للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُرْتَدًّا، لَا يَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِهَا، وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِمَّا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: تَقْبَلُ حِلًّا

(بِالْكَلِمَهْ) أَيْ: يَصِحُّ أَنْ يُرَاجِعَ بِاللَّفْظِ بِأَنْ يَقُولَ: (رَجَعْتُهَا) أَوْ (رَاجَعْتُهَا) أَوْ (ارْتَجَعْتُهَا) ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي لِشُهْرَتِهَا فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَلْفَاظِ الْآتِيَةِ، نَعَمْ يُسَنُّ ذَلِكَ أَوْ (أَمْسَكْتُهَا عَلَيَّ) أَوْ عَلَى نِكَاحِي (أَوْ رَدَدْتُهَا إلَيَّ أَوْ قَالَ:) رَدَدْتهَا (إلَى نِكَاحِي) وَتَقْيِيدُهُ أَمْسَكْتهَا بِعَلَيَّ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّتُهُ: اشْتِرَاطُ ذِكْرِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: يُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي اشْتِرَاطِ الْإِضَافَةِ فِي أَمْسَكْتهَا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي رَدَدْتهَا لَكِنْ قَالَا بَعْدَهُ: وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ فِي التَّهْذِيبِ اسْتِحْبَابُهَا فِيهِ مَعَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ فِي الِاشْتِرَاطِ فِي رَدَدْتهَا، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ فِي رَدَدْتهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ ضِدُّ الْقَبُولِ، فَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ الرَّدُّ إلَى الْأَبَوَيْنِ بِسَبَبِ الْفِرَاقِ، فَلَزِمَ تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ. وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ: بِرَجَعْتهَا وَمَا بَعْدَهُ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي: بِرَجَعْت إذْ لَا بُدَّ فِي صَرَاحَتِهَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْمَرْأَةِ بِضَمِيرِ خِطَابٍ أَوْ غَيْبَةٍ، أَوْ بِذِكْرِ اسْمِهَا كَقَوْلِهِ: رَاجَعْت فُلَانَةَ

(وَ) يَصِحُّ أَنْ يُرَاجِعَ (بِمَعَانِي) يَعْنِي بِتَرْجَمَةِ (هَذِهِ) الْأَلْفَاظِ (الصِّرَاحِ) بِكَسْرِ الصَّادِ جَمْعِ صَرِيحٍ كَكَرِيمٍ وَكِرَامٍ مِنْ أَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ، وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ، وَوَجْهُ صَرَاحَةِ الْمَذْكُورَاتِ شُهْرَتُهَا وَوُرُودُهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَتَقْيِيدُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِالصِّرَاحِ زِيَادَةً مُضِرَّةً؛ لِأَنَّهَا تُفْهِمُ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ بِتَرْجَمَةِ الْكِنَايَةِ، بَلْ تَقْدِيمُهُ كَأَصْلِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْكِنَايَةِ بِدُونِ التَّقْيِيدِ بِالصِّرَاحِ يُفْهِمُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَصِحُّ بِالصَّرِيحِ، وَلَوْ بِتَرْجَمَتِهِ (وَبِكِنَايَةٍ) ، وَلَوْ بِتَرْجَمَتِهَا مَعَ النِّيَّةِ نَحْوَ (أَعَدْتُ حِلَّهَا) أَوْ (رَفَعْتُ تَحْرِيمًا) أَيْ تَحْرِيمَهَا أَوْ اخْتَرْت رَجْعَتَهَا، (وَلَا حَصْرَ لَهَا) بِخِلَافِ الصَّرِيحِ، فَإِنَّهُ مَحْصُورٌ فِيمَا ذُكِرَ وَفِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كَارْتَدَدْتهَا أَوْ رَدَدْتهَا، وَأَنْتِ مُرْتَجَعَةٌ أَوْ مُرَاجَعَةٌ، (وَكَتَزَوَّجْتُ) مُطَلَّقَتِي أَوْ نَكَحْتهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَكُونَا صَرِيحَيْنِ هُنَا؛ لِأَنَّهُمَا صَرِيحَانِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، وَمَا كَانَ صَرِيحًا فِي شَيْءٍ لَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي غَيْرِهِ كَالطَّلَاقِ، وَلَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَيْهَا بَدَلَ الرَّجْعَةِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ فِي الْإِبَاحَةِ.

(وَ) يَصِحُّ (بِالْخَطِّ) أَيْ الْكِتَابَةِ، وَهِيَ مِنْ الْكِنَايَةِ (وَلَوْ لَمْ يُشْهِدْ اثْنَيْنِ عَلَى الرَّجْعَةِ أَوْ لَمْ تَرْضَ) الزَّوْجَةُ بِهَا أَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْوَلِيُّ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا، فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ، نَعَمْ الْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْأَمْرُ بِهِ فِي آيَةِ {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٤] كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] ، فَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ عَلَيْهَا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ بِهَا، فَقَدْ يَتَنَازَعَانِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهَا، وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمَرْأَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا بِجَحْدِ تَطْلِيقٍ) أَيْ: تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِمَا مَرَّ لَا بِجَحْدِ الزَّوْجِ تَطْلِيقَهُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهَا (وَلَا بِالْوَطْءِ) وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَإِنْ نَوَى بِهَا الرَّجْعَةَ لِذَلِكَ وَكَمَا لَا يَحْصُلُ بِهَا النِّكَاحُ؛ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا، (وَلْيَحْرُمْ) وَطْؤُهَا قَبْلَ الرَّجْعَةِ، كَذَا كُلُّ تَمَتُّعٍ لِجَرَيَانِهَا إلَى الْبَيْنُونَةِ (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا، وَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ.

(بَلَى يُوجِبُ) وَطْؤُهَا (مَهْرَ الْمِثْلِ) ، وَإِنْ رَاجَعَهَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ كَالْبَائِنَةِ، فَكَذَا فِي الْمَهْرِ

(لَا) وَطْؤُهُ زَوْجَتَهُ (فِي رَدِّهِ) مِنْهَا ثُمَّ (عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ) فَرَاغِ (الْعِدَّهْ) ، فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْمَهْرَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّدَّةِ وَالرَّجْعَةَ لَا تُزِيلُ أَثَرَ الطَّلَاقِ، وَكَرِدَّتِهَا فِي ذَلِكَ رِدَّتُهُ.

(فَرْعٌ) التَّرْجَمَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (إذَا أَنْكَرَتْ) الزَّوْجَةُ (الرَّجْعَةَ) عِنْدَ دَعْوَى الزَّوْجِ لَهَا وَاقْتَضَى الْحَالُ تَصْدِيقَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعِدَدِ، (أَوْ) أَنْكَرَتْ (رِضَا النِّكَاحِ) أَيْ رِضَاهَا بِهِ حَيْثُ اُشْتُرِطَ، وَاقْتَضَى الْحَالُ تَصْدِيقَهَا

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ الْإِبْهَامِ

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ: رَاجَعْتهَا لِلْمَحَبَّةِ أَوْ الْأَذَى وَنَحْوِهِ كَانَ صَرِيحًا مَا لَمْ يَصْرِفْهُ لِغَيْرِهِ، قَالَهُ الشَّيْخَانِ بِرّ. (قَوْلُهُ وَلَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ كِنَايَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ عَلَى إقْرَارِهِ بِهَا)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَا إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ إذْ لَا بُدَّ فِي صَرَاحَتِهَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْمَرْأَةِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قِيلَ: رَاجَعْت زَوْجَتَك الْتِمَاسًا لِإِنْشَائِهَا فَقَالَ: رَاجَعْت كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الشَّيْخِ: إذْ لَا بُدَّ فِي صَرَاحَتِهَا يَقْتَضِي أَنَّهَا بِدُونِ ذَلِكَ كِنَايَةٌ، وَعِبَارَةُ الْجَوْجَرِيِّ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالْكَافِ وَنَحْوِهَا كَانَ ذَلِكَ لَغْوًا اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ اشْتِرَاطُهُمْ فِي أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ أَنْ تَتَّصِلَ بِالْكَافِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا

. (قَوْلُهُ بِتَرْجَمَتِهِ إلَخْ) وَتَرْجَمَةُ الصَّرِيحِ وَصَرِيحَةُ الْكِنَايَةِ كِنَايَةٌ. (قَوْلُهُ شُهْرَتُهَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الصَّرَاحَةِ الْوُرُودُ بِاللَّفْظِ فِي الْكِتَابِ مُطْلَقًا أَوْ بِالْمَعْنَى مَعَ الشُّهْرَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ عَلَى إقْرَارِهِ بِهَا) عِبَارَةُ خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ عَلَى إقْرَارِهَا بِالرَّجْعَةِ خَوْفَ جُحُودِهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَقَعَ خَارِجَ الْعِدَّةِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْعِدَّةِ كَفَى إشْهَادُهُ عَلَى إقْرَارِهِ هُوَ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُولٌ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِشْهَادُ عَلَى إقْرَارِهَا إنْ كَانَ خَارِجَ الْعِدَّةِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ هُوَ إذَا كَانَ فِي الْعِدَّةِ فَالْمُنَاسِبُ إمَّا تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ أَوْ التَّقْيِيدُ بِالْعِدَّةِ اهـ. شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ وَاقْتَضَى الْحَالُ إلَخْ) كَأَنْ ادَّعَى وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ رَجْعَةً فِيهَا فَأَنْكَرَتْ وَاتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: رَاجَعْتُك يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَتْ: بَلْ السَّبْتِ، فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>