وَبِهَذَا التَّعْلِيلِ يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الْعَبْدَ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْعُبُودِيَّةَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَطْرَأَ وَتَزُولَ. (وَإِنْ أَرَادَ) أَنْ يَرْفَعَهُ إلَيْهِ. (وَهْوَ حَاكِمٌ فَلَا) يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ وَلَا يَحْنَثُ فِي الْحَالِ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّفْعِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَوَلَّى ثَانِيًا فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي صُورَةِ التَّمَكُّنِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَلَّى تَبَيَّنَ الْحِنْثُ وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عُزِلَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ حَنِثَ حُمِلَ عَلَى عَزْلٍ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ وَيَحْصُلُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي بِإِخْبَارِهِ وَلَوْ بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ الْمُنْكَرِ
(وَإِنْ يَقُلْ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ يَزِيدَ أَوْ عَلَيْهِ لَا أُسَلِّمُ فَإِنْ عَلَى قَوْمٍ يُسَلِّمْ) وَلَوْ مِنْ الصَّلَاةِ. (وَهُوَ) أَيْ: يَزِيدُ. (فِيهِمْ) وَعَلِمَ بِهِ الْحَالِفُ. (فَيَسْتَثْنِي) مِنْهُمْ فِي سَلَامِهِ عَلَيْهِمْ يَزِيدَ. (وَلَوْ بِأَنْ نَوَى) أَيْ وَلَوْ بِنِيَّتِهِ لِئَلَّا يَحْنَثَ فَإِنَّ السَّلَامَ كَلَامٌ، وَاللَّفْظُ الْعَامُّ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِاسْتِثْنَاءٍ لِانْتِفَاءِ الْحِنْثِ بِذَلِكَ. (لَا فِي) قَوْلِهِ. (وَرَبِّي لَسْتُ دَاخِلًا عَلَى زَيْدٍ مِثَالًا) أَيْ: مَثَلًا. (فَعَلَيْهِمْ دَخَلَا) وَهُوَ فِيهِمْ وَاسْتَثْنَاهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَلَا يُفِيدُهُ الِاسْتِثْنَاءُ شَيْئًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الدُّخُولَ لِكَوْنِهِ فِعْلًا لَا يَتَبَعَّضُ إذْ لَا يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت عَلَيْكُمْ إلَّا عَلَى فُلَانٍ بِخِلَافِ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ
(وَ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ. (إنْ خَرَجْتِ دُونَ إذْنِي أَوْ بِلَا إذْنِي) أَوْ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ أَبَدًا إلَّا بِإِذْنِي أَوْ حَتَّى آذَنَ لَك أَوْ إلَى أَنْ آذَنَ لَك. (أَوْ بِغَيْرِ خُفٍّ مَثَلَا) فَأَنْت طَالِقٌ. (تَنْحَلُّ) الْيَمِينُ. (بِالْخُرُوجِ مَرَّةً) سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنٍ وَبِخُفٍّ أَمْ لَا لَكِنَّهُ يَحْنَثُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي، وَإِنَّمَا انْحَلَّتْ بِمَرَّةٍ؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِخَرْجَةٍ وَاحِدَةٍ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِوَاحِدَةٍ وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةَ بِرٍّ وَهِيَ الْخُرُوجُ بِإِذْنٍ أَوْ بِخُفٍّ، وَجِهَةَ حِنْثٍ وَهِيَ الْخُرُوجُ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَقْتَضِي النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ جَمِيعًا وَإِذَا كَانَ لِلْيَمِينِ جِهَتَانِ وَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْيَوْمَ الدَّارَ وَلَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ بَرَّ، وَإِنْ تَرَكَ أَكْلَ الرَّغِيفِ وَإِنْ أَكَلَهُ بَرَّ، وَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ خَرَجْت لَابِسَةَ حَرِيرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِالْخُرُوجِ ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجٍ مُقَيَّدٍ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَمَتَى وَمَهْمَا وَأَيُّ وَقْتٍ وَنَحْوُهَا كَانَ فِي أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِخِلَافِ كُلَّمَا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ. (وَمَا تَنْحَلُّ) الْيَمِينُ بِمَرَّةٍ. (فِي تَعْلِيقِهِ بِكُلَّمَا) بَلْ يَتَكَرَّرُ الْحِنْثُ بِتَكَرُّرِ الْخُرُوجِ. (قُلْتُ وَلَا يُطْلَقُ) هَذَا الْحُكْمُ. (فَالتَّقْيِيدُ) لَهُ بِالْمَدْخُولِ بِهَا. (مَرَّ) فِي بَابِ الطَّلَاقِ فَغَيْرُهَا تَبِينُ بِطَلْقَةٍ فَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ آخَرُ فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَقَدْ تَنْحَلُّ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. (وَبِأَذِنْتُ) لَك فِي الْخُرُوجِ. (كُلَّمَا أَرَدْتِ بَرْ) فِي يَمِينِهِ وَانْحَلَّتْ وَلَوْ قَالَ: إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ خَرَجَتْ
ــ
[حاشية العبادي]
فَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: فَكَلَّمَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ) حَيْثُ لَا يَحْنَثُ. (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى عَزْلٍ اتَّصَلَ إلَخْ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا فَإِنَّ الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ قَيَّدَ بِدَوَامِ كَوْنِهِ قَاضِيًا فَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا أَصْلًا اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا وَالْحِنْثُ فِيهَا بَعْدَ التَّمَكُّنِ يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الْعَزْلِ بِلَا رَيْبٍ بِخِلَافِ وَهُوَ قَاضٍ كَمَا هُنَا فَهَذَا الْحَمْلُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِرّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الصَّلَاةِ) يُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا نَوَى بِهِ السَّلَامَ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ فَيُسْتَثْنَى) هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ الثَّانِي وَهُمَا جَوَابُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ بِرّ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَلِهَذَا قَالَ الْقَاضِي سَأَلْت عَنْ تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَامَّةَ أَصْحَابِنَا فَلَمْ أَظْفَرْ بِمُقْنِعٍ وَقَالَ الْإِمَامُ تَوْجِيهُ الْمَذْهَبِ عَسِرَ عِنْدِي وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوِيَّةٌ وَأَنَّ مَا يُحَاوَلُ مِنْ الْفَرْقِ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَبِآذَنْت لَك فِي الْخُرُوجِ كُلَّمَا أَرَدْت بَرَّ فِي يَمِينِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ فَخَرَجَتْ بَعْدُ لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِهِ فِي تَعْلِيقِهِ حَتَّى أَوْ إلَى أَنْ آذَنَ لَك؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ إذْنَهُ غَايَةَ الْيَمِينِ وَقَدْ حَصَلَ الْإِذْنُ وَيَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ بِلَا إذْنِي؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ خُرُوجٌ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا مَانِعٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَانْحَلَّتْ) اُنْظُرْ لَوْ رَجَعَ عَنْ إذْنِهِ هَلْ يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُ وَيَسْقُطُ حُكْمُ الْإِذْنِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أَشْكَلَ قَوْلُهُ: وَانْحَلَّتْ إلَّا أَنْ يُرَادَ مَا دَامَ الْإِذْنُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ إلَخْ)
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ زَيْدٍ هَذَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكَلَامِهِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ تَطْرَأُ وَتَزُولُ بِخِلَافِ وَصْفِ الْعُبُودِيَّةِ لَيْسَ الْغَالِبُ فِيهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فِي الْحَرْبِيِّ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَوَلَّى ثَانِيًا) أَيْ: فَيَبَرَّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ قَالَ فِي حَلِفِهِ: لَأَدْفَعَنَّهُ إلَيْهِ مَا دَامَ قَاضِيًا بِخِلَافِ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا مَا دَامَ فُلَانٌ فِيهِ فَخَرَجَ فُلَانٌ، ثُمَّ دَخَلَ الْحَالِفُ وَلَوْ بَعْدَ عَوْدِ فُلَانٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْمُومَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي مَرْبُوطَةٌ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فَأُنِيطَ بِهِ وَهُنَا بِمَحَلٍّ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ فَانْعَدَمَتْ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ إلَخْ) فَكَأَنَّهُ هُنَا قَالَ وَاَللَّهِ لَتَخْرُجَنَّ إنْ خَرَجْت بِإِذْنِي وَلَا تَخْرُجَنَّ إنْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِي. (قَوْلُهُ: لَمْ تَشْتَمِلْ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِجِهَةِ الْبِرِّ أَصْلًا فَإِذَا لَمْ تَخْرُجْ لَابِسَةً لِلْحَرِيرِ لَا يُقَالُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَمْ يَحْنَثْ لِمَا عَرَفْت مِنْ عَدَمِ التَّعَرُّضِ لِجِهَةِ الْبِرِّ. (قَوْلُهُ: كُلَّمَا أَرَدْت) زَادَ بَعْضُهُمْ أَوْ مَتَى أَرَدْت وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَتَى لِلتَّعْمِيمِ فِي الزَّمَانِ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute