للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ مُبَاشَرَةُ الرَّدِّ وَتَحَمُّلُ مُؤْنَتِهِ بَلْ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَالِكِ بِشَرْطِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَبْضِ فَلَوْ حُجَرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ كَانَ نَائِمًا فَوَضَعَهَا فِي يَدِهِ لَمْ يَكْفِ وَلَوْ أَوْدَعَهُ جَمَاعَةٌ مَالًا وَقَالُوا إنَّهُ مُشْتَرَكٌ ثُمَّ طَلَبَهُ بَعْضُهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَسْلِيمُهُ وَلَا قِسْمَتُهُ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْإِيدَاعِ فَكَذَا فِي الِاسْتِرْدَادِ بَلْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَقْسِمَهُ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ نَصِيبَهُ وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمَا بِإِتْمَامِ الْغَرَضِ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي إنْشَاءِ الْغَرَضِ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يُنْشِئَ التَّطَهُّرَ، وَالْأَكْلَ، وَالصَّلَاةَ الَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا أَوْ نَحْوُهَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ بَعِيدَةً عَنْ مَجْلِسِهِ (أَوْ مَعْ ذَا) أَيْ طَلَبِ الْمَالِكِ لَهَا (جَحَدْ) أَيْ جَحَدَهَا الْمُودَعُ فَيَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ صَارَ خَائِنًا بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا جَحَدَهَا بِدُونِ طَلَبِ الْمَالِكِ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لِي عِنْدَك وَدِيعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْسِكْهَا لِنَفْسِهِ.

وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِي الْجَحْدُ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَأَنْ يُرِيدَ بِهِ زِيَادَةَ الْحِرْزِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ (ثُمَّ) بَعْدَ جَحْدِهِ لَهَا مَعَ طَلَبِ الْمَالِكِ لَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً بِهَا أَوْ اعْتَرَفَ بِهَا وَادَّعَى رَدَّهَا قَبْلَ الْجُحُودِ أَوْ بَعْدَهُ (اسْتَمِعْ) أَنْتَ (بَيِّنَةً) تَشْهَدْ (لَهُ بِرَدْ) هـ لَهَا عَلَى مَالِكِهَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا نَسِيَ ثُمَّ تَذَكَّرَ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِشَيْءٍ لَا بَيِّنَةَ لِي ثُمَّ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ وَسَوَاءٌ جَحَدَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ أَمْ لُزُومَ تَسْلِيمِ شَيْءٍ إلَيْهِ (قُلْتُ وَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْحَاوِي هُنَا مِنْ أَنَّ بَيِّنَةَ الرَّدِّ تُسْمَعُ بَعْدَ الْجَحْدِ هُوَ (الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَهْ مُنَاقِضًا) لِذَلِكَ (فِي آخِرِ الْوَكَالَهْ) مِنْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ

فَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا بِلَا بَيِّنَةٍ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمُنْكِرَ اللُّزُومِ فِي الرَّدِّ) كَأَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُنِي رَدُّ شَيْءٍ إلَيْك أَوْ مَالَك عِنْدِي شَيْءٌ (اقْبَلْ) قَوْلَهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِيَمِينِهِ إذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ بِخِلَافِ مُنْكِرِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ إنْكَارِ اللُّزُومِ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ يَوْمَ الْجَحْدِ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الرَّوْضَةِ فِي الدَّعَاوَى أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِجَوَابِهِ بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ لَا التَّسْلِيمُ ثُمَّ قَالَ وَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ مَا فِي الْوَدِيعَةِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى تَلَفَهَا فَإِنْ ادَّعَى وُقُوعَهُ قَبْلَ الْجَحْدِ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ أَوْ بَعْدَ الْجَحْدِ ضَمِنَهَا لِخِيَانَتِهِ بِالْجَحْدِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَدْ حَكَيْنَا فِي الْمُرَابَحَةِ فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْتُ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ أَنَّ الْأَصْحَابَ فَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ وَجْهًا مُحْتَمَلًا فِي الْغَلَطِ أَوْ بَيْنَ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمِثْلِهِ هُنَا، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا مُتَّجِهَةٌ انْتَهَى.

وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ هُنَاكَ مُعَارِضٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ فَاحْتِيجَ إلَى التَّأْوِيلِ لِيَجْتَمِعَ هَذَا مَعَ ذَاكَ وَإِنْكَارُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ تَلَفِهَا فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ مُحْتَمَلٍ، الْوَدِيعَةُ أَصْلُهَا ثَابِتٌ بِتَوَافُقِهِمَا وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِ الْعَيْنِ قَبْلَ الْجُحُودِ فَتُسْمَعُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ مَبْنَى الْوَدِيعَةِ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَالْقَصْدِ بِالدَّعْوَى فِيهَا بِمَا ذُكِرَ دَفْعُ الضَّمَانِ فَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ فِيهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَافْتَقَرَ سَمَاعُهَا فِيهِ إلَى تَأْوِيلٍ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ لَكِنَّهُ يَضْمَنُ الْبَدَلَ إنْ جَحَدَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ كَالْغَاصِبِ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمَالِكِ عَلَى الْأَصَحِّ

(أَوْ قَالَ) لَهُ الْمَالِكُ (رُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ لِي فَلَمْ يَرُدَّ الْمَالَ مَعَ تَمَكُّنِهْ) مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِالرَّدِّ إلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ) لَوْ أَسْنَدَ الرَّدَّ لِبُعْدِ الْإِنْكَارِ فِي قَوْلِهِ مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ لَمْ يُقْبَلْ لِتَنَاقُضِهِ بَلْ وَمِثْلُهُ إنْكَارُ لُزُومِ التَّسْلِيمِ قُلْته بَحْثًا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ إلَخْ بِرّ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْجَحْدِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْجَحْدُ لِأَصْلِ الْإِيدَاعِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: ثَابِتٌ بِتَوَافُقِهِمَا) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا أَنْكَرَ اللُّزُومَ لَا أَصْلَ الْإِيدَاعِ، وَالْعِبَارَةُ السَّابِقَةُ شَامِلَةٌ لِلْأَمْرَيْنِ بَلْ ظَاهِرَةٌ فِي الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَضْمَنُ الْبَدَلَ) هَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِ وُقُوعَ التَّلَفِ بَعْدَ الْجَحْدِ وَلَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ جَحْدِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ وَغَيْرِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى وُقُوعَ التَّلَفِ بَعْدَ الْجَحْدِ صُدِّقَ لَكِنْ يَضْمَنُ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ جَحَدَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ ضَمِنَ أَوْ اللُّزُومُ فَلَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ (فَرْعٌ)

وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْجَاحِدِ أَوْ أَقَرَّ وَادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ قَبْلَهُ نُظِرَتْ فَإِنْ قَالَ فِي جُحُودِهِ لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي صُدِّقَ أَوْ لَمْ يُؤَدِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

إنْ عَرَفَهَا وَأَمْكَنَتْهُ فِرَارًا مِنْ الْكَذِبِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ) أَيْ بَيْنَ إنْكَارِ لُزُومِ الرَّدِّ وَإِنْكَارِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُنْكِرِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ) أَيْ: لَا يُقْبَلُ جَوَابُهُ بِذَلِكَ وَفِي شَرْحِ م ر، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الِاكْتِفَاءُ فِي جَوَابِهِ بِلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا لِتَضَمُّنِهِ دَعْوَى تَلَفِهَا أَوْ رَدِّهَا اهـ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ قَالَ سم وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ إنْكَارَ أَصْلِ الْإِيدَاعِ يَمْنَعُ قَبُولَ دَعْوَى الرَّدِّ، وَالتَّلَفِ فَكَيْفَ يُقْبَلُ مَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَأَمَّا دَعْوَاهُ التَّلَفَ فَيُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ سم عَلَى التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَعَمْ عَلَيْهِ حَمْلُهَا إلَيْهِ فِي رَدِّهَا بَعْدَ جَحْدِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلُ مَا فِي الْوَدِيعَةِ) أَيْ حَتَّى يَكْتَفِيَ بِجَوَابِهِ هَذَا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ الرَّدَّ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّخْلِيَةِ مَجَازًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُنْكِرِ هُوَ التَّخْلِيَةُ

(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ ادَّعَى تَلَفَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ حَجَرٍ وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ لَهَا بِأَنْ قَالَ لَمْ تُودِعْنِي يَمْنَعُ قَبُولَ دَعْوَاهُ الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ الْمُسْقِطَ لِلضَّمَانِ قَبْلَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُصِ اهـ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْجُحُودِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ لَكِنْ يَضْمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سم (قَوْلُهُ مُعَارِضٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ) أَيْ مُعَارَضَةً صَرِيحَةً وَقَوْلُهُ: غَيْرُ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ لِأَنَّ لَمْ تُودِعْنِي غَيْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>