بَدَلَ الْمَأْخُوذِ بِالْبَاقِي خَلَطْ) أَيْ أَوْ خَلَطَ بَدَلَ مَا أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِالْبَاقِي مِنْهَا بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ (فَكُلُّهُ) أَيْ الْمَالِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ خَلَطَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنْ تَمَيَّزَ (أَوْ) خَلَطَ (عَيْنَهُ) أَيْ الْمَأْخُوذَ بِالْبَاقِي (فَذَا) أَيْ الْمَأْخُوذُ يَضْمَنُهُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْبَاقِي فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَأْخُوذِ لَا يَزُولُ بِرَدِّ بَدَلِهِ وَلَا بِرَدِّ عَيْنِهِ
(وَ) يَضْمَنُ (الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ الْمَالِ أَيْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ (إنْ أَتْلَفَ) مِنْهُ (بَعْضًا اتَّصَلْ) بِبَعْضِهِ الْآخَرَ كَقَطْعِ طَرَفِ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ (بِالْعَمْدِ) أَوْ شَبَهِهِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى الْكُلِّ فَإِنْ أَتْلَفَ بَعْضًا مُنْفَصِلًا كَدِرْهَمٍ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مُتَّصِلًا لَكِنْ خَطَأً ضَمِنَ الْمُتْلَفَ فَقَطْ لِاقْتِصَارِ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ تَعَدِّيهِ فِي غَيْرِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا تَسْوِيَتَهُمْ الْخَطَأَ بِالْعَمْدِ فِي الضَّمَانِ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي ضَمَانِ الْإِتْلَافِ كَمَا فِي الْبَعْضِ الْمُتْلَفِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا فِي ضَمَانِ التَّعَدِّي كَمَا فِي الْبَاقِي فِيهَا إذْ لَا تَعَدِّيَ فِيهِ (أَوْ بِخُلْفِهِ) أَيْ مُخَالَفَتِهِ فِي كَيْفِيَّةِ الْحِفْظِ الْمَأْمُورِ بِهِ (الْهُلْكُ) لِلْمَالِ (حَصَلْ كَالنَّوْمِ فَوْقَهُ) أَيْ كَأَنْ نَامَ فَوْقَ ظَرْفِهِ كَصُنْدُوقٍ (بِنَهْيٍ) أَيْ مَعَ نَهْيِ الْمَالِكِ لَهُ عَنْ نَوْمِهِ فَوْقَهُ (وَسُرِقْ) أَيْ الْمَالُ (فِي الْبَرِّ مِنْ حَيْثُ) بِجِيمٍ وَنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ أَوْ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَمُثَنَّاةِ تَحْتٍ وَمُثَلَّثَةٍ (رُقَادًا يَسْتَحِقْ) أَيْ مِنْ جَنْبٍ أَوْ مَكَان يَسْتَحِقُّ الرُّقَادَ فِيهِ عَادَةً فَيَضْمَنُ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الْهِلَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ رَقَدَ عَلَيْهِ بِلَا نَهْيٍ فَسُرِقَ وَلَوْ مِنْ جَنْبٍ يَرْقُدُ فِيهِ عَادَةً إذْ لَا مُخَالَفَةَ أَوْ نَهَاهُ فَرَقَدَ فَوْقَهُ فِي بَيْتٍ مُحْرَزٍ فَسُرِقَ وَلَوْ مِنْ جَنْبٍ يَرْقُدُ فِيهِ عَادَةً أَوْ فِي بَرِّيَّةٍ فَسُرِقَ مِنْ جَنْبٍ لَا يَرْقُدُ فِيهِ عَادَةً لِأَنَّهُ زَادَ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَحْصُلْ الْهَلَاكُ بِفِعْلِهِ.
وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لَهُ لَا تَفْعَلْ عَلَيْهِ أَوْ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ قُفْلَيْنِ فَخَالَفَ وَعَطَفَ عَلَى النَّوْمِ قَوْلَهُ (أَوْ عَيَّنَ) الْمَالِكُ (الرَّبْطَ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَالْأَمْرُ بِالرَّبْطِ أَيْ وَكَأَمْرِهِ بِرَبْطِ الْمَالِ (بِكُمٍّ) لَهُ (فَصَحِبْ) أَيْ فَصَحِبَهُ (بِكَفِّهِ وَضَاعَ مِنْهُ) بِاسْتِرْخَاءِ يَدِهِ بِنَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ فَيَضْمَنُ إذْ لَوْ رَبَطَهُ مَا ضَاعَ بِهَذَا السَّبَبِ فَالضَّيَاعُ حَصَلَ بِالْمُخَالَفَةِ (لَا) إنْ (غُصِبْ) مِنْهُ فَلَا يَضْمَنْهُ لِأَنَّ الْكَفَّ أَحْرَزُ مِنْ الرَّبْطِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَصْبِ، وَالرَّبْطُ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّيَاعِ بِالسُّقُوطِ (أَوْ دَاخِلًا يَرْبِطُهُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّهَا أَيْ أَوْ رَبَطَهُ بِكُمِّهِ كَمَا أَمَرَهُ الْمَالِكُ لَكِنْ رَبَطَهُ دَاخِلَ الْكُمِّ بِأَنْ جَعَلَ الْخَيْطَ الرَّابِطَ دَاخِلَهُ (فَضَاعَ) مَا فِيهِ بِالسُّقُوطِ (أَوْ) رَبَطَهُ (مِنْ خَارِجِ فُطِّرَ) الْكُمِّ أَيْ قَطَعَهُ الطَّرَّارُ وَأَخَذَ مَا فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِيهِمَا لِتَنَاثُرِ الْمَالِ بِالِانْحِلَالِ فِي الْأُولَى وَتَنْبِيهِ الطَّرَّارِ وَإِغْرَائِهِ عَلَيْهِ لِسُهُولَةِ قَطْعِهِ أَوْ حَلِّهِ حِينَئِذٍ فِي الثَّانِيَةِ.
(وَالْعَكْسَ نَفَوْا) أَيْ وَنَفَوْا الضَّمَانَ فِي عَكْسِ ذَلِكَ بِأَنْ أَخَذَهُ الطَّرَّارُ فِي الْأُولَى وَضَاعَ بِالسُّقُوطِ فِي الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ تَنْبِيهِ الطَّرَّارِ فِي الْأُولَى وَبَقَاءِ الْمَالِ فِي الْكُمِّ فِي الثَّانِيَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ مُطْلَقُ الرَّبْطِ وَقَدْ أَتَى بِهِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى جِهَةِ التَّلَفِ وَبِأَنَّهُ لَوْ قَالَ احْفَظْهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَوَضَعَهُ فِي زَاوِيَةٍ مِنْهُ فَانْهَدَمَتْ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى لَسَلِمَ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الرَّبْطَ لَيْسَ كَافِيًا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ فُرِضَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَضَمُّنِهِ الْحِفْظَ وَلِهَذَا لَوْ رَبَطَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إلَخْ) مِنْ ثَمَّ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ جَوَانِبُ الصُّنْدُوقِ كُلُّهَا صَالِحَةً لِلرُّقَادِ فِيهَا فَلَا ضَمَانَ بِنَوْمِهِ فِي أَعْلَاهُ؛ لِأَنَّ الْجَنْبَ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلنَّوْمِ فِيهِ نَعَمْ إنْ عَيَّنَهُ الْمَالِكُ كَأَنْ قَالَ ثَمَّ أَمَامَهُ فَخَالَفَ وَسُرِقَ مِنْ أَمَامِهِ ضَمِنَ بِرّ (قَوْلُهُ: أَيْ وَكَأَمْرِهِ بِرَبْطِ الْمَالِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالرَّبْطِ فِي الْكُمِّ وَلَا يَحْفَظُهَا فِي يَدِهِ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالرَّبْطِ فِي الْكُمِّ اهـ وَالتَّعْلِيلُ الْآتِي رُبَّمَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ بِرَقَدَ يُجَابُ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ قَاصِرٌ وَلِعُمُومِ الْحُكْمِ عِلَّةٌ أُخْرَى (تَنْبِيهٌ)
قَالَ فِي الرَّوْضِ بَعْدَ مِثْلِ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَيْ بِرَبْطِهَا فِي كُمِّهِ وَلَا بِإِمْسَاكِهَا فِي يَدِهِ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ فِيمَا سَبَقَ وَإِنْ أَوْدَعَهُ فَوَضَعَهَا فِي الْكُمِّ بِلَا رَبْطٍ أَيْ وَسَقَطَتْ وَهِيَ خَفِيفَةٌ ضَمِنَ أَوْ ثَقِيلَةٌ فَلَا اهـ وَقَوْلُهُ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ فِيمَا سَبَقَ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ فَسَقَطَتْ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ ضَمِنَ لِأَنَّهُ لَوْ رَبَطَهَا لَمْ تَضِعْ بِهَذَا السَّبَبِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ ثَقِيلَةٌ فَلَا؛ لِأَنَّ قِيَاسَهُ الضَّمَانُ فِي الثَّقِيلَةِ أَيْضًا لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَهُوَ لَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَأَمْسَكَهَا بِيَدِهِ فَسَقَطَتْ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ ضَمِنَ فَكَذَا إذَا وَضَعَهَا فِي الْكُمِّ فَسَقَطَتْ بِذَلِكَ إذْ الْكُمُّ بِلَا رَبْطٍ كَالْيَدِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ الضَّمَانَ فِيمَا إذَا أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ فَسَقَطَتْ بِمَا إذَا كَانَتْ خَفِيفَةً فَلَا ضَمَانَ فِي الثَّقِيلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ دَاخِلًا يَرْبِطُهُ إلَخْ) صَنِيعُهُ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْمُخَالَفَةِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ إلَّا بِتَكَلُّفٍ بِرّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رَبَطَهُ بِكُمِّهِ كَمَا أَمَرَهُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ عَلَيْهِ كُمٌّ وَاحِدٌ أَوْ إلَّا عَلَى إنْ تَعَدَّدَ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْكِيسِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَنَقَلَهُ الْمُحَشِّي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: فَكُلُّهُ يَضْمَنُ) أَيْ يَضْمَنُ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ وَأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَيَصِيرُ الْمَخْلُوطُ مِلْكًا لِلْخَالِطِ كَمَا فِي الْغَصْبِ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: بِمَالِ نَفْسِهِ) لَيْسَ قَيْدًا فِي الْحُكْمِ فَلَوْ خَلَطَهَا بِمَالِ غَيْرِهِ وَلَا تَمْيِيزَ مَلَكَ الْجَمِيعَ وَهُوَ غَاصِبٌ لَهُ
(قَوْلُهُ: الْكُمُّ) أَيْ الْمَعْقُودُ طَرَفُهُ فِي طَرَفِ الْآخَرِ عَلَى قَفَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا تَسَبُّبَ مِنْهُ هُنَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ دَلَالَةِ الطَّرَّارِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فِيمَا يَرَاهُ
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الرَّبْطَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ حِرْزٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَغَرَضُ الْمُودِعِ