحِ حَيَوَانٍ) ، وَإِنْ جَازَ لِمَالِكِهِ تَرْكُهُ أَوْ جَوَازُ ذَلِكَ لَا يُنَافِي وُجُوبَ إسْعَافِهِ إذَا أَرَادَ حِفْظَ مَالَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَمَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ) وَيَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ حِينَئِذٍ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَالْأَمَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ مَعَ الْحُرْمَةِ لَا عَارِيَّةَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِحُرْمَةِ الْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>