للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْشَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الرَّفْعِ وَقْتَ الْبُرْءِ بِأَنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا الْبُرْءُ صُدِّقَ الْجَارِحُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (وَإِنْ يُصَدَّقْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: الْجَرِيحُ أَيْ صَدَّقَهُ الْجَارِحُ عَلَى أَنَّ الرَّفْعَ كَانَ بَعْدَ الْبُرْءِ، أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ (فَثَلَاثٌ) مِنْ الْأُرُوشِ تَجِبُ

(وَدَخَلَ فِي) دِيَةِ (النَّفْسِ كُلُّ) أَيْ: بَدَلُ كُلٍّ مِنْ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْأَجْرَامِ، وَالْمَعَانِي (إنْ سَرَتْ) أَيْ: الْجِنَايَاتُ إلَى النَّفْسِ (أَوْ مَنْ فَعَلٌ حَزَّ) أَيْ، أَوْ حَزِّ الرَّقَبَةِ مَثَلًا مَنْ جَنَى عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ قَبْلَ الْبُرْءِ (إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ وَصْفَاهُمَا) أَيْ: الْحَزِّ، وَالْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ فَلَا يَجِبُ إلَّا دِيَتُهَا لِوُجُوبِهَا قَبْلَ تَقَرُّرِ بَدَلِ مَا دُونَ النَّفْسِ فَيَدْخُلُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ وَصْفَاهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَمْدًا، وَالْآخَرُ خَطَأً؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ إنَّمَا يَلِيقُ بِحَالِ الْإِنْفَاقِ؛ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْوَصْفِ، أَوْ لَمْ يَخْتَلِفَا وَحَزُّ الْجَانِي بَعْدَ الْبُرْءِ، أَوْ حَزَّ غَيْرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْبُرْءِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَسَقْطَةٍ مِنْ عُلْوٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَأَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ إذْ لَا تَعَلُّقَ لِذَلِكَ بِفِعْلِ الْجَانِي بِخِلَافِ السِّرَايَةِ وَفَرَّقَ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اعْتِبَارِ التَّبَرُّعِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ مِنْ الثُّلُثِ لَوْ مَاتَ بِسُقُوطِهِ مِنْ عُلْوٍ بِأَنَّ التَّبَرُّعَ صَدَرَ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ الْمَوْتِ فَاسْتَمَرَّ حُكْمُهُ

(وَ) لَوْ حَصَلَ السِّرَايَةُ، أَوْ الْحَزُّ (فِي) حَالِ (ارْتِدَادٍ) مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فَلْيَجِبْ) عَلَى الْجَانِي (أَدْنَاهُمَا) أَيْ أَقَلُّ بَدَلَيْ النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا فَلَوْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ وَمَاتَ سِرَايَةً، أَوْ حَزَّ الْجَانِي رَقَبَتَهُ قَبْلَ الْبُرْءِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ مُهْدَرَةٌ، أَوْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَحَصَلَ ذَلِكَ فَدِيَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ لَمْ يَجِبْ إلَّا ذَلِكَ فَالرِّدَّةُ لَا تُوجِبُ زِيَادَةً وَكَذَا الْحُكْمُ فِي ذِمِّيٍّ نَقَضَ عَهْدَهُ، ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، أَوْ بِالْحَزِّ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْمَالَ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ فَقَالَ: (وَمَا سِوَى الشَّرْطِ لِنَفْسٍ يُشْتَرَطْ عِصْمَتُهَا فِعْلًا وَفَوْتًا وَوَسَطْ) بِالْوَقْفِ لُغَةُ رَبِيعَةَ أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ وَسَبَبٍ إذَا كَانَ عَمْدًا مَحْضًا يُوجِبُ الْقَوَدَ لِقَتْلِ النَّفْسِ الْمَعْصُومَةِ فِي حَالَةِ الْفِعْلِ، وَالْفَوْتِ، وَالْوَسَطِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: ١٧٨] الْآيَةَ فَخَرَجَ بِالْعِصْمَةِ الْحَرْبِيُّ وَنَحْوُهُ كَمَا عُرِفَ أَوَّلَ الْبَابِ وَبِأَحْوَالِهَا الْمَذْكُورَةِ مَا لَوْ انْتَفَتْ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا كَأَنْ رَمَى إلَى حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ، أَوْ إلَى مُرْتَدٍّ فَأَصَابَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ لَمْ يَعُدْ وَمَاتَ بِذَلِكَ لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِصْمَةُ حَالَتَيْ الْإِصَابَةِ، وَالْفَوْتِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ أَهْوَنُ أَمَّا الشَّرْطُ فَلَا يُوجِبُ الْقَوَدَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ وَلَا فِيمَا يُؤَثِّرُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَبَيْنَ ذِي رَبْطٍ عَلَى عَظْمَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى نَفْسٍ أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ يُوجِبُ الْقَوَدَ لِقَتْلِ النَّفْسِ وَلَا بِأَنَّهُ ذِي مَفْصِلٍ وَهُوَ مَوْضِعُ اتِّصَالِ عُضْوٍ بِعُضْوٍ عَلَى مُنْقَطِعِ عَظْمَيْن بِرِبَاطَاتٍ وَاصِلَةٍ بَيْنَهُمَا أَمَّا مَعَ دُخُولِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ كَالْمِرْفَقِ، وَالرُّكْبَةِ أَوْ لَا كَالْأُنْمُلَةِ، وَالْكُوعِ (وَ) لَا بِأَنَّهُ ذِي (مَقْطَعٍ) وَهُوَ مَا لَهُ حَدٌّ مَضْبُوطٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْصِلٌ (كَمَارِنٍ وَعَيْنِ) وَأُذُنٍ وَشَفَةٍ وَلِسَانٍ وَذَكَرٍ؛ لِأَنَّ لِذَلِكَ نِهَايَاتٌ مَضْبُوطَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى

ــ

[حاشية العبادي]

يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ الْأَرْشِ الثَّالِثِ عَلَى طَلَبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَحْلِيفَ الْجَانِي أَنَّ مَا رَفَعَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَنُكُولَهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَمِينَ الرَّدِّ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مَعَ النُّكُولِ كَالْإِقْرَارِ، أَوْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً) تُرَاجَعُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ وَدَلِيلُهَا (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْجَارِحُ بِيَمِينِهِ) قَدْ يُقَالُ: أَيُّ حَاجَةٍ لِلْيَمِينِ مَعَ فَرْضِ عَدَمِ الْإِمْكَانِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ مُجَرَّدُ الْبُعْدِ عَادَةً وَبِهَذَا يَقْرَبُ قَوْلُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى الظَّاهِرُ نَعَمْ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ رُدَّ الْيَمِينُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هَلْ يَسُوغُ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ صَالِحَةٌ (فَرْعٌ)

وُجِدَ الْحَاجِزُ مُرْتَفِعًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْجَانِي: أَنَا رَفَعْته، أَوْ تَآكَلَ وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: بَلْ أَنَا رَفَعْته قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: الظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ مِنْ تَصْدِيقِ الْجَانِي بِيَمِينِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ فِيمَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَمَاتَ وَزَعَمَ الْجَانِي أَنَّهُ مَاتَ سِرَايَةً وَلَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ وَخَالَفَهُ الْوَلِيُّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ الْإِمْكَانِ هُنَا بَعْدَ ذَلِكَ عَادَةً وَهُنَاكَ اسْتِحَالَتُهُ عَادَةً فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِلْفَرْقِ لِاسْتِوَاءِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ أَنَّهُ اسْتَصْحَبَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَ مَا وَقَعَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: وَبِأَحْوَالِهَا) أَيْ الْعِصْمَةِ وَقَوْلُهُ: مَا لَوْ انْتَفَتْ أَيْ: الْعِصْمَةُ وَقَوْلُهُ: فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَيْ: أَحْوَالِ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ) أَيْ: رَمَى إلَى مُسْلِمٍ فَأَصَابَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ: وَعَادَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنُ ذِي) أَيْ: إبَانَةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَمِينَهُ لِدَفْعِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَهُوَ أَرْشٌ وَاحِدٌ وَيَكْفِي فِيهِ دَفْعُ النَّقْصِ عَنْ أَرْشَيْنِ فَكَأَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاحِدٍ

(قَوْلُهُ: وَلَا بِأَنَّهُ ذِي مِفْصَلٍ) خَرَجَ بِالْإِبَانَةِ الْحَزُّ فِي الْمَفْصِلِ كَالْكُوعِ، أَوْ نَحْوِهِ بِأَنْ قَطَعَ بَعْضَهُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي قَطْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمِفْصَلَ مَجْمَعُ الْعُرُوقِ، وَالْأَعْصَابِ الْمُخْتَلِفَةِ فَلَا يُوثَقُ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلِإِبَانَةِ ذِي مَقْطَعٍ) مِثْلُ الْإِبَانَةِ هُنَا الْحَزُّ فِيهِ بِلَا إبَانَةٍ لِتَيَسُّرِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَهُ حَدٌّ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالْمَقْطَعِ الْحَدُّ الْمَضْبُوطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>