للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِامْرَأَةٍ) كَذَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَوَّلَ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغِيبَةٍ إلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ» عَلَى جَمَاعَةٍ تَبْعُدُ مُوَاطَأَتُهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ لِصَلَاحٍ أَوْ مُرُوءَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِي الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ كَلَامًا وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ تَحْرِيمُ النَّظَرِ إلَيْهِ.

(بَلْ) يَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْخَلْوَةُ (بِثِقَاتِ النِّسْوَهْ) امْرَأَتَيْنِ فَأَكْثَرَ إذْ الْمَرْأَةُ تَسْتَحْيِي مِنْ الْمَرْأَةِ فَوْقَ مَا يَسْتَحْيِي الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ.

ثُمَّ بَيَّنَ جَوَازَ بَيْعِ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ بِقَوْلِهِ (فِي عِدَّةِ الْأَشْهُرِ بَاعَ) ذُو الْعِدَّةِ جَوَازًا (دَارَهْ) الَّتِي فِيهَا الْمُعْتَدَّةُ كَمَا فِي الْمُسْتَأْجَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَدَّتْ بِالْحَمْلِ أَوْ بِالْأَقْرَاءِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً مَجْهُولَةً سَوَاءٌ كَانَ لَهَا عَادَةٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْتَلِفُ وَفَرَّقُوا بَيْنَ هَذَا وَمَا سَيَأْتِي مِنْ بِنَاءِ أَمْرِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى الْأَخْذِ بِالْعَادَةِ أَوْ بِالْأَقَلِّ بِأَنَّ احْتِمَالَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ يَجُرُّ إلَى جَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَهِيَ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ، وَالْجَهَالَةُ فِيمَا سَيَأْتِي تَقَعُ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا يَعْلَمُ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَنَّ مَا أَخَذَهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ أَمْ لَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقِسْمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمُفْلِسِ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بَلْ يَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَّةِ، وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الدَّارِ مَا لَوْ كَانَ قَدْ رَهَنَهَا بِدَيْنٍ، ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ وَفَاؤُهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا فِي الدَّيْنِ لِسَبْقِهِ وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ فِيمَا إذَا اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ فَطَرَأَ الْحَيْضُ وَانْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ خَرَجَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَاطِ الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ بِالْحَادِثَةِ حَيْثُ لَا يَغْلِبُ التَّلَاحُقُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي.

(وَبِانْتِهَا) مُدَّةِ (الْإِيجَارِ وَالْإِعَارَهْ) لِمَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ وَلَمْ يَرْضَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُعِيرُ بِالْإِجَارَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ (أَبْدَلَهُ لَهَا) ذُو الْعِدَّةِ وُجُوبًا بِمَسْكَنٍ آخَرَ أَقْرَبَ مَا يُوجَدُ، ثُمَّ بَعْدَ نَقْلِهَا إلَيْهِ إنْ عَادَ رَبُّ الْمَسْكَنِ الْأَوَّلِ وَبَذَلَهُ عَارِيَّةً لَمْ يَلْزَمْ رَدُّهَا إلَيْهِ أَوْ بِأُجْرَةٍ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي عَارِيَّةً لَزِمَ رَدُّهَا أَوْ بِأُجْرَةٍ فَوَجْهَانِ.

(وَبِالْإِعْسَارِ) لِلزَّوْجِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ قَبْلَ طَلَاقِهَا وَكَذَا بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي دَارِهِ (تُضَارِبَنْ) هِيَ مَعَ الْغُرَمَاءِ (بِأُجْرَةِ) مُدَّةَ (الْأَطْهَارِ) إنْ كَانَتْ تَعْتَدُّ بِهَا حَيْثُ اسْتَقَرَّ لَهَا عَادَةً فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ تِلْكَ الْعَادَةِ وَلَيْسَ هَذَا فِي صُورَةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ قَبْلَ طَلَاقِهَا كَدَيْنٍ حَدَثَ بَعْدَ الْحَجْرِ حَتَّى لَا تُضَارِبَ بِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ حَقِّهَا سَابِقٌ وَهُوَ النِّكَاحُ وَالْوَطْءُ فِيهِ وَلِأَنَّ الْمُفْلِسُ بِطَلَاقِهِ كَالْجَانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يُضَارِبُ (قُلْتُ فَإِنْ يَنْقُصْ) فِيمَا إذَا ضَارَبَتْ بِأُجْرَةِ مِثْلِ عَادَتِهَا (زَمَانُ الْعِدَّةِ عَنْ زَمَنِ اعْتِيَادِ هَذِي رَدَّتْ لِلْغُرَمَاءِ زَائِدًا) عَلَى مَا خَصَّ زَمَنَ الْعِدَّةِ (وَإِنْ يَزِدْ) زَمَنُ الْعِدَّةِ عَلَى زَمَنِ عَادَتِهَا (فَبِالْمَزِيدِ) مِنْ الْأُجْرَةِ (ضَارَبَتْ) مَعَ الْغُرَمَاءِ (لِتَسْتَرِدْ) مِنْهُمْ مَا يَخُصُّهَا بِالتَّوْزِيعِ

(وَحَيْثُ لَا اسْتِقْرَارَ) لَهَا فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ أَوْ لَهَا عَادَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ وَلَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ وُقُوعَ الْفَاحِشَةِ مِنْ أَحَدِهِمْ بِحَضْرَتِهِمْ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجُوزُ الْخَلْوَةُ حِينَئِذٍ بَلْ فِي تَسْمِيَتِهَا خَلْوَةً حِينَئِذٍ نَظَرٌ خ ح د (قَوْلُهُ: عَلَى مُغِيبَةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمُغِيبَةٌ بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَغَابَتْ إذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَوْقَ مَا يَسْتَحْيِي الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ الْخَلْوَةِ بِالْأَمْرَدِ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ إنَّمَا يَحْرُمُ إذَا كَانَ بِشَهْوَةٍ أَوْ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ وَأَنَّ الْخَلْوَةَ بِهِ كَالنَّظَرِ فَلَا تَحْرُمُ إلَّا حَيْثُ يَحْرُمُ النَّظَرُ بِخِلَافِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ تَحْرُمُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ بِخِلَافِ الْأَمْرَدِ فَلَا تَجُوزُ مُدَاوَاتُهَا أَوْ تَعْلِيمُهَا إلَّا بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ وَنَحْوِهِ م ر بَعْدَ الْبَحْثِ وَالْمُرَاجَعَةِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَدَّتْ بِالْحَمْلِ أَوْ بِالْأَقْرَاءِ) اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِصِحَّةِ بَيْعِ أَرْضٍ فِيهَا قَبْرٌ مَعَ جَهْلِ مُدَّةِ الِانْدِرَاسِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ الْمَيِّتُ الْبَقَاءَ فِيهَا إلَيْهَا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَرْضِ لَمْ تَبْطُلْ بِتَعَطُّلِ الْبَاطِنِ سم (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا. . . إلَخْ) يَنْبَغِي جَوَازُ بَيْعِهَا لِلْمُعْتَدَّةِ وَلَا يَضُرُّ جَهَالَةُ الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَارِثُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مَجْهُولَةً مِنْ الْمُوصَى لَهُ م ر (قَوْلُهُ: مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الدَّارِ) أَيْ فِيمَا إذَا اعْتَدَّتْ بِغَيْرِ الْأَشْهُرِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمُرَادُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَيْعُهَا بِجَمِيعِ مَنَافِعِهَا حَتَّى مَنَافِعِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلصِّحَّةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لِسَبْقِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِأُجْرَةٍ فَوَجْهَانِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَوْ إلَى مُسْتَأْجِرٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ نَقَلَهَا إلَى مُسْتَأْجِرٍ لَمْ يَجِبْ أَيْ رَدُّهَا. . . إلَخْ إلَى الْأَوَّلِ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ يُؤَدِّي إلَى إضَاعَةِ مَالٍ وَفِي مَعْنَى الْمُسْتَأْجَرِ الْمُوصَى بِسُكْنَاهُ مُدَّةً وَانْقَضَتْ. اهـ. ح خ د.

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي دَارِهِ) سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ قُلْت إلَخْ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ الْأَطْهَارِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُدَّةِ الْأَطْهَارِ مُدَّةُ الْعِدَّةِ الشَّامِلَةِ لِمُدَّةِ الْحَيْضِ بَيْنَ الْأَطْهَارِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَعَلَّهُ إنْ كَانَ لَا يَحْتَشِمُ وَلَا يَمْنَعُ وُجُودُهُ وُقُوعَ خَلْوَةٍ بِهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ وَإِلَّا فَفِي الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ م ر جَوَازُ الْمُسَاكَنَةِ حِينَئِذٍ فَرَاجِعْهُمَا لَكِنْ قَيَّدَ حَجَرٌ بِمَا إذَا كَانَ اتِّسَاعُهَا بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الشَّرْحِ هَذِهِ وَأَقَرَّهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: تَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ بِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْرُمُ خَلْوَةُ أَمْرَدَ بِأَمْرَدَ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَرَجُلٍ بِأَمْرَدَ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَكَذَا يَحْرُمُ خَلْوَةُ رَجُلٍ أَوْ رِجَالٍ بِنِسْوَةٍ غَيْرِ ثِقَاتٍ وَرِجَالٍ بِامْرَأَةٍ مُطْلَقًا. اهـ. ق ل وم ر وَالْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ مَسَائِلِ الْأَمْرَدِ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ كَالنَّظَرِ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) وَانْظُرْ هَلْ يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ إذَا رَاجَعَ الزَّوْجُ حَرِّرْهُ شَوْبَرِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْضَ) فَإِنْ رَضِيَ امْتَنَعَ نَقْلُهَا مِنْهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى مَسْكَنٍ مَجَّانًا بِعَارِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى ج (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ إلَخْ) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ رُجُوعَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ لَزِمَ رَدُّهَا (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) لَعَلَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ لُزُومِ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُؤَدِّيًا إلَى ضَيَاعِ مَالٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>