للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِتَالِيَيْهِ (لَا الَّذِي خَذَّلَ) الْمُسْلِمِينَ عَنْ الْقِتَالِ وَهُوَ مَنْ يُكْثِرُ الْأَرَاجِيفَ وَيَكْسِرُ قُلُوبَ النَّاسِ وَيُثَبِّطُهُمْ فَلَا شَيْءَ لَهُ لَا سَهْمًا وَلَا رَضْخًا وَلَا سَلَبًا وَلَا نَفْلًا؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُنْهَزِمِ بَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ وَالْحُضُورِ (وَلْيَخْرُجْ) مِنْ الْعَسْكَرِ إنْ حَضَرَ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ بِإِخْرَاجِهِ وَهْنٌ فَيُتْرَكُ (وَلِلْعَبْدِ وَذِي صِبًى وَلِلْمَرْأَةِ) وَإِنْ خَرَجُوا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ (وَالذِّمِّيِّ) وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا (إنْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ) فِي خُرُوجِهِ بِلَا أُجْرَةٍ (سَهْمٌ وَلْيَهِنْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ يَضْعُفُ بِمَعْنَى يَنْقُصُ أَيْ وَلِكُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ مِمَّا يَبْقَى سَهْمٌ نَاقِصٌ (عَنْ) سَهْمِ (غَيْرِهِ) مِنْ الْغَانِمِينَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْعَبْدِ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَفِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا وَفِي قَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ أَسْهُمٍ وَحَمَلَ عَلَى الرَّضْخِ وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ لَكِنَّهُمْ كَثَّرُوا السَّوَادَ فَلَا يُحْرَمُونَ.

لَكِنْ الْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ اعْتِبَارُ نَفْعِهِمْ فَلَا يُرْضَخُ لِمَنْ لَا نَفْعَ فِيهِ كَطِفْلٍ وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُرْضَخُ لَهُ كَالصَّبِيِّ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يُرْضَخُ لَهُ وِفَاقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْوِفَاقِ الَّذِي ذَكَرَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْيِيزٌ فَإِنْ كَانَ فَقَدْ يَكُونُ أَجْرَأَ وَأَشَدَّ قِتَالًا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْعُقَلَاءِ وَقَوْلُ النَّظْمِ (يُعْرَفُ) أَيْ هَذَا السَّهْمُ (بِالرَّضْخِ) مِنْ زِيَادَتِهِ (إلَى رَأْي الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبُهُ (قَدْرُ هَذَا) السَّهْمِ (جُعِلَا) وَيُفَاوِتُ بَيْنَ أَهْلِهِ بِحَسَبِ نَفْعِهِمْ فَيُرَجَّحُ الْمُقَاتِلُ وَمَنْ قِتَالُهُ أَكْثَرُ عَلَى غَيْرِهِ وَالْفَارِسُ عَلَى الرَّاجِلِ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَسْقِي الْعِطَاشَ عَلَى الَّتِي تَحْفَظُ الرِّحَالَ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِرَضْخِ الرَّاجِلِ سَهْمُهُ وَهَلْ يَبْلُغُ بِرَضْخِ الْفَارِسِ سَهْمُ الرَّاجِلِ؟ وَجْهَانِ كَبُلُوغِ تَعْزِيرِ الْحُرِّ حَدَّ الْعَبْدِ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ وَبِالْمَنْعِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ كَثِيرٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ لِلذِّمِّيِّ فَلَا سَهْمَ لَهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْآحَادِ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا بِمُوَالَاةِ أَهْلِ دِينِهِ بَلْ يُعَزِّرُهُ عَلَى ذَلِكَ إنْ أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِأُجْرَةٍ اقْتَصَرَ غَيُّهَا كَمَا مَرَّ وَيُعْتَبَرُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُسْلِمِ الرَّضْخَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سَلَبٌ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الذِّمِّيِّ لَهُ أَنْ لَا يَكُونَ خُرُوجُهُ بِإِكْرَاهِ الْإِمَامِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فَقَطْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُشْكِلُ وَالزَّمِنُ وَالْأَعْمَى وَنَحْوُهُمْ كَالصَّبِيِّ فِي الرَّضْخِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ وَالْحَرْبِيَّ إذَا حَضَرُوا بِإِذْنِ الْإِمَامِ حَيْثُ يَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ كَالذِّمِّيِّ.

وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْعَبْدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً وَحَضَرَ فِي نَوْبَتِهِ أُسْهِمَ لَهُ وَإِلَّا رَضَخَ وَلَوْ زَالَ نَقْصُ أَهْلِ الرَّضْخِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ أُسْهِمَ لَهُمْ بَلْ لَوْ بَانَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا ذُكُورَةُ الْمُشْكِلِ أُسْهِمَ لَهُ أَيْضًا وَمَنْ قَاتَلَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ رُضِخَ لَهُ مَعَ السَّهْمِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَسْعُودِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَكَلَامُ غَيْرِهِمَا يُنَازَعُ فِيهِ وَقِيلَ يُزَادُ مِنْ سَهْمُ الْمَصَالِحِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ انْفَرَدَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ بِالْغَزْوِ وَغَنِمَ فَأَوْجَهُ أَصَحُّهَا عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبُ أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ كَمَا يُقْسَمُ الرَّضْخُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الرَّأْيُ مِنْ التَّسْوِيَةِ وَالتَّفْضِيلِ وَجَعَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْأَصَحَّ. وَالثَّانِي يُقْسَمُ كَمَا تُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَالثَّالِثُ يُرْضَخُ لَهُمْ وَيُجْعَلُ الْبَاقِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَلِرُكُوبِ) بِضَمِّ الرَّاءِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ وَبِفَتْحِهَا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ بِمَعْنَى رَاكِبٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي أَيْ وَلِرَاكِبٍ (فَرَسٍ وَلَوْ سِوَى مِلْكٍ) لَهُ كَمُعَارٍ وَمَغْصُوبٍ لَمْ يَشْهَدْ مَالِكُهُ الْوَقْعَةَ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ (إذَا لَمْ يَكُ) الْفَرَسُ (فَاقِدَ الْقُوَى ثَلَاثَةً مِنْ أَسْهُمٍ لَا زَائِدَا يُعْطَى) أَيْ يُعْطَى رَاكِبُهُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ سَهْمًا لَهُ وَسَهْمَيْنِ لِلْفَرَسِ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.

وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَإِنْ حَضَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ كَمَا لَا يُنْقَصُ عَنْهَا فَلَوْ قَاتَلَ فِي سَفِينَةٍ وَمَعَهُ فَرَسٌ أُعْطِيهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى الرُّكُوبِ نَصَّ عَلَيْهِ وَحَمَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَلَى مَنْ بِقُرْبِ السَّاحِلِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَخْرُجَ وَيَرْكَبَ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِإِعْطَائِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّةٌ التَّوْجِيهِ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ وَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى رُكُوبِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَقَدْ الْتَزَمَ مُؤْنَتَهَا أَيْ وَلَيْسَ مُرَادًا وَلَوْ كَانَ مَعَهُ فَرَسٌ فَلَمْ يَرْكَبْ لِجَهْلِهِ بِهِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ حَكَى ابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ وَرَأَى أَنْ يُسْهَمَ لَهُ إذَا أَمْكَنَهُ رُكُوبُهُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهَا عَنْ صَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَوْ ضَاعَ فَرَسُهُ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ وَقَاتَلَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ) لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ م ر (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْعَبْدِ) فَيَكُونُ الرَّضْخُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً وَيَحْضُرُ فِي نَوْبَتِهِ فَيَكُونُ الرَّضْخُ لَهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَاتَلَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ رُضِخَ لَهُ إلَخْ)

اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ أَثَرٌ مَحْمُودٌ يَنْفِلُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ النَّفْلِ وَهَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إلَّا تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَأَقُولُ الْفَرْقُ أَنَّ هَذَا فِي الرَّضْخِ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ وَمَا سَلَفَ فِي التَّنْفِيلِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ هُنَا بِقِيلَ هُوَ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ مِنْ أَنَّ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ أَثَرٌ مَحْمُودٌ زِيدَ عَلَى سَهْمِهِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ ثُمَّ أَطْنَبَ فِي رَدِّ كَلَامِ الْمَسْعُودِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَقَالَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الرَّضْخِ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ انْتَهَى فَتَأَمَّلْ.

فَكَانَ النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّفَلُ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّهُ قَدْ لَا يَأْتِي التَّنْفِيلُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ إلَّا بِالْيَسِيرِ جِدًّا لِكَثْرَتِهَا جِدًّا بِخِلَافِهِ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ كَجٍّ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ (قَوْلُهُ: وَرَأَى أَنْ يُسْهَمَ لَهُ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ وَلَا الرَّضْخَ وَلَا السَّلَبَ نَقَلَهُ ق ل عَنْ الرَّمْلِيِّ وَزَيّ وَنَقَلَ عَنْ م ر الصَّغِيرِ اسْتِحْقَاقَ السَّلَبِ (قَوْلُهُ: كَالْعَبْدِ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِ الرَّضْخِ لَا السَّهْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>