بِغَيْبَتِهِمْ زَمَنًا طَوِيلًا يُقَالُ: اسْتَأْنَى بِالْأَمْرِ أَيْ: انْتَظَرَ بِهِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْمَعْنَى لَا إنْ نَقَصُوا فِي الْخُطْبَةِ، ثُمَّ عَادُوا إلَيْهَا قَرِيبًا وَلَمْ يَفُتْهُمْ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا كَمَا سَيَأْتِي لِسُكُوتِ الْخَطِيبِ، أَوْ إعَادَتِهِ لَهُمْ مَا، فَاتَهُمْ فَلَا تَبْطُلُ كَمَا لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ السَّلَامِ قَرِيبًا تَرْكَ رُكْنِ، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، أَوْ قَصَرَ لَكِنْ فَاتَهُمْ رُكْنٌ وَجَبَ اسْتِئْنَافُ الْخُطْبَةِ فِي الْأَوَّلِ لِفَقْدِ الْوَلَاءِ الَّذِي فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ وَإِعَادَةُ الرُّكْنِ فِي الثَّانِي لِفَوْتِ مَقْصُودِ الْخُطْبَةِ، وَهُوَ السَّمَاعُ (لَا) إنْ عَادَ (بَدَلٌ) أَيْ: بَدَلُهُمْ، وَلَوْ عَنْ قُرْبٍ، فَلَا تَصِحُّ، بَلْ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ لِفَقْدِ السَّمَاعِ، فَقَوْلُهُ: لَا بَدَلَ عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ عَادُوا وَقَوْلُهُ: (وَلَمْ يَفُتْهُمْ رُكْنُ) عَطْفٌ عَلَى وَلَمْ يَسْتَأْنُوا وَمَرْجِعُ طُولِ الْفَصْلِ وَقُرْبِهِ الْعُرْفُ، وَفِي إطْلَاقِ الْعَوْدِ عَلَى حُضُورِ الْبَدَلِ تَجَوُّزٌ حَسَّنَهُ تَبَعِيَّتُهُ قَبْلَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ حَضَرَ بَدَلَ عَادَ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً أَطْلَقُوا الْعَوْدَ عَلَى ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَدْ عَادَ عَلَيَّ مِنْ فُلَانٍ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ بِمِثْلِهِ وَعَطْفُ عَلَى لَا فِي خُطْبَةِ عَادُوا قَوْلُهُ: (وَلَا إذَا هُمْ فِي الصَّلَاةِ ذَهَبُوا) أَيْ: وَلَا إنْ ذَهَبُوا فِي الصَّلَاةِ (فَعَنْ قَرِيبٍ) مِنْ ذَهَابِهِمْ (أَرْبَعُونَ خُطِبُوا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ يَفُتْهُمْ رُكْنٌ (قَوْلُهُ: وَإِعَادَةُ الرُّكْنِ إلَخْ.) عَطْفٌ عَلَى اسْتِئْنَافِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ إلَخْ.) لِوُجُودِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَفِي إطْلَاقِ إلَخْ.) الْعِبَارَةُ مِنْ بَابِ
عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا
وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا إذَا هُمْ فِي الصَّلَاةِ ذَهَبُوا إلَخْ.) مَحَلُّ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَيْ: قَبْلَ الرَّفْعِ مِنْ رُكُوعِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا بَطَلَتْ لِتَبَيُّنِ انْفِرَادِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الَّذِينَ جَاءُوهُمْ الَّذِينَ ذَهَبُوا، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ، بِإِدْرَاكِ الْإِمَامِ قَبْلَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ لِتَقَدُّمِ إحْرَامِ الذَّاهِبِينَ، فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرْته فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى
[حاشية الشربيني]
هَذَا التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادُوا إلَيْهَا) احْتَرَزَ بِعَادُوا عَمَّا إذَا خَلَفَهُمْ غَيْرُهُمْ فِي الْخُطْبَةِ، فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ كَمَا سَيَأْتِي بَلْ، وَإِنْ كَانَ الْخَلْفُ قَبْلَ الِانْفِضَاضِ لِلْأَوَّلِينَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ، وَالصَّلَاةِ فِيمَا يَأْتِي أَنَّ الِارْتِبَاطَ فِيهَا غَيْرُ تَامٍّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. اهـ. س ل. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادُوا إلَيْهَا قَرِيبًا) ؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ لَا يُعَدُّ قَاطِعًا لِلْمُوَالَاةِ. اهـ. م ر.
(قَوْلُهُ: قَرِيبًا) أَيْ: قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ مَا سَمِعُوهُ، وَقَبْلَ النَّقْصِ، وَمَا أَعَادَهُ لَهُمْ بَعْدَ مَجِيئِهِمْ، أَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ سُكُوتِهِ لِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ أَرْكَانِهَا (قَوْلُهُ: قَرِيبًا) بِأَنْ لَا يَبْلُغَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَمَا بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ م ر وع ش، وَتَقَدَّمَ عَنْ ق ل خِلَافُهُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ السَّمَاعِ) أَيْ: فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَلَوْ سَمِعُوهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ هَذَا هُوَ قِيَاسُ مَا قَالَهُ ق ل فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: فَعَنْ قَرِيبٍ إلَخْ. مِنْ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا إذَا هُمْ إلَخْ.) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، أَمَّا إذَا انْفَضُّوا، وَلَحِقَ أَرْبَعُونَ عَلَى الِاتِّصَالِ فَقَدْ قَالَ فِي الْوَسِيطِ: تَسْتَمِرُّ الْجُمُعَةُ لَكِنْ شُرِطَ هُنَا أَنْ يَكُونَ اللَّاحِقُونَ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا إذَا هُمْ فِي الصَّلَاةِ ذَهَبُوا إلَخْ.) تَرَكَ مَا ذَهَبُوا بَيْنَ الْخُطْبَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَذَكَرَهَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَحُكْمُهَا أَنَّهُمْ إنْ عَادُوا فَوْرًا أَدْرَكُوا الْجُمُعَةَ، وَلَوْ بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا فَإِنْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فَوْرًا، وَطَالَ الْفَصْلُ قَبْلَ عَوْدِهِمْ أَدْرَكُوا الْجُمُعَةَ أَيْضًا إنْ قَرَءُوا الْفَاتِحَةَ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مِنْ التَّبَاطُؤِ. اهـ. ق ل.
وَقَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فَوْرًا إلَخْ. أَيْ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ لِلْفَوْرِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ لِحُصُولِ الْمُوَالَاةِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَعَنْ قَرِيبٍ مِنْ ذَهَابِهِمْ) أَيْ: بِشَرْطِ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ، وَإِدْرَاكِ الْفَاتِحَةِ مَعَ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يُدْرِكْهَا الْأَوَّلُونَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَ بِلَا قُرْبٍ فَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى، وَأَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ، وَالرُّكُوعَ، وَسَمِعُوا الْخُطْبَةَ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ اسْتَمَرَّتْ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ عَنْ ح ل، وَنَازَعَ سم فِيمَا إذَا كَانَ الِانْفِضَاضُ بَعْدَ رُكُوعِ الْأُولَى، وَقَالَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ رُكُوعِ الْأُولَى، وَإِلَّا بَطَلَتْ لِتَبَيُّنِ انْفِرَادِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى قَالَ ح ل: وَإِحْرَامُهُمْ عَقِبَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ صَيَّرَهُمْ كَأَنَّهُمْ أَحْرَمُوا مَعَهُ، وَلَمْ يَحْصُلْ انْفِضَاضٌ، وَهَذَا عَامٌّ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ. اهـ. لَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ الرَّوْضِ يُوَافِقُ حَيْثُ قَيَّدَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ بِالْأُولَى فَأَخَذَ الشَّارِحُ مَفْهُومَهُ، وَقَالَ: تَبْطُلُ، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ لِتَبَيُّنِ انْفِرَادِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى بِانْفِرَادِهِمْ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ. فَإِنَّ مِثْلَ الثَّانِيَةِ مَا بَعْدَ رُكُوعِ الْأُولَى تَدَبَّرْ. وَنَازَعَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فِي وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ إنْ لَمْ يُدْرِكْهَا الْأَوَّلُونَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِ هَؤُلَاءِ بِخِلَافِ الْمُتَبَاطِئِينَ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَلْحَظَ أَنْ تَكُونَ رَكْعَةُ الْإِمَامِ الْأُولَى كُلُّهَا جَمَاعَةً، وَلَا تَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا بِمَا ذُكِرَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُقْصِرِ، وَغَيْرِهِ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْفَوْرِيَّةَ هُنَا بِالْمُنْفَضِّينَ فَارَقَ فَلْتُحَرَّرْ الْمَسْأَلَةُ (قَوْلُهُ: فَعَنْ قَرِيبٍ) ، وَفِي النَّاشِرِيِّ بِأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَمَنٌ مَحْسُوسٌ، وَقِيلَ إنْ فَاتَهُمْ الرُّكُوعُ لَمْ تَجُزْ، وَإِنْ أَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ جَازَ، وَإِنْ الْتَحَقُوا بِالْمَسْبُوقِينَ فَوَجْهَانِ (قَوْلُهُ: أَرْبَعُونَ) الْمَدَارُ عَلَى مَجِيءِ تِسْعَةٍ، وَثَلَاثِينَ غَيْرِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ: خُطِبُوا) أَيْ: سَمِعُوا خُطْبَةَ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَلَا يَكْفِي سَمَاعُهُمْ خُطْبَةَ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ق ل عَنْ ز ي، وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِ الْمَنْهَجِ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ أَيْ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الِانْفِضَاضِ. اهـ.
مِنْ هَامِشِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute