للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَبْطًا غَيْرَ مُحْكَمٍ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الرَّبْطِ يَشْمَلُ الْمُحْكَمَ وَغَيْرَهُ وَلَفْظُ الْبَيْتِ مُتَنَاوِلٌ لِكُلٍّ مِنْ زَوَايَاهُ، وَالْعُرْفُ لَا يُخَصِّصُ مَوْضِعًا مِنْهُ وَبِأَنَّ جِهَاتِ الرَّبْطِ مُخْتَلِفَةٌ وَجِهَاتِ الْبَيْتِ مُسْتَوِيَةٌ فَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافُهَا فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْقُرْبِ مِنْ الشَّارِعِ وَنَحْوِهِ فَقَدْ يُقَالُ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ وَبِهَذَا فَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُمَّ قَالَ، وَالْحَقُّ إنْ اسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ عَلَى وَجْهِهِ لِأَنَّ الرَّبْطَ فِي الْكُمِّ حِرْزٌ كَيْفَ كَانَ وَلَا يَجِبُ الْحِفْظُ فِي الْأَحْرَزِ

(أَوْ ضُيِّعَتْ) أَيْ الْوَدِيعَةُ (بِأَنْ يَدُلَّ) عَلَيْهَا (الْمُودَعُ مُصَادِرًا) لِلْمَالِكِ (أَوْ سَارِقًا) وَيُعَيِّنُ لَهُ مَوْضِعَهَا فَتَضِيعُ بِذَلِكَ السَّبَبِ لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ الْحِفْظَ بِخِلَافِ مَا إذَا ضَاعَتْ بِغَيْرِهِ أَوْ بِهِ لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا وَبِخِلَافِ مَا إذَا دَلَّ عَلَيْهَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهَا وَلَوْ قَالَ لَا تُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا فَخَالَفَ فَسَرَقَهَا مُخْبَرُهُ أَوْ مُخْبَرُ مُخْبَرِهِ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا لِلْمُخَالَفَةِ (أَوْ يَضَعُ) أَيْ الْوَدِيعَةَ (فِي غَيْرِ حِرْزِ الْمِثْلِ) لَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا (أَوْ يَنْسَاهَا) فَتَضِيعُ بِالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا، وَالتَّحَرُّزُ عَنْ أَسْبَابِ تَلَفِهَا (كَالْحُكْمِ) فِيمَا (لَوْ سَلَّمَهَا) لِظَالِمٍ (إكْرَاهَا) فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِتَسْلِيمِهِ (لَكِنْ قَرَارُهُ) أَيْ الضَّمَانِ (عَلَى مَنْ يَظْلِمُ) أَيْ عَلَى الظَّالِمِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهَا عُدْوَانًا فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ بَلْ أَخَذَهَا الظَّالِمُ قَهْرًا فَلَا يَضْمَنُهَا كَالسَّرِقَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ هَذَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهَا الظَّالِمَ مُكْرَهًا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا كَالْمُحْرِمِ إذَا دَلَّ عَلَى صَيْدٍ لَا يَضْمَنُهُ تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ بِالدَّلَالَةِ مُضَيِّعٌ لَهَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ لِلْيَدِ، وَالْتِزَامِ الْحِفْظِ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَرَارًا فِي الضَّمَانِ لَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا أَصْلًا (وَلْيُخْفِهَا) وُجُوبًا (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الظَّالِمِ بِالْإِنْكَارِ (وَمَيْنًا) أَيْ وَكَذِبًا (يُقْسِمُ) جَوَازًا لِحِفْظِهَا إنْ حَلَّفَهُ الظَّالِمُ (وَكُفِّرَتْ) يَمِينُهُ أَيْ يَلْزَمُهُ كَفَّارَتُهَا لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهَا وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَلَوْ وَقَعَ فِي الْحِرْزِ حَرِيقٌ فَقَدَّمَ أَخْذَ مَتَاعِهِ فَاحْتَرَقَتْ الْوَدِيعَةُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ قَدَّمَ وَدِيعَةً عَلَى أُخْرَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْوَدَائِعِ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ الِابْتِدَاءُ بِهِ أَمَّا إذَا أَمْكَنَ الِابْتِدَاءُ بِغَيْرِهِ فَيَخْرُجُ عَلَى مَا إذَا قَالَ اُقْتُلْ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ بِخِلَافِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ مَتَاعِهِ عَلَى الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ (أَوْ دُونَ إتْمَامِ غَرَضْ مَاطَلَ) أَيْ لَوْ مَاطَلَ (فِي تَخْلِيَةٍ) بَيْنَ الْمَالِكِ، الْوَدِيعَةِ بِدُونِ إتْمَامِ غَرَضٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا (إنْ اعْتَرَضْ) أَيْ تَعَرَّضَ (مَالِكُهَا لِلرَّدِّ) بِأَنْ طَلَبَهَا مِنْهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّخْلِيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَبِ فَإِنْ مَاطَلَ لِإِتْمَامِ غَرَضٍ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ طَهَارَةٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ يُخَافُ هَرَبَهُ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يَطُولُ زَمَنُهُ أَوْ لِغَيْرِ إتْمَامِ غَرَضٍ لَكِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا مَالِكُهَا لَمْ يَضْمَنْهَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ.

وَإِطْلَاقُ الْمَطْلِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا طَلَبَ مَجَازٌ سَلِمَ مِنْهُ تَعْبِيرُ الْحَاوِي بِالتَّأْخِيرِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمَا بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا بِالتَّأْخِيرِ لِتَعَسُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهَا كَأَنْ يَكُونَ بِاللَّيْلِ وَهِيَ بِخِزَانَةٍ لَا يَتَأَتَّى فَتْحُ بَابِهَا إذْ ذَاكَ أَوْ يَكُونَ ثَمَّ مَطَرٌ وَهِيَ بِمَكَانٍ آخَرَ بَعِيدٍ وَعَبَّرَا بِالتَّخْلِيَةِ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيُعَيِّنُ لَهُ مَوْضِعَهَا) ثُمَّ قَوْلُهُ: بَعْدُ أَوْ بِهِ لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَادِرِ، وَالسَّارِقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ لَا غَيْرُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ سَنَدُهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ أَفْرَدَ الرَّوْضُ مَسْأَلَةَ الْمُصَادِرِ وَقَيَّدَهَا فِي شَرْحِهِ بِهَذَا الْقَيْدِ ثُمَّ صَرَّحَ بِمُحْتَرَزِهِ.

(قَوْلُهُ: فَيَضِيعُ بِالنِّسْيَانِ) مِنْهُ أَنْ يَدْفَعَهَا فِي حِرْزٍ ثُمَّ يَنْسَاهُ جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ بِرّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِعَدَمِ فِطْرِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ أَضْيَقُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ آخِذًا لَهَا لَا مَحَالَةَ سَوَاءٌ سَلَّمَهَا الْمُكْرَهُ أَمْ لَا فَلَا ضَمَانَ وَتَسْلِيمُهُ كَلَا تَسْلِيمٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ مَمْنُوعٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْحِفْظُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَجْهُ الْحِفْظِ، وَالْبَيْتُ فِي قَوْلِهِ ضَعْهُ فِي بَيْتِك كَالْكُمِّ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهُ إلَّا أَنَّ الْوَضْعَ نَفْسُهُ لَيْسَ حِرْزًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَالرَّبْطِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ ع ش: إنَّ الْوَضْعَ فِي زَوَايَا الْبَيْتِ كَالرَّبْطِ لِأَنَّ الْوَضْعَ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي الزَّوَايَا بِخِلَافِ الرَّبْطِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَفْظَ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ الرَّبْطَ.

(قَوْلُهُ: وَلَفْظَ الْبَيْتِ إلَخْ) أَيْ، وَالْوَضْعُ شَامِلٌ لِأَيِّ فَرْدٍ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِبَعْضِ أَفْرَادِهِ بِخِلَافِ الرَّبْطِ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ جِهَاتِ الرَّبْطِ مُخْتَلِفَةٌ) فَلِلْعُرْفِ دَخْلٌ فِي تَخْصِيصِهِ بِالْمُحْكَمِ وَإِنْ شَمِلَ لَفْظُهُ غَيْرَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْتُ إذْ لَا دَخْلَ لِلْعُرْفِ فِي تَخْصِيصِ بَعْضِ زَوَايَا وَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافُهَا بِنَاءً وَقُرْبًا مِنْ الشَّارِعِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ حِرْزٌ كَيْفَ كَانَ) قَدْ يُمْنَعُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ حِرْزٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَتَضِيعُ بِذَلِكَ السَّبَبِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَخْرَجَ الدَّابَّةَ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ حَيْثُ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْخَوْفِ إنَّ إخْرَاجَهَا جِنَايَةٌ عَلَيْهَا نَفْسِهَا فَاقْتَضَتْ الضَّمَانَ بِخِلَافِ الدَّلَالَةِ فَإِنَّهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ الْوَدِيعَةِ لَا تُعَدُّ جِنَايَةً. اهـ. م ر وع ش.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الْإِفْطَارِ مُكْرَهًا أَنَّ مَا هُنَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَمِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَذَاكَ حَقُّ اللَّهِ وَمِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: وَمَيْنًا إلَخْ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ التَّوْرِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>