للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَأَنَّهُ قَالَ هُنَا: شَرْطُ الْجُمُعَةِ أَنْ تَجْرِيَ كُلُّهَا، أَوْ رَكْعَةٌ مِنْهَا فِي جَمَاعَةٍ وَشَرْطُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا كَشَرْطِهَا فِي غَيْرِهَا مِنْ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَالْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ وَعَدَمِ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ نَعَمْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فِيهَا نِيَّةُ الْجَمَاعَةِ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ ثَمَّةَ

خَامِسُهَا أَنْ تَجْرِيَ (بِأَرْبَعِينَ) رَجُلًا، وَلَوْ بِالْإِمَامِ فِي كُلٍّ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَالْجُمُعَةِ لِخَبَرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي الْمَدِينَةِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ قَبْلَ مَقْدِمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ فِي نَقِيعِ الْخَضِمَاتِ وَكُنَّا أَرْبَعِينَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ، وَالْأَصْلُ الظُّهْرُ، فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا بِعَدَدٍ ثَبَتَ فِيهِ تَوْقِيفٌ وَقَدْ ثَبَتَ جَوَازُهَا بِأَرْبَعِينَ وَثَبَتَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ تَثْبُتْ صَلَاتُهُ لَهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا تَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْهُ قَالَ: وَأَمَّا خَبَرُ انْفِضَاضِهِمْ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا اثْنَا عَشَرَ، فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ، بَلْ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُمْ أَوْ عَوْدُ غَيْرِهِمْ مَعَ سَمَاعِهِمْ أَرْكَانَ الْخُطْبَةِ، وَفِي مُسْلِمٍ «انْفَضُّوا فِي الْخُطْبَةِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «انْفَضُّوا فِي الصَّلَاةِ» وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْخُطْبَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ اشْتِرَاطُ الْجَمَاعَةِ، وَلَا الْعَكْسُ لِانْفِكَاكِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ أَمَّا الْعَدَدُ، فَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْضُرُ أَرْبَعُونَ مِنْ غَيْرِ جَمَاعَةٍ، وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ؛ فَلِأَنَّهَا الِارْتِبَاطُ الْحَاصِلُ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَهُوَ لَا يَسْتَدْعِي عَدَدَ الْأَرْبَعِينَ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (مُؤْمِنَا) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ شَرْطٌ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَالْقَصْدُ ذِكْرُ الْمُخْتَصِّ بِالْجُمُعَةِ (كُلِّفَ حُرًّا ذَكَرًا مُسْتَوْطِنَا) بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ أَيْ: (لَا يَظْعَنُ الْإِنْسَانُ مِنْهُمْ) شِتَاءً، وَلَا صَيْفًا (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ، فَلَا تَنْعَقِدُ بِالْكُفَّارِ، وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ، وَالْعَبِيدِ وَالْمُبَعَّضِينَ، وَالنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى لِنَقْصِهِمْ، وَلَا بِغَيْرِ الْمُسْتَوْطِنِينَ كَمَنْ أَقَامَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ إلَى بَلَدِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ وَلَوْ طَوِيلَةً كَالْمُتَفَقِّهَةِ وَالتُّجَّارِ لِعَدَمِ التَّوَطُّنِ، وَلَا بِالْمُسْتَوْطَنَيْنِ خَارِجَ بَلَدِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ سَمِعُوا النِّدَاءَ لِعَدَمِ الْإِقَامَةِ بِبَلَدِهَا وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ تَقَدُّمُ إحْرَامِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ لِتَصِحَّ لِغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ تَبَعٌ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي، وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّتُهَا لَهُ إذَا كَانَ إمَامًا فِيهَا مَعَ تَقَدُّمِ إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ضَرُورِيٌّ، فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الصِّحَّةُ، فَتَنْعَقِدُ بِالْمَرْضَى لِكَمَالِهِمْ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْهُمْ تَخْفِيفًا

ضَابِطُ النَّاسِ

ــ

[حاشية العبادي]

مَا قِيلَ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الْقَوْمُ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَقَامَ الْمَسْبُوقُ لِيَأْتِيَ، بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، فَاقْتَدَى آخَرُ فِيهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَخْ.) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا كَلَا مَخْصُوصٍ، بِغَيْرِ الْجَمَاعَةِ، بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ، وَنَوَى غَيْرَهَا

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ شَرْطٌ فِي كُلِّ صَلَاةٍ) أُجِيبَ، بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ اشْتِرَاطَهُ فِي الْخُطْبَةِ أَيْضًا، فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَجَانِينَ) لَا حَاجَةَ لِإِخْرَاجِهِمْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَخْتَصُّ، بِالْجُمُعَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ هُوَ قَرِيبًا بِرّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ تَقَدُّمُ إلَخْ.) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَدَمَ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ، بِجَوَازِ تَقَدُّمِ إحْرَامِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَمَنَعَ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ، بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى إمَامَةِ هَذَا الْإِمَامِ، فَضْلًا عَنْ تَقَدُّمِ إحْرَامِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: يَكْفِي فِي الْجَوَابِ أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاحْتِيَاجَ إلَيْهِ تَقَدَّمَ إحْرَامُهُ، فَلَا نَظَرَ لِلْأَفْرَادِ الْخَاصَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّتُهَا لَهُ) أَيْ: لِغَيْرِهِمْ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوَّلَ الْوَقْتِ أَنَّ جُمُعَتَهُ سَابِقَةٌ لَمْ يُقَارِنْهَا شَيْءٌ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ أَنْ تُجْزِئَهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الْجُمُعَةِ، وَلَا الظُّهْرِ. اهـ.

لَكِنْ سُنَّ صَلَاةُ الظُّهْرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ التَّعَدُّدَ مُطْلَقًا م ر (قَوْلُهُ: أَنْ يُعْلَمَ) أَوْ يُظَنَّ م ر كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ

(قَوْلُهُ: عَلَى الْإِمَامِ فِيهَا إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ، وَاجِبَةً عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِأَرْبَعِينَ) ، وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا، وَعَبْدًا، وَمُحْرِمًا بِصُبْحٍ، وَمَقْصُورَةٍ، وَصَبِيًّا، وَمُتَنَفِّلًا، وَمَجْهُولَ الْحَدَثِ، وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا تَمَّتْ لَهُمْ إنْ زَادَ لِوُجُودِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُتَطَهِّرًا، وَبَعْضُهُمْ مُحْدِثٌ فَتَصِحُّ لَهُ، وَلِلْمُتَطَهِّرَيْنِ مِنْ الْمُقْتَدِينَ، وَإِنْ كَانَ الْمُحْدِثُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، وَاسْتِشْكَالُ صِحَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِأَنَّ الْعَدَدَ شَرْطٌ، وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ فِي عَكْسِهِ فَكَيْفَ تَصِحُّ مَعَ فَوَاتِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ، بَلْ وُجِدَ، وَاحْتُمِلَ فِيهِ حَدَثُهُمْ لِأَنَّهُ مُبْتَدِعٌ، وَيَصِحُّ إحْرَامُهُ مُنْفَرِدًا فَاغْتُفِرَ لَهُ مَعَ عُذْرِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ لِلْمُتَطَهِّرِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ تَبَعًا. اهـ. شَرْحٌ فِي الرَّوْضِ بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ: بِأَرْبَعِينَ) قَالَ الْأَصْبَحِيُّ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِمُبَاهَاةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِعَدَدٍ، وَأَوْلَى الْأَعْدَادِ مَا أَظْهَرَ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ. اهـ. نَاشِرِيٌ (قَوْلُهُ: بِأَرْبَعِينَ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: نَقَلَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ قَوْلًا عَنْ الْقَدِيمِ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ إمَامٍ، وَمَأْمُومَيْنِ، وَلَمْ يُثْبِتْهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْإِمَامِ) رُدَّ لِقَوْلٍ آخَرَ لِلشَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَرْبَعُونَ غَيْرَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ الظُّهْرُ) فَالْجُمُعَةُ خِلَافُ الْأَصْلِ يُتْبَعُ فِيهَا مَا وَرَدَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ ثَبَتَ إلَخْ) هَذَا هُوَ التَّوْقِيفُ الْمُثْبِتُ لِلْجَوَازِ، وَبَقِيَ الْوُجُوبُ أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ: وَثَبَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْخُطْبَةِ) يَحْتَاجُ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُمْ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ أَوْ فَاتَهُمْ، وَأُعِيدَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ، وَهُوَ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: بَلْ يُحْتَمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُسْتَوْطِنًا إلَخْ) ، وَفِي الْمُقِيمِ فَقَطْ خِلَافُ الْأَصَحِّ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَجَانِينَ) ذَكَرَهُ لِتَتْمِيمِ الْمَفْهُومِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ كَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ إلَخْ) سَيَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>