للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَحْجُبُهَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ: الْأَصَحُّ خِلَافُهُ لِمَا قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ قُرْبَى كُلِّ جِهَةٍ تَحْجُبُ بُعْدَاهَا وَلِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ حِكَايَةُ الْقَوْلَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّرْتِيبِ عَلَى خِلَافِ الِاتِّحَادِ فِي الرَّاجِحِ مِنْهُ قَالَ: وَمَنْ أَكْثَرَ النَّظَرَ فِي كُتُبِ الْقَوْمِ لَا يَتَوَقَّفْ فِيمَا صَحَّحْنَاهُ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِحَجْبِ الْقُرْبَى لِلْبُعْدَى حَجْبُهَا لَهَا مِنْ جِهَتِهَا لَا مُطْلَقًا فَلَوْ نَكَحَ ابْنُ بِنْتِ هِنْدٍ بِنْتَ بِنْتِ بِنْتِهَا عَمْرَةَ فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا وَمَاتَ عَنْ هِنْدٍ وَعَمْرَةَ لَا تَحْجُبُ عَمْرَةُ هِنْدًا وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهَا مِنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهَا تُسَاوِيهَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ.

(وَ) أَمَّا (بِنْتُ الِابْنِ فَبِالِابْنِ حُجِبَتْ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبَاهَا لِقُرْبِهِ، وَقَدْ عُلِمَ حَجْبُهَا بِأَبِيهَا مِمَّا مَرَّ أَيْضًا (كَذَاك) تُحْجَبُ أَيْضًا (بِالْبِنْتَيْنِ) لِاسْتِكْمَالِهِمَا الثُّلُثَيْنِ (لَا إنْ عُصِّبَتْ) وَلَوْ بِمَنْ أَسْفَلَ مِنْهَا فَتَرِثُ مَعَهُ بِتَعْصِيبِهِ لَهَا كَمَا مَرَّ وَكَذَا بَنَاتُ ابْنِ الِابْنِ يُحْجَبْنَ بِابْنِ الِابْنِ وَبِبِنْتَيْ الِابْنِ إلَّا أَنْ يُعْصَبْنَ.

(وَوَلَدُ الْأَصْلِ) وَهُوَ الْأَخُ وَالْأُخْتُ وَالْعَمُّ مِنْ أَيْ جِهَةٍ كَانُوا (بِالِابْنِ يُحْجَبُ وَبِابْنِهِ) وَإِنْ نَزَلَ (وَحَاجِبٌ لَهُ الْأَبُ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا فَيُحْجَبُ بِثَلَاثَةٍ الِابْنِ وَابْنِهِ وَالْأَبِ بِالْإِجْمَاعِ وَبَعْضُ مَنْ دَخَلَ فِي وَلَدِ الْأَصْلِ يُحْجَبُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهِ فَقَالَ (وَوَلَدٌ لِلْأَبِ) يُحْجَبُ أَيْضًا (بِالْمُعَصِّبِ) أَيْ بِعَصَبَةٍ (مِنْ وَلَدِ الْأَصْلَيْنِ) أَيْ (أُمٍّ وَأَبِ) لِقُوَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا مَعَ أُنْثَى أَوْ دُونَهَا أَمْ أُنْثَى مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ.

(وَالْأُخْتُ مِنْ أَبٍ) تُحْجَبُ أَيْضًا (بِأُخْتَيْنِ إذَا مَا كَانَتَا لِلْأَبِ وَالْأُمِّ) لِاسْتِكْمَالِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَمَا زَائِدَةٌ (وَذَا إذْ مَالَهَا مِنْ أُخُوَّةٍ سَاوَوْا أَحَدْ) أَيْ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَحَدٌ مِنْ الْإِخْوَةِ يُسَاوِيهَا وَإِلَّا وَرِثَتْ بِتَعْصِيبِهِ لَهَا كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِالْإِخْوَةِ بَنُوهُمْ فَلَا تُعَصَّبُ الْأُخْتُ بِهِمْ بِخِلَافِ بِنْتِ الِابْنِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ سَاوَوْا إيضَاحٌ وَقَوْلُهُ مِنْ إخْوَةٍ حَالٌ مِنْ أَحَدٍ إذْ وَصْفُ النَّكِرَةِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا انْتَصَبَ بِالْحَالِيَّةِ.

(وَوَلَدُ الْأُمِّ) يُحْجَبُ أَيْضًا (بِفَرْعٍ) وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَبِجَدْ) وَإِنْ عَلَا كَمَا يُحْجَبُ بِالْأَبِ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ يُحْجَبُ بِالِابْنِ وَابْنِهِ مَعَ دُخُولِهِمَا فِي الْفَرْعِ فَفِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا وَدَلِيلُ حَجْبِهِ بِهَؤُلَاءِ آيَةُ {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} [النساء: ١٢] أَيْ مِنْ الْأُمِّ كَمَا مَرَّ، وَالْكَلَالَةُ اسْمٌ لِوَرَثَةٍ لَا وَالِدَ فِيهِمْ وَلَا وَلَدَ بِدَلِيلِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا مَرِيضٌ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ لَا يَرِثُنِي إلَّا كَلَالَةٌ فَكَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي فَلَمْ يُجِبْنِي حَتَّى نَزَلَتْ {يَسْتَفْتُونَكَ} [النساء: ١٧٦] الْآيَةَ» وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَالِدٌ وَلَا وَلَدٌ.

(وَالْإِرْثُ شَرْطُ الْحَجْبِ) فَمَنْ لَا يَرِثُ إنْ كَانَ لِمَانِعٍ بِهِ لَا يَحْجُبُ غَيْرَهُ حِرْمَانًا وَلَا نُقْصَانًا بِالْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي أَوْ لِحَجْبِهِ بِغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ (إلَّا فِي) تِسْعِ (صُوَرْ) إحْدَاهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أُخُوَّةٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ (بِكَثْرَةٍ كَمَا ذَكَرْ) أَيْ الْحَاوِي كَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِأُخُوَّةٍ مَنْ زَادَ عَلَى وَاحِدٍ كَاثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (وَأَبَوَيْنِ) فَالِاثْنَانِ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ مَعَ أَنَّهُمَا مَحْجُوبَانِ بِالْأَبِ وَقَوْلُهُ كَمَا ذُكِرَ تَكْمِلَةٌ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِأَخَوَيْنِ لِتَنَاوُلِهِ أُخْتَيْنِ وَخُنْثَيَيْنِ وَأَخًا وَأُخْتًا وَأَحَدَهُمَا وَخُنْثَى لَكِنْ فِي تَعْبِيرِهِ بِكَثْرَةِ مَا قَدَّمْته (ثَنِّ) مِنْ الصُّوَرِ (بِالْأُمِّ وَجَدْ وَوَلَدَيْ أُمٍّ) فَيَحْجُبَانِهَا إلَى السُّدُسِ مَعَ أَنَّهُمَا مَحْجُوبَانِ بِالْجَدِّ (وَثَلِّثْ بِوَلَدْ مِنْهَا وَمَنْ لِوَالِدٍ وَوَالِدِهْ) أَيْ وَبِأَخٍ لِأَبَوَيْنِ (أَوْ لِأَبٍ مَعْ ذَيْنِ) أَيْ الْأُمِّ وَالْجَدِّ فَالْأَخَوَانِ يَحْجُبَانِهَا إلَى السُّدُسِ مَعَ أَنَّ وَلَدَ الْأُمِّ مَحْجُوبٌ بِالْجَدِّ (وَالْمُعَادَدَهْ) بِفَكِّ الْإِدْغَامِ لِلْوَزْنِ صُورَةٌ (رَابِعَةٌ) كَجَدٍّ وَأَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٍ لِأَبٍ فَيَحْجُبَانِ الْجَدَّ مِنْ النِّصْفِ إلَى الثُّلُثِ كَمَا مَرَّ مَعَ أَنَّ وَلَدَ الْأَبِ مَحْجُوبٌ بِوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ.

(قُلْت وَخَمِّسْهَا بِأَخْ)

ــ

[حاشية العبادي]

فَإِنَّهَا دَائِمًا تُدْلِي بِالْقُرْبَى بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَمَاتَ) أَيْ الْوَلَدُ لِأَنَّهَا تُسَاوِيهَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَيْ أَبِي الْوَلَدِ فَإِنَّهَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ كَمَا أَنَّهَا أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ فَبَيْنَ الْوَلَدِ وَبَيْنَ هِنْدٍ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَاسِطَتَانِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرَةَ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ وَاسِطَتَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بَيْنَ هِنْدٍ وَبَيْنَهُ شَخْصَانِ كَمَا أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرَةَ اثْنَيْنِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ) أَيْ الْمُعَصِّبُ (قَوْلُهُ: أَمْ أُنْثَى مَعَ بِنْتٍ) لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ عَصَبَةٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِكْمَالِهَا الثُّلُثَيْنِ) بِخِلَافِهَا مَعَ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ الْوَاحِدَةِ فَتَأْخُذُ مَعَهَا السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ.

(قَوْلُهُ: إيضَاحٌ) هَلَّا جُعِلَ احْتِرَازًا عَنْ الْأُخُوَّةِ لِأَبَوَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْأُمِّ إلَخْ) حَاصِلُ الْحُكْمِ فِي وَلَدِ الْأُمِّ أَنَّهُ يُحْجَبُ بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ الْوَارِثَيْنِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: مَا قَدَّمْته) فِي بَحْثِ مُسْتَحِقِّ الثُّلُثَيْنِ مِنْ أَنَّ اسْمَ الْكَثْرَةِ لَا يَقَعُ عَلَى اثْنَيْنِ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ سَابِقًا بِخِلَافِ بُعْدَى الْأُمِّ كَأُمِّ أُمِّ أُمٍّ لَا تُحْجَبُ بِقُرْبَى الْأَبِ كَأُمِّ أَبٍ عَلَى أَظْهَرْ الْقَوْلَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْهَائِمِ مِنْ اتِّحَادِ الْجِهَةِ هُنَا بِخِلَافِهَا ثَمَّةَ فَإِنَّ جِهَةَ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ غَيْرُ جِهَةِ أُمَّهَاتِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْأُمُومَةِ الْمُنْتَهِيَةِ إلَى الْآبَاءِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِنْتُ بِنْتِ بِنْتِهَا) هِيَ بِنْتُ خَالَتِهِ (قَوْلُهُ: تُسَاوِيهَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَوَلَدٌ لِلْأَبِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ أُخْتًا مَعَ مَنْ يُعَصِّبُهَا.

(قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِالْأُخُوَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>