عَلَيْهِ كَانَ سَهْمُهُ لِمَالِكِهِ فَإِنَّهُ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ اخْتِيَارُ إزَالَةِ يَدٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ وَلَمْ يُقَاتِلْ عَلَيْهِ.
وَلَوْ حَضَرَ اثْنَانِ بِفَرَسٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا سَهْمَ فَرَسٍ أَوْ لَا يُعْطَيَانِ لَهَا شَيْئًا أَوْ يُعْطَيَانِهِ مُنَاصَفَةً؟ أَوْجُهٌ قَالَ النَّوَوِيُّ لَعَلَّ الثَّالِثَ أَصَحُّهَا وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ فَلَوْ رَكِبَاهُ فَفِيهِ وَجْهٌ رَابِعٌ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ حَسَنٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ كَجٍّ وَهُوَ إنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ مَعَ رُكُوبِهِمَا فَلَهُمَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَإِلَّا فَسَهْمَانِ قَالَ النَّشَائِيُّ وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَاضِرَ بِهِ كَالرَّاكِبِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْفَرَسُ الْعَتِيقُ وَهُوَ عَرَبِيُّ الْأَبَوَيْنِ وَالْبِرْذَوْنُ وَهُوَ عَجَمِيُّهُمَا وَالْهَجِينُ وَهُوَ الْعَرَبِيُّ أَبُوهُ فَقَطْ وَالْمَقْرِفُ وَهُوَ الْعَرَبِيُّ أُمُّهُ فَقَطْ لِصَلَاحِيَّةِ الْجَمِيعِ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ نَعَمْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ جَذَعًا أَوْ ثُنْيَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسَابَقَةِ أَمَّا فَاقِدُ الْقُوَى لِكَوْنِهِ كَسِيرًا أَوْ هَرِمًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ نَحْوَهَا فَلَا يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا غِنَاءَ فِيهِ بِخِلَافِ الشَّيْخِ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ لِلِانْتِفَاعِ بِرَأْيِهِ وَدُعَائِهِ.
وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي لَا أَعْجَفَ وَهُوَ الْمَهْزُولُ وَالْمُرَادُ الْبَيِّنُ الْهُزَالُ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَا زَائِدًا تَكْمِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ (وَيُعْطَى مَنْ سِوَاهُ) أَيْ مَنْ سِوَى رَاكِبِ الْفَرَسِ مِنْ رَاجِلٍ وَرَاكِبٍ غَيْرَ فَرَسٍ كَفِيلٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ سَهْمًا (وَاحِدَا) لِلِاتِّبَاعِ فِي الرَّاجِلِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي رَاكِبٍ غَيْرَ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْفَرَسِ لَا يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ صَلَاحِيَّةَ الْفَرَسِ لَهَا بِالْكَرِّ وَالْفَرِّ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا النُّصْرَةُ نَعَمْ يُرْضَخُ لَهُ وَرَضْخُ الْفِيلِ فَوْقَ رَضْخِ الْبَغْلِ، وَرَضْخُ الْبَغْلِ فَوْقَ رَضْخِ الْحِمَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَضْخَ الْبَعِيرِ فَوْقَ رَضْخِ الْبَغْلِ بَلْ نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: ٦] ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّعْلِيقَةِ عَلَى الْحَاوِي وَالْأَنْوَارِ أَنَّ رَضْخَ الْبَغْلِ فَوْقَ رَضْخِ الْبَعِيرِ وَلَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِذَا دَخَلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِجَيْشِهِ دَارَ الْحَرْبِ وَبَعَثَ سَرِيَّةً إلَى جِهَةٍ أَوْ سَرَايَا وَلَوْ إلَى جِهَاتٍ فَغَنِمَتْ شَيْئًا شَارَكَهَا فِيمَا غَنِمَتْهُ كَمَا قَالَ (شَارَكَ فِي غَنِيمَةِ السَّرِيَّهْ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ (جَيْشُ الْإِمَامِ) وَكَذَا عَكْسُهُ لِاسْتِظْهَارِ كُلِّ فِرْقَةٍ بِالْأُخْرَى وَوَصَفَ الْجَيْشَ بِقَوْلِهِ (رَاصِدُ النَّصْرِيَّهْ بِالْقُرْبِ) أَيْ شَارَكَهَا الْجَيْشُ الْمُتَرَصِّدُ لِنُصْرَتِهَا بِالْقُرْبِ مِنْهَا بِأَنْ يَبْلُغَهَا الْغَوْثُ وَالْمَدَدُ مِنْهُ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ.
وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَكْثَرُهُمْ وَاكْتَفَوْا بِاجْتِمَاعِهِمْ بِدَارِ الْحَرْبِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ (وَالْكِلَابَ) الْمُنْتَفَعُ بِهَا إذَا وَقَعَتْ فِي الْغَنِيمَةِ (عَدًّا وَزَّعُوا) أَيْ وَزَّعَهَا الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ عَدَدًا حَيْثُ أَمْكَنَ عَلَى الْغَانِمِينَ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا حَتَّى تُقْسَمَ بِالْقِيمَةِ (وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُ قَسْمٌ) لَهَا عَلَيْهِمْ (أَقْرَعُوا) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ بِهَا دُفِعَتْ إلَيْهِ هَذَا إنْ تَنَازَعُوهَا وَإِلَّا دُفِعَتْ لِمَنْ رَغِبَ فِيهَا مِنْهُمْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَقَدْ سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً وَتُعْتَبَرُ مَنَافِعُهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِهِ هُنَا وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي النَّظْمِ مَعَ تَقْيِيدِي لَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ) هَذَا يُؤَيِّدُ رَأْيَ ابْنِ كَجٍّ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَكَذَا يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَقَرَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَهُمَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سَهْمَانِ لَهُمَا وَسَهْمَانِ لِلْفَرَسِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْإِسْعَادِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَهْمَانِ سَهْمٌ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ وَسَهْمٌ مِنْ جِهَةِ الْفَرَسِ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَسْهُمَ هِيَ مَجْمُوعُ مَا لَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْفَرَسِ وَمِنْ جِهَةِ أَنْفُسِهِمَا وَمِنْهُ يَظْهَرُ إشْكَالُ تَنْظِيرِ النَّشَائِيِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّنْظِيرُ بِالنَّظَرِ لِلْخِلَافِ أَوْ يَكُونُ قَدْ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ لَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْفَرَسِ فَقَطْ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ مَا إذَا صَلَحَ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ مَعَ رُكُوبِهِمَا وَمَا إذَا لَمْ يَصْلُحْ أَوْ مَا إذَا لَمْ يَرْكَبَاهُ وَمَا إذَا رَكِبَاهُ وَلَمْ يَصْلُحْ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ تَنْظِيرُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُ هَذَا الْأَقْرَبِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَاضِرَ بِهِ كَالرَّاكِبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْفَرَسَ فِي الْأُولَى قَوِيٌّ عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ بِمَنْ يَرْكَبُهُ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ. وَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّ إشْكَالَ النَّشَائِيِّ فِي الْأُولَى عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مَعَ الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ مَعَ الثَّانِي فَيَكُونَانِ هُمَا الْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ لَكِنْ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ كَالصَّرِيحَةِ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) قُوَّةُ الْكَلَامِ قَدْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَضْخَ الْفِيلِ فَوْقَ رَضْخَ الْبَعِيرِ وَإِلَّا لَمْ يَتَأَتَّ الْجَزْمُ بِأَنَّ رَضْخَ الْفِيلِ فَوْقَ رَضْخِ الْبَغْلِ مَعَ التَّرَدُّدِ بَيْنَ الْبَعِيرِ وَالْبَغْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَقَدْ يُتَّجَهُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَعِيرُ أَصْلَحَ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ مِنْ الْفِيلِ وَبَيَّنَ عَكْسَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّعْلِيقَةِ إلَخْ) جَمَعَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَعِيرُ أَقْوَى وَأَسْرَعَ كَالْبَخَاتِيِّ فَرَضْخُهُ فَوْقَ الْبَغْلِ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَرَضْخُ الْبَغْلِ أَكْثَرُ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: مُنَاصَفَةً) أَيْ إنْ كَانَ لِكُلٍّ نِصْفُهَا وَإِلَّا أَخَذَ كُلٌّ بِقَدْرِ مِلْكِهِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ وَعَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ) وَهُمَا مَا إذَا حَضَرَا بِهِ وَلَمْ يَرْكَبَاهُ مَعًا حَيْثُ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُمَا يُعْطَيَانِ سَهْمَيْهِ مُنَاصَفَةً وَمَا إذَا رَكِبَاهُ مَعًا حَيْثُ كَانَ الْمُخْتَارُ الْحَسَنُ أَنَّهُ إنْ صَلَحَ لِلْكَرِّ بِهِمَا فَلَهُمَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَإِلَّا فَسَهْمَانِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْفَرَسَ فِي الْأُولَى قَوِيٌّ مَعَ الْكَرِّ وَالْفَرِّ بِمَنْ يَرْكَبُهُ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ.
؛ لِأَنَّ مَنْ يَرْكَبُهُ فِي الْأُولَى أَحَدُهُمَا وَفِي الثَّانِيَةِ هُمَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا دَخَلَ الْإِمَامُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي م ر أَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَعْثُ مِنْ دَارِنَا لِدَارِ الْحَرْبِ اشْتَرَكُوا إنْ تَعَاوَنُوا أَوْ اتَّحَدَ أَمِيرُهُمْ وَالْجِهَةُ فَإِنْ كَانَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَكُلُّهُمْ جَيْشٌ وَاحِدٌ وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute