للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّهُ الصَّحِيحُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا وَنَقَلَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَأَنْكَرَ نِسْبَةَ الْأَوَّلِ لِلْأَكْثَرِ قَالَ: وَقَدْ انْقَرَضَ عَصْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَلَا تَعَدُّدَ مَعَ كَثْرَةِ الْخَلْقِ وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْ صَحَابِيٍّ، وَلَا تَابِعِيٍّ تَجْوِيزَ ذَلِكَ قَالَ: وَتَحْرِيمُ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَعَلَى مَنْعِ التَّعَدُّدِ رَتَّبَ النَّاظِمُ قَوْلَهُ: (وَلِالْتِبَاسٍ سَابِقٍ) بَعْدَ الْعِلْمِ بِعَيْنِهِ يَجِبُ (عَلَيْهِمْ ظُهْرٌ) ، فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّتْ جُمُعَةٌ عَلَى التَّعْيِينِ، فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ لِعَدَمِ خُرُوجِ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ عَنْ الْعُهْدَةِ إذْ لَيْسَ فِيهِمَا مَنْ تَتَيَقَّنُ صِحَّةُ جُمُعَتِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْفَرْضِ (وَتُسْتَأْنَفُ) الْجُمُعَةُ فِي الْوَقْتِ (إنْ لَمْ يُعْلَمْ) السَّابِقُ مُعَيَّنًا بِأَنْ عُلِمَتْ الْمُقَارَنَةُ، أَوْ السَّبْقُ بِلَا تَعْيِينٍ، أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مُقَارَنَةٌ، وَلَا سَبْقٌ لِتَدَافُعِهَا فِي الْأُولَى وَعَدَمِ إجْزَاءِ الْمَأْتِيِّ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ فِي الثَّالِثَةِ (قُلْت: إذَا لَمْ يُدْرَ بِالسَّبْقِ، وَلَا بِالِاقْتِرَانِ) وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ (فَالْإِمَامُ اسْتَشْكَلَا بَرَاءَةً) لِذِمَّةٍ (بِجُمُعَةٍ) مُسْتَأْنَفَةٍ (إذْ) وَفِي نُسْخَةٍ إذَا (احْتَمَلْ سَبْقٌ) لِإِحْدَاهُمَا عَلَى (الْأُخْرَى، فَلَا تَصِحُّ) جُمُعَةٌ (أُخْرَى) لِسَبْقِ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ (فَلْيُقَلْ فِي هَذِهِ) الصُّورَةِ: (إنَّ السَّبِيلَ) أَيْ: الطَّرِيقَ (الْمُبْرِي) لِلذِّمَّةِ (إقَامَةُ الْجُمُعَةِ) لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ (ثُمَّ الظُّهْرِ) لِاحْتِمَالِ السَّبْقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مُسْتَحَبٌّ وَالْوَاجِبُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ قَالَ غَيْرُهُ:؛ وَلِأَنَّ السَّبْقَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ، أَوْ يُظَنَّ لَمْ يُؤَثِّرْ احْتِمَالُهُ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ، أَوْ ظَنِّهِ لَا إلَى نَفْسِ الْأَمْرِ (أَمَّا مَعَ) تَيَقُّنِ (السَّبْقِ، وَلَا تَعَيُّنَا) وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ (فَفِي الْوَسِيطِ) لِلْغَزَالِيِّ (اخْتَارَ مَا اخْتَارَ) الْحَاوِي (هُنَا) ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِنَظَائِرِهَا كَنِكَاحَيْ الْوَلِيَّيْنِ حَيْثُ أَبْطَلُوهُمَا فِي هَذِهِ كَالْأُخْرَيَيْنِ.

(وَ) لَكِنْ (الْأَظْهَرُ) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَكُتُبِ النَّوَوِيِّ، وَ (الْأَقْيَسُ) كَمَا فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْأَصْحَابِ (أَنْ يُصَلُّوا ظُهْرًا وَقَدْ صَحَّحَ هَذَا الْجُلُّ) أَيْ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِصِحَّةٍ وَاحِدَةٍ بَاطِنًا وَإِنَّمَا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ لِلْإِشْكَالِ وَأَدْرَجَ فِي الْمِصْبَاحِ هَذِهِ فِي قَوْلِ الْحَاوِي: وَإِنْ الْتَبَسَ السَّابِقُ صَلَّوْا ظُهْرًا، فَيُوَافِقُ الْأَصَحَّ إذَنْ وَرَدَّهُ الْقُونَوِيُّ بِأَنَّ الِالْتِبَاسَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتَّعْيِينِ وَالرَّازِيِّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي فِي الْعُجَابِ، فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْكَلَامِ وَبِمَا لَا يُرِيدُهُ الْمُتَكَلِّمُ وَبَقِيَ صُورَةٌ خَامِسَةٌ وَهِيَ أَنْ يُعْلَمَ سَبْقُ إحْدَاهُمَا، وَلَا يُلْتَبَسَ، فَهِيَ الصَّحِيحَةُ كَمَا عُلِمَ مِنْ صَدْرِ الْكَلَامِ

رَابِعُهَا أَنْ تَجْرِيَ (جَمَاعَةً) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهَا فُرَادَى وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ: وَجُمُعَةٌ بِرَكْعَةِ الِاكْتِفَاءِ بِالْجَمَاعَةِ فِي رَكْعَةٍ

ــ

[حاشية العبادي]

اتِّسَاعُ مَحَلٍّ، وَاحِدٍ لِلْجَمِيعِ هَلْ تَسْقُطُ عَمَّنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَحَلًّا فِي مَوْضِعِ إقَامَتِهَا، وَلَمْ يُمْكِنْهُ رَبْطُ صَلَاتِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، بِصَلَاتِهِمْ (قَوْلُهُ: بِعَيْنِهِ) أَيْ: السَّابِقِ (قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَيْهِمْ ظُهْرًا) (فَرْعٌ)

حَيْثُ، وَجَبَ الظُّهْرُ بَعْدَ فِعْلِ الْجُمُعَةِ صَلَّى سُنَّتَهُ الْقَبْلِيَّةَ، وَالْبَعْدِيَّةَ، وَلَا يُصَلِّي سُنَّةَ الْجُمُعَةِ الْبَعْدِيَّةَ، بِخِلَافِ الْقَبْلِيَّةَ يُصَلِّيهَا، وَإِنْ احْتَمَلَ عَدَمُ إجْزَائِهِ لِاحْتِمَالِ إجْزَائِهَا، بِتَبَيُّنِ السَّبْقِ م ر، وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ الظُّهْرُ لِإِجْزَاءِ الْجُمُعَةِ سُنَّ الظُّهْرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ التَّعَدُّدَ مُطْلَقًا م ر (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا، وَجَبَ) أَيْ: الظُّهْرُ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ إجْزَاءِ الْمَأْتِيِّ، بِهِ فِي الثَّانِيَةِ) قَدْ تُشْكِلُ الثَّانِيَةُ، بِقَوْلِهِ السَّابِقِ، وَلِالْتِبَاسِ إلَخْ. إلَّا أَنْ يُجَابَ، بِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِفْ الْمَأْتِيُّ بِهِ هُنَا، بِالْإِجْزَاءِ فِي الظَّاهِرِ مُطْلَقًا، وَعَلَى التَّصْحِيحِ الْآتِي لَا إشْكَالَ لِيَحْتَاجَ لِلْجَوَابِ (قَوْلُهُ: لِسَبْقِ جُمُعَةٍ إلَخْ.) هَذَا مَوْجُودٌ فِي الثَّانِيَةِ، بِالْأَوْلَى، فَهُوَ أَحَقُّ، بِإِشْكَالِ الْإِمَامِ لَكِنْ لَا يَأْتِي هُنَا قَوْلُهُ: إقَامَةُ الْجُمُعَةِ لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ لِعَدَمِ احْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ، فَلَعَلَّ قِيَاسَ مَا قَالَهُ الِاقْتِصَارُ هُنَا عَلَى الظُّهْرِ (قَوْلُهُ: لِسَبْقِ جُمُعَةٍ) أَيْ: عَلَى الِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَبْطَلُوهُمَا فِي هَذِهِ) أَيْ الصُّورَةِ

(قَوْلُهُ: فِي رَكْعَةٍ) أَيْ: فِي رَكْعَتِهِ الْأُولَى، وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ، فَاقْتَدَى، بِهِ نَاوِيًا الْجُمُعَةَ، فَقَامَ الْإِمَامُ إلَى ثَالِثَةٍ، وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّ قِيَامَهُ لِتَذَكُّرِ رُكْنٍ، أَوْ الشَّكِّ فِيهِ، فَصَلَّى مَعَهُ هَذِهِ الثَّالِثَةَ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إنْ انْتَظَرَ الْمَأْمُومُونَ فِي التَّشَهُّدِ حَتَّى أَتَى، بِرَكْعَةٍ، فَإِنْ سَلَّمُوا عَقِبَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ، فَهَلْ تَحْصُلُ الْجُمُعَةُ لِذَلِكَ الْمُقْتَدَى بِهِ الْمَذْكُورِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَاعِدَةُ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، وَاَلَّذِي نَفَاهُ الرُّويَانِيُّ هُوَ النَّصُّ أَيْ: مَا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَ إلَخْ) لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ الْأَوَّلَ هُوَ مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا، وَتَعْرِيضًا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مُقَارَنَةٌ، وَلَا سَبْقٌ) هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ فِي مِصْرَ فَمُقْتَضَى مَا هُنَا وُجُوبُ اسْتِئْنَافِ الْجُمُعَةِ لَكِنَّ الْيَأْسَ مِنْ اسْتِئْنَافِهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ حَاصِلٌ، فَيَجُوزُ كَمَا قَالَهُ م ر إعَادَةُ الظُّهْرِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ كَمَا لَوْ كَانَ بِالْبَلَدِ أَرْبَعُونَ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُمْ بِعَدَمِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ عِنْدَ الشَّكِّ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ حَالَ الْإِحْرَامِ امْتَنَعَ الْإِحْرَامُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّا لَا نُحَرِّمُ بِالشَّكِّ مِنْ تَيَقُّنِ الْوُجُوبِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ مُقَارَنَةِ الْمُبْطِلِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَانْظُرْهُ، وَقَوْلُ م ر، فَيَجُوزُ إلَخْ أَيْ يَجِبُ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ، وَجَبَ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَ تَيَقُّنِ السَّبْقِ) يَنْبَغِي وِفَاقًا ل م ر أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِالْقَرَائِنِ كَالْمُبَادَرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>