تَعَذُّرِ نَظْمِهِ بِتَرْتِيبِهِ عَنْ. (أَنْ يُنْظَمَا) فَلَوْ حَلَفَ لَيُصَلِّيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ الصَّلَاةِ فَطَرِيقُ الْبِرِّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ هَذَا مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَقَدْ يُسْتَأْنَسُ لَهُ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَلَعَلَّهُ أَوَّلُ مَنْ اسْتَعْمَلَهَا لَكِنَّ الصَّوَابَ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ أَنَّ أَفْضَلَهُ مَا يُقَالُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ. (قُلْتُ النَّوَاوِيُّ هُنَا مَالَ إلَى مَا فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ نُقِلَا؛ لِأَنَّهُمْ إذْ سَأَلُوا النَّبِيَّا) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (كَيْفَ نُصَلِّي) عَلَيْك. (عَلَّمَ الْمَرْوِيَّا) فَقَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إلَى آخِرِهِ.
وَاعْتَرَضَهُ الْقَمُولِيُّ؛ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ مَا لَيْسَ فِي هَذَا فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي صَلَاةً وَاحِدَةً وَذَاكَ يَقْتَضِي صَلَاةً مُتَكَرِّرَةً بِتَكَرُّرِ الذِّكْرِ وَالسَّهْوِ فَتَدُومُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ «قَوْلَهُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَنَحْوَهُ أَفْضَلُ مِنْ أَعْدَادٍ مِنْ التَّسْبِيحَاتِ» وَالتَّشْبِيهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا وَقَالَ الْبَارِزِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ الْمَرُّوذِيِّ وَعِنْدِي أَنَّ الْبِرَّ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ صَلَوَاتِك عَدَدَ مَعْلُومَاتِك فَإِنَّهُ أَبْلَغُ فَيَكُونُ أَفْضَلَ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَاءِ زَمَانِنَا: إنَّ أَفْضَلَهُ مَا يُقَالُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ وَأَرَادَ بِهِ النَّوَوِيَّ فَإِنَّهُ اجْتَمَعَ بِهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَتَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ عَنْهُ فَوْقَ سِتِّينَ سَنَةً وَمَا قَالَهُ وَإِنْ كَانَ أَوْجَهَ مِمَّا قَالَهُ الْمَرُّوذِيُّ فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ مَعَ أَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ غَيْرِهِ إذْ الصَّلَاةُ الْمُشَبَّهَةُ بِصَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ ذُكِرَ أَبْلَغُ مِنْ غَيْرِهَا بِلَا رَيْبٍ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ الشَّرِيفَةِ إلَّا الْأَفْضَلَ.
وَيُقَالُ. (لِجِنْسِ قَاضِي الْبَلَدِ الْقَاضِي) فَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته إلَى الْقَاضِي حُمِلَ عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ دُونَ قُضَاةِ بَقِيَّةِ الْبِلَادِ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى الْمَعْهُودِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمَوْجُودَ عِنْدَ الْحَلِفِ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ عُزِلَ مَنْ كَانَ قَاضِيًا أَوْ مَاتَ وَوَلِيَ غَيْرُهُ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي لَا إلَى الْمَعْزُولِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَا يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي إلَّا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَحَلُّ الَّذِي يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاؤُهُ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضِيَانِ رَفَعَ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: هَذَا إذَا كَانَا قَاضِيَيْنِ فِي جَمِيعِ الْبَلَدِ فَإِنْ اخْتَصَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنَاحِيَةٍ مِنْهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ قَاضِي الشِّقِّ الَّذِي فِيهِ فَاعِلُ الْمُنْكَرِ وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ إذَا دَعَاهُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ إذْ رُفِعَ الْمُنْكَرُ إلَى الْقَاضِي مَنُوطٌ بِإِخْبَارِهِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي لَا بِوُجُوبِ إجَابَةِ فَاعِلِهِ وَلَوْ نَكِرَ فَقَالَ: إلَّا رَفَعْته إلَى قَاضٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ قَاضِي الْبَلَدِ.
(وَلَوْ أَشَارَ) إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ إلَى هَذَا الْقَاضِي. (أَوْ سَمَّاهُ) بِأَنْ قَالَ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ. (فَالرَّفْعُ رَأَوْا لَهُ) أَيْ: رَأَوْا الرَّفْعَ إلَيْهِ وُجُوبًا لِيَبَرَّ وَقَوْلُهُ أَوْ سَمَّاهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلَوْ دَرَى) أَيْ: عَلِمَ الْقَاضِي. (بِهِ) أَيْ: بِالْمُنْكَرِ قَبْلَ رَفْعِهِ إلَيْهِ. (أَوْ عُزِلَا) وَرَفَعَهُ إلَيْهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَرَادَ عَيْنَ الشَّخْصِ وَذَكَرَ الْقَضَاءَ تَعْرِيفًا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ أَطْلَقَ تَغْلِيبًا لِلْعَيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ الْيَمِينَ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْعَيْنِ وَكُلٌّ مِنْ الْوَصْفِ وَالْإِضَافَةِ يَطْرَأُ وَيَزُولُ
ــ
[حاشية العبادي]
كُلَّمَا ذَكَرَك الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا سَهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنْ ذِكْرِ رَسُولِهِ وَالسَّهْوَ عَنْ ذِكْرِ رَسُولِهِ أَكْثَرُ مِنْ السَّهْوِ عَنْ ذِكْرِهِ وَقَضِيَّةُ أَنَّ هَذَا أَبْلَغُ أَنَّهُ أَفْضَلُ.
(قَوْلُهُ: قُلْت النَّوَوِيُّ هُنَا مَالَ إلَى مَا فِي تَشَهُّدِ الصَّلَاةِ) أَيْ إلَى أَنَّهُ الْأَفْضَلُ أَوْ أَفْضَلِيَّتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ السَّلَامِ إلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ الْقَمُولِيُّ إلَخْ) الْقَائِلُ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّ صَلَاةَ اللَّهِ عَلَى إبْرَاهِيمَ صَلَاةٌ مُتَكَرِّرَةٌ دَائِمَةٌ لِظُهُورِ أَنَّ رَحْمَتَهُ إيَّاهُ مُتَكَرِّرَةٌ لَا تَنْقَطِعُ. (قَوْلُهُ: أَبْلَغُ مِنْ غَيْرِهَا بِلَا رَيْبٍ) قِيلَ أَبْلَغِيَّتُهَا هُنَا تُجْبِرُ دَوَامَهَا اهـ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بَلْ مِنْ جُمْلَةِ أَبْلَغِيَّتِهَا هُنَا دَوَامُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَبْلَغِيَّتَهَا بِالدَّوَامِ وَغَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْحَلِفَ خَارِجَهُ فِي نَحْوِ مَزَارِعِهِ كَالْحَلِفِ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَلَا فِي نَحْوِ مَزَارِعِهِ وَلَا فِي بَلَدٍ آخَرَ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى قَاضِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إلَيْهِ أَوْ عَلَى أَيِّ قَاضٍ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ) إلَى قَوْلِهِ لَا بِوُجُوبِ إجَابَةِ فَاعِلِهِ زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ نَاحِيَةُ الْحَالِفِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَلَدُهُ اهـ قِيلَ: وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ بَلْ لَيْسَ مَنُوطًا إلَّا بِمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إزَالَتِهِ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَيْهِ وَهَذَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهَا فَالرَّفْعُ إلَيْهِ كَالْعَدَمِ. اهـ. قُلْت: قَدْ يُنَازِعُ فِي هَذَا الْجَوَابِ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ نَكِرَ الْقَاضِي فَقَالَ: إلَى قَاضٍ حَيْثُ يَبَرُّ بِالرَّفْعِ لِغَيْرِ قَاضِي الْبَلَدِ مَعَ أَنَّ الْفَاعِلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَةُ غَيْرِ قَاضِي الْبَلَدِ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ التَّعْرِيفِ الْمَعْهُودُ وَالْمَعْهُودُ فِي كُلِّ شِقٍّ إنَّمَا هُوَ قَاضِيهِ لَكِنَّ هَذَا بَعْدَ تَمَامِهِ مَعْنًى آخَرُ غَيْرَ مَا نَظَرَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَرَى بِهِ) أَوْ كَانَ فَاعِلُ الْمُنْكَرِ نَفْسَ ذَلِكَ الْقَاضِي
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَفَاتَهُ) أَيْ الْبَارِزِيِّ. (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ إلَخْ) أَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي حَلَفَ فِيهِ) أَيْ: لَا بَلَدِ الْحَالِفِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ بَلَدِ الْحَلِفِ. اهـ. م ر وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ قَاضِي بَلَدِ الْمُنْكَرِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَلَدُ الْحَالِفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute