بَعْضُ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَهَلْ يُوَزَّعُ عَلَى حُرُوفِ أَكْثَرِهِمَا حُرُوفًا، أَوْ أَقَلِّهِمَا وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ قَالَ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْجَانِي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْيَقِينُ انْتَهَى وَلَوْ قِيلَ بِالتَّوْزِيعِ عَلَى جَمِيعِ حُرُوفِ اللُّغَتَيْنِ لَكَانَ أَقْرَبَ وَعَلَيْهِ لَوْ أَبْطَلَ إحْدَى اللُّغَتَيْنِ وُزِّعَ عَلَى الْجَمِيعِ وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الدِّيَةِ إنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُرُوفِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا
(فَرْعٌ)
ذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ شَفَتَيْهِ فَأَذْهَبَ الْبَاءَ، وَالْمِيمَ فَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ يَجِبُ مَعَ دِيَتِهِمَا أَرْشُ الْحَرْفَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْوَكِيلِ لَا يَجِبُ غَيْرُ دِيَتِهِمَا كَمَا لَوْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (تَنْبِيهٌ)
لَا يَخْتَصُّ إيجَابُ الْقِسْطِ بِبَعْضِ الْجُرْمِ، وَالْحُرُوفِ بَلْ كُلُّ بَعْضٍ ضُبِطَ مِنْ الْمَعَانِي يَجِبُ قِسْطُهُ (وَ) أَوْجَبَ (الْأَكْثَرَ) مِنْ قِسْطَيْ الْجُرْمِ وَمَا يُحْسِنُهُ إذَا تَفَاوَتَا (لِلِّسَانِ) أَيْ: لِقَطْعِهِ فَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ، أَوْ عَكَسَ لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ كَمَا لَوْ أَبْطَلَ الْبَطْشَ بِقَطْعِ بَعْضِ الْأَصَابِعِ تَجِبُ الدِّيَةُ وَلَوْ قَطَعَ الْخِنْصَرَ، وَالْبِنْصِرَ مَثَلًا لَزِمَهُ خُمُسَا الدِّيَةِ وَإِنْ فَاتَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْخُمْسَيْنِ وَلَوْ تَسَاوَتْ نِسْبَةُ الْجُرْمِ، وَالْكَلَامِ كَأَنْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِ لَمْ يَجِبْ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ
(وَحُطَّ) مِنْ دِيَةِ الْجُرْمِ (نَقْصُو كُلِّ جِرْمٍ ذِي دِيَهْ) سَوَاءٌ كَانَ بِجِنَايَةٍ، أَوْ لَا فَلَوْ قَطَعَ يَدًا نَاقِصَةَ أُصْبُعٍ حُطَّ مِنْ دِيَتِهَا أَرْشُهُ وَخَرَجَ بِذِي دِيَةٍ أَيُّ أَرْشِ مُقَدَّرِ جُرْمٍ لَا مُقَدَّرَ لَهُ كَفِلْقَةٍ مِنْ لَحْمِ أُنْمُلَةٍ فَلَا يُحَطُّ بِنَقْصِهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْشِ الْيَدِ وَإِنْ حَصَلَ بِجِنَايَةٍ وَقُدِّرَ وُجُوبُ حُكُومَةٍ فِيهِ لِلشَّيْنِ نَعَمْ إنْ أَثَّرَ الْحَاصِلُ بِالْجِنَايَةِ فِي الْمَعْنَى حُطَّ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ: (وَوَاجِبُ الْجِنَايَةِ الْمُبْتَدِيَهْ) أَيْ: وَحُطَّ مِنْ دِيَةِ غَيْرِ الْجُرْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي أَيْ: مِنْ دِيَةِ الْمَعْنَى وَاجِبُ جِنَايَةٍ أُخْرَى سَابِقَةٍ سَوَاءٌ أَوْجَبَتْ دِيَةً، أَمْ حُكُومَةً فَلَوْ أَبْطَلَ بَطْشَ يَدٍ نَاقِصَةِ الْبَطْشِ بِجِنَايَةٍ حُطَّ مِنْ دِيَتِهِ وَاجِبُ النَّقْصِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِيمَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ كَكَوْنِهِ أَرَتَّ، أَوْ أَلْثَغَ خِلْقَةً، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا حَطَّ بَلْ تَجِبُ بِكَمَالِهَا لِعُسْرِ تَتَبُّعِ مِقْدَارِ الْمَعَانِي وَانْتِفَاءِ مُضَاعَفَةِ الْغُرْمِ
(وَعَدَدُ الْأَرْشِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: إنْ بَقِيَ مُفْهِمٌ أَيْ: كَلَامٌ مُفْهِمٌ (قَوْلُهُ: بَعْضُ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا) خَرَجَ بَعْضُ حُرُوفِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْأَكْثَرُ فَوَاضِحٌ، أَوْ الْأَقَلُّ لَمْ يَظْهَرْ التَّوْزِيعُ عَلَى الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ بِالْجِنَايَةِ لَيْسَ فِيهَا فَلَا ارْتِبَاطَ حَتَّى يُنْسَبَ إلَيْهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الدِّيَةِ إنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُرُوفِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَ، أَمَّا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) مِنْ اعْتِبَارِ أَكْثَرِهِمَا، أَوْ أَقَلِّهِمَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ إذْ أَبْطَلَ بَعْضَ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَيْ: إذْ أَبْطَلَ إحْدَى اللُّغَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِيَّةِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الَّتِي أَبْطَلَهَا الْعَرَبِيَّةَ وَجَبَ الدِّيَةُ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ:، وَقَالَ ابْنُ الْوَكِيلِ: إلَخْ) وَإِلَّا وُجِّهَ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَافْتَرَقَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ إلَخْ) لَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتُصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ رُبْعُ الْكَلَامِ كَانَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَلَوْ ذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ بِرّ؛ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْقِصَاصِ مُهْدَرَةٌ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: تَجِبُ الدِّيَةُ) فَقَدْ وَجَبَ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَاتَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْخُمْسَيْنِ فَقَدْ وَجَبَ الْأَكْثَرُ) وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا فَاتَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَكْثَرُ مِنْ الْخُمْسَيْنِ وَجَبَ الْأَكْثَرُ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ بِجِنَايَةٍ أَمْ لَا) يُعْلَمُ بِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ: الْآتِي فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ الْفَرْقُ بَيْنَ نَقْصِ الْجُرْمِ وَنَقْصِ الْمَعْنَى بِلَا جِنَايَةٍ (قَوْلُهُ: كَفَلَقَةٍ مِنْ لَحْمِ أُنْمُلَةٍ) إنْ كَانَ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بَعْضُ حُرُوفِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَكَانَ ذِكْرُ الْبَعْضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَمَّا لَوْ اخْتَصَّ بَعْضُ الَّذِي بَطَلَ بِلُغَةٍ، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ بِأُخْرَى فَيُعْتَبَرُ وَاجِبُ كُلِّ حَرْفٍ بِالتَّوْزِيعِ عَلَى حُرُوفِ لُغَةٍ هُوَ مِنْهَا كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ بَلْ تَرْجِيحُ مُقَابِلِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْسِنْ إلَّا تِلْكَ اللُّغَةَ الْقَلِيلَةَ لَكَانَ التَّوْزِيعُ عَلَيْهَا فَضَمُّ الْغَيْرِ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَقْتَضِ زِيَادَةً لَا يَقْتَضِي نَقْصًا اهـ.
(قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ) مَشَى عَلَيْهِ م ر وَحَمَلَهُ ع ش تَبَعًا لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى مَا إذَا كَانَ اللُّغَتَانِ غَيْرَ عَرَبِيَّتَيْنِ أَمَّا لَوْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَهَا فَالتَّوْزِيعُ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَعِبَارَةُ ق ل يُوَزَّعُ عَلَى غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ قَلَّتْ، أَوْ كَثُرَتْ وَعَلَى أَكْثَرِ اللُّغَتَيْنِ لِمَنْ عَرَفَهُمَا إنْ كَانَ الْحَرْفُ الَّذِي أُزِيلَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَعَلَى لُغَةٍ هُوَ مِنْهَا وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا زي الْعَرَبِيَّةَ مُطْلَقًا مَتَى اجْتَمَعَتْ مَعَ غَيْرِهَا اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا زي إلَخْ لَعَلَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَرْفُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ قَلَّتْ عَنْ الْأُخْرَى، أَوْ كَثُرَتْ (قَوْلُهُ: عَلَى جَمِيعِ حُرُوفِ اللُّغَتَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَطَلَ حَرْفٌ مُشْتَرَكٌ، ثُمَّ مَعْنَى التَّوْزِيعِ عَلَى جَمِيعِ حُرُوفِ اللُّغَتَيْنِ أَنْ تُجْعَلَ الدِّيَةُ لِجَمِيعِ حُرُوفِ اللُّغَتَيْنِ فَلَوْ أَبْطَلَ إحْدَى اللُّغَتَيْنِ كَانَتْ كَأَنَّهَا بَعْضُ حُرُوفِ لُغَةٍ وَاحِدَةٍ فَتُؤْخَذُ دِيَتُهَا بِاعْتِبَارِ التَّوْزِيعِ عَلَى جَمِيعِ حُرُوفِ اللُّغَتَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْتَرِكَا إلَخْ) فَإِنْ اشْتَرَكَا وَجَبَ دِيَةُ مَا عَدَا الْمُشْتَرَكَ لِبَقَائِهِ إذْ الْفَرْضُ بَقَاءُ اللُّغَةِ