أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ فَإِنْ جَرَى فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ حَلَفَ الْوَارِثُ كَالزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ.
(وَحَيْثُ لَمْ يُلْقِ بِهَا) الْمَسْكَنُ لِنَفَاسَتِهِ أَوْ خِسَّتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَلَمْ يَحْصُلْ تَرَاضٍ (فَمَا دَنَا) أَيْ قَرُبَ مِنْهُ تَلَازُمُهُ وَرِعَايَةُ الْأَقْرَبِيَّةِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَاجِبَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَاسْتَبْعَدَهُ الْغَزَالِيُّ وَتَرَدَّدَ فِي الِاسْتِحْبَابِ.
(وَجَازَ فِي الْفَاضِلِ) أَيْ وَجَازَ لِذِي الْعِدَّةِ (أَنْ يُسَاكِنَا) الْمُعْتَدَّةَ فِي الْقَدْرِ الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهَا (وَ) أَنْ (يَدْخُلَ) عَلَيْهَا (الْخَلْوَةَ) فِي الْمَسْكَنِ الْوَاسِعِ (حَيْثُ) كَانَتْ (جَارِيَهْ وَمَحْرَمٌ) لَهُ أَوْ لَهَا (مُمَيِّزٌ وَ) زَوْجَةٌ (ثَانِيَهْ وَامْرَأَةٌ يَهَابُ) هُوَ كُلًّا مِنْهُنَّ وَيَحْتَشِمُهَا حَيَاءً أَوْ خَوْفًا (عِنْدَ الطَّالِقِ) الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ الْآتِي لَكِنْ يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ النَّظَرُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا أَحَدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ وَذِكْرُ الْمُسَاكَنَةِ فِيمَا ذُكِرَ مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْفَاضِلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا اعْتِبَارُهُ التَّمْيِيزَ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ يَهَابُ وَكَذَا اعْتَبَرَهُ الْمِنْهَاجُ وَأَصْلُهُ وَغَيْرُهُمَا. وَقَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي الْمُرَاهِقِ لَكِنْ اعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ التَّكْلِيفَ وَوُجِّهَ بِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يَلْزَمُهُ إنْكَارُ الْفَاحِشَةِ وَاعْتَبَرُوا فِي مَحْرَمِهِ كَوْنَهُ أُنْثَى وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي مَحْرَمِهَا كَوْنَهُ ذَكَرًا لَا لِإِخْرَاجِ الْأُنْثَى بَلْ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِمْ يُكْتَفَى بِامْرَأَةٍ مَعَ أَنَّهَا مَفْهُومَةٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَاكْتَفَى هُنَا بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ الْحَجِّ لِأَخْطَارِ السَّفَرِ عَلَى أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا هُنَاكَ لِلْجَوَازِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هُنَا بِالْوَاحِدَةِ فَلَا فَرْقَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا بُدَّ فِي الْمَحْرَمِ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا فَلَا يَكْفِي الْأَعْمَى وَكَالْمَحْرَمِ فِيمَا قَالَهُ غَيْرُهُ (أَوْ أُفْرِدَتْ بِمُفْرَدِ الْمَرَافِقِ) أَيْ جَازَ أَنْ يُسَاكِنَهَا حَيْثُ كَانَ عِنْدَهَا وَاحِدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ كَمَا مَرَّ أَوْ حَيْثُ أُفْرِدَتْ بِمَوْضِعٍ تَنْفَرِدُ مَرَافِقُهُ عَنْ مَرَافِقَ مَا يَسْكُنُ هُوَ فِيهِ مِنْ مَطْبَخٍ وَمُسْتَحَمٍّ وَمُسْتَرَاحٍ وَغَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا أَحَدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ وَيُعْتَبَرُ أَنْ يُغْلَقَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ بَابٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَمَرُّ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ وَاسِعَةً وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا بَيْتٌ وَالْبَاقِي صُفَفٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسَاكِنَهَا وَإِنْ كَانَ مَعَهَا مَحْرَمٌ فَإِنْ بَنَى حَائِلًا وَكَانَ الَّذِي يَبْقَى لَهَا سَكَنٌ مِثْلُهَا فَلَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ إنْ كَانَ بَابُهُ خَارِجًا فَذَاكَ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ أَوْ نَحْوُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ دُخُولِهِ عَلَيْهَا بِلَا مَحْرَمٍ أَوْ نَحْوِهِ إذَا انْفَرَدَتْ بِمَرَافِقَ وَلَيْسَ مُرَادًا.
(وَلَمْ يَجُزْ) لِأَحَدٍ مِنْ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ (وَلَوْ لِقَوْمٍ) تَبْعُدُ مُوَاطَأَتُهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ (خَلْوَهْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: حَلَفَ الْوَارِثُ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ) وَلَا يُرَادُ أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا هُنَاكَ أَيْضًا بِالْأَمْنِ عَلَى نَفْسِهَا يَقِينًا وَإِنْ كَانَتْ وَحْدَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِلْفَرْقِ بِلُزُومِ الْخَلْوَةِ الْمُمْتَنِعَةِ هُنَا لَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: لَمْ تَجُزْ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْ الْمَسْكَنِ بِمَوْضِعٍ وَكَتَبَ أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الَّتِي اُشْتُرِطَ فِيهَا الْمَحْرَمُ أَنَّ الْحُجَرَ مُتَعَدِّدَةٌ وَلَكِنَّ الْمَرَافِقَ مُتَّحِدَةٌ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي الرَّوْضِ وَعُلْوٌ وَسُفْلٌ كَدَارٍ وَحُجْرَةٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ فِي أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ أَوْ نَحْوُهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَعَهَا مَحْرَمٌ) وَفِي الْعَزِيزِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُسَاكَنَتَهَا بِالْمَحْرَمِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا تُفْرَضُ إذَا كَانَ فِي الدَّارِ زِيَادَةٌ عَلَى سَكَنِ مِثْلِهَا وَإِلَّا فَعَلَى الزَّوْجِ الِانْتِقَالُ عَنْهَا وَمِنْ ثَمَّ زَادَ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلِضِيقٍ انْتَقَلَ لِدَفْعِ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَاكِنَهَا فِي حُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ بِنَحْوِ مَحْرَمٍ وَتُكْرَهُ مُسَاكَنَتُهَا مَعَ الْمَحْرَمِ إذْ لَا يُؤْمَنُ مَعَهَا مِنْ النَّظَرِ حِينَئِذٍ ح (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ بَدَلُ هَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَمَرُّ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَحْرَمٍ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ. . . إلَخْ) مَنْشَأُ ذَلِكَ عَطْفُ أَوْ أُفْرِدْت عَلَى قَوْلِهِ حَيْثُ جَارِيَةٌ. . . إلَخْ بِرّ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجُزْ. . . إلَخْ) وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ حَمْلَ الرَّجُلِ وَالرَّجُلَيْنِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ الْآتِي عَلَى الْمَحَارِمِ بِقَرِينَةِ هَذَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِقَوْمٍ) وَلَوْ كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ بِحَيْثُ أَحَالَتْ
[حاشية الشربيني]
يَشْهَدُ بِصِدْقِهَا وَيُرَجَّحُ جَانِبُهَا عَلَى جَانِبِ الْوَارِثِ مَعَ كَوْنِ الْوَارِثِ أَجْنَبِيًّا. اهـ. بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ إلَخْ) جَمِيعُ مَا ذُكِرَ هُنَا يَجْرِي فِي الْأَجْنَبِيَّيْنِ فَيَحْرُمُ تَسَاكُنُهُمَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ إلَّا إذَا انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجْرَةٍ مِنْهَا مَعَ تَعَدُّدِ الْمَرَافِقِ وَغَلْقِ الْبَابِ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ وُجِدَ مَحْرَمٌ أَوْ نَحْوُهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْكَنِ الْوَاسِعِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاتِّسَاعِ فِي جَوَازِ الدُّخُولِ أَيْضًا وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ م ر اشْتِرَاطُهُ فِي الْمُسَاكَنَةِ فَقَطْ رَاجِعْهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَحَلِّيِّ وق ل عَلَيْهِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الدَّارَ إنْ لَمْ تَكُنْ فَاضِلَةً عَلَى سُكْنَى مِثْلِهَا لَمْ يَجُزْ الدُّخُولُ عَلَيْهَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَحْرَمِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ ذُكِرَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَتْ جَارِيَةً) وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَدْخُولُ عَلَيْهَا ثِقَةً أَيْضًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَمَحْرَمٌ) أَيْ ثِقَةٌ وَقِيلَ يَكْفِي فِي مَحْرَمِهَا أَنْ يَكُونَ لَهُ غَيْرَةٌ ق ل (قَوْلُهُ وَزَوْجَةٌ) أَيْ مُمَيِّزَةٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ يَهَابُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الْأَعْمَى) إلَّا إذَا كَانَ ذَا فِطْنَةٍ تُؤَدِّي فِطْنَتُهُ إلَى مَنْعِ وُقُوعِ رِيبَةٍ بَلْ هُوَ أَقْوَى مِنْ الْمُمَيِّزِ السَّابِقِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ أَنْ يُغْلَقَ) أَيْ يَجِبُ ق ل (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ وَاسِعَةً إلَخْ) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ تَبَايُنُ مَسْأَلَتَيْ الْمُسَاكَنَةِ وَالْخَلْوَةِ فَإِنَّهُ عُلِمَ جَوَازُ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مَعَ الْمَحْرَمِ وَامْتِنَاعُ مُسَاكَنَتِهِ إيَّاهَا مَعَهُ إلَّا عِنْدَ تَعَدُّدِ الْحُجَرِ أَوْ اتِّسَاعِهَا بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ. اهـ. سم عَلَى ع مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ حُجْرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا مَحْرَمٌ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute