للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصْلِ، وَإِنْ عَلَا (مِنْ وَلَدٍ لِيَخْدُمَا) فَيُكْرَهُ لَهُ قَبُولُهَا كَمَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِلْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِخْدَامَهُ مَكْرُوهٌ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِاسْتِعَارَتِهِ لِذَلِكَ تَوْفِيرَهُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ

(وَ) كُرِهَ (أَنْ يُعِيرَ) الشَّخْصُ (مِنْ كَفُورٍ) أَيْ كَافِرٍ (مُسْلِمَا كَرَهْنِ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ رَهْنُ جَارِيَةٍ (حَسْنَاءَ مِنْ الْقَلِيلِ تُقَاهْ) أَيْ مِنْ الْفَاسِقِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي إلَّا إذَا شَرَطَ وَضْعَهَا عِنْدَ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَقَدْ يُقَالُ: عَدْلٌ إلَى مَا قَالَهُ عَنْ عِبَارَةِ الْحَاوِي لِيَشْمَلَ مَنْ قَلَّتْ تَقْوَاهُ وَلَيْسَ بِفَاسِقٍ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْعَارِيَّةُ (بِالْإِيجَابِ) مِنْ الْمُعِيرِ (وَالْقَبُولِ) مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا

وَيُكْتَفَى (بِلَفْظِهِ) أَيْ بِلَفْظِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (مِنْ طَرَفٍ وَفِعْلِ) لِلْآخَرِ (مِنْ طَرَفٍ) آخَرَ كَأَنْ يَقُولَ أَعَرْتُكَ هَذَا فَيَأْخُذُهُ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ يَقُولُ أَعِرْنِيهِ فَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ الْمُعِيرُ كَمَا فِي إبَاحَةِ الطَّعَامِ فَلَا يَكْفِي الْفِعْلُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ اللَّفْظِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَتَسَلَّمَهُ فِي ظَرْفٍ فَالظَّرْفُ عَارِيَّةٌ وَمَا لَوْ انْتَفَعَ الْمُهْدَى إلَيْهِ بِظَرْفِ الْهَدِيَّةِ حَيْثُ كَانَتْ بِلَا مُقَابِلٍ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهَا كَأَكْلِ الطَّعَامِ مِنْ الصَّحْنِ فَالظَّرْفُ عَارِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِمُقَابِلٍ فَأَمَانَةٌ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ فَغَاصِبٌ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الضَّمَانَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فَأَمَّا قَبْلَهُ فَأَمَانَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ مُقَابِلٍ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْهِبَةِ وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فِي ذَلِكَ فَرَجَّحَ أَنَّ ذَلِكَ هِبَةٌ لِمَنْفَعَةِ الظَّرْفِ لَا إعَارَةٌ لَهُ كَمَا أَنَّ هِبَةَ مَنَافِعِ الدَّارِ لَيْسَتْ إعَارَةً لِلدَّارِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ وَهَبَ الْمَنَافِعَ بِخِلَافِهِ هُنَا

(وَفِي) قَوْلِهِ: (أَعَرْتُ إبِلِي) مَثَلًا (مِنْكَ لِكَيْ تُعِيرَنِي)

ــ

[حاشية العبادي]

وَقَضِيَّةُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْفَارِقِيِّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ وَالِدَهُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ كَانَ الْمَكْرُوهُ الْقَبُولَ دُونَ الْإِيجَابِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: وَكُرِهَتْ إعَارَةُ الْأَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الْفَاسِقِ) قَالَ فِي الْإِسْعَادِ بَعْدَ التَّوْطِئَةِ لِتَحْرِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا نَصُّهُ فَتَخْصِيصُ الْحَاوِي كَالْوَجِيزِ الْكَرَاهَةُ بِالْفَاسِقِ مُنْتَقَدٌ لِأَنَّهُمَا إنْ أَرَادَ الْكَرَاهَةَ فِي الْعَقْدِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْقَوْلِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْجَارِيَةَ الْحَسْنَاءَ لَا يَجُوزُ رَهْنُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَحْرَمًا لِلْمُرْتَهِنِ فَهُوَ لَمْ يَخُصَّ الْفَاسِقَ بَلْ عَمَّمَ، وَإِنْ أَرَادَ التَّعْبِيرَ عَمَّا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ فَلَا تُفِيدُ عِبَارَتُهُمَا إذَا الْمَشْهُورُ جَوَازُ الرَّهْنِ مُطْلَقًا وَمَنْعُ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهَا لِلْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا إلَّا عَدْلًا لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ غَيْرُهَا فَإِنْ كَانَ عَدْلًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَوْ فَاسِقًا لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَيْسَ لَهُ لَمْ يَجُزْ وَضْعُهَا عِنْدَهُ فَإِنْ اُشْتُرِطَ وَضْعُهَا عِنْدَهُ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ يَفْسُدُ بِمِثْلِهِ الْعَقْدُ اهـ

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا شَرَطَ إلَخْ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ هَذَا التَّفْصِيلُ بِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ مَا ذَكَرَ لَا تُوضَعُ عِنْدَهُ بَلْ عِنْدَ نَحْوِ مُحَرَّمٍ أَوْ امْرَأَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الرَّهْنِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يُشْتَرَطَ أَنْ تُوضَعَ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَ لَا عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ تَزُولُ بِهِ الْخَلْوَةُ كَزَوْجَتِهِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الْإِسْعَادِ (قَوْلُهُ: فَأَمَانَةٌ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ) كَانَ وَجْهُ الْفَسَادِ عَدَمَ صِيغَةِ إيجَارٍ وَعَدَمَ تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَةِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا إجَارَةٌ بَاطِلَةٌ لَا فَاسِدَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا تَابِعٌ لِعَقْدِ الْهَدِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ بِعِوَضٍ لَا تَكُونُ إلَّا بِلَفْظٍ فَهُنَاكَ إيجَابٌ تَقْدِيرِيٌّ تَبَعًا (قَوْلُهُ: كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ بِطَرَفِ الْمَبِيعِ إذَا تَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي فِيهِ حَيْثُ جُعِلَ عَارِيَّةً وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ هُنَا بِالْأَكْلِ مِنْ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ قُدِّرَ أَنَّ عِوَضَهَا مُقَابِلٌ لَهَا مَعَ مَنْفَعَةِ ظَرْفِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْمَبِيعِ فَكَانَ عَارِيَّةً فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ اهـ

وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَظْهَرُ هَذَا الْجَوَابُ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فِي ظَرْفِهِ فَإِنْ تَسَلَّمَهُ فِيهِ نَظِيرَ الْأَكْلِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ وَلَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِاسْتِعْمَالِ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ فِي الْأَكْلِ مِنْهُ أُجْرَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمَنَافِعُ الْمَوْهُوبَةُ هُنَا نَظِيرَ الطَّعَامِ الْمُهْدَى، ثُمَّ وَالدَّارُ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْمَنَافِعِ نَظِيرَ الظَّرْفِ ثَمَّ فَلِمَ كَانَ الظَّرْفُ عَارِيَّةً هُنَاكَ دُونَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ نَظِيرُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَنَافِعَ الدَّارِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ اسْتِيفَاؤُهَا بِغَيْرِ اسْتِعْمَالِهِ الدَّارَ كَانَتْ هِبَتُهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الْخِلَافُ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ إلَخْ) فَإِنَّهَا لَا تُوضَعُ عِنْدَ الْعَدْلِ أَيْضًا إلَّا إنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي إبَاحَةِ الطَّعَامِ) قِيَاسٌ صَحِيحٌ عَلَى ضَعِيفٍ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي الْإِبَاحَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اللَّفْظِ اهـ دَمْهُوجِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ انْتَفَعَ إلَخْ) ، أَمَّا قَبْلَ انْتِفَاعِهِ بِهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ م ر وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّرْفَ أَمَانَةٌ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ مُطْلَقًا وَمَغْصُوبٌ بِالِاسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا وَعَارِيَّةٌ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُعْتَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِوَضٌ وَإِلَّا فَمُؤَجَّرٌ إجَارَةً فَاسِدَةً اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ بِمُقَابَلٍ فَأَمَانَةٌ إلَخْ) فَرَّقَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ظَرْفِ الْمَبِيعِ بِأَنَّهُ لَمَّا اُعْتِيدَ الْأَكْلُ مِنْ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ قُدِّرَ أَنَّ عِوَضَهَا مُقَابِلٌ لَهَا مَعَ مَنْفَعَةِ ظَرْفِهَا بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ وَهَبَ الْمَنَافِعَ) أَيْ وَالْعَارِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ وَقَدْ فَاتَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>