للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِيثَاقِهِ وَذِمَّتِهِ وَأَمَانَتِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَهِيَ كِنَايَاتٌ وَعَمْرُ اللَّهِ بَقَاؤُهُ وَحَيَاتُهُ

(وَمِنْهُ) أَيْ: مِنْ تَحْقِيقِ مَا لَمْ يَجِبْ مِنْ الْحَلِفِ الْمُرَادِفِ لِلْيَمِينِ. (نَذْرٌ أَوْ يَمِينٌ لِلْغَضَبْ) أَيْ: نَذْرُ الْغَضَبِ وَاللَّجَاجِ وَيَمِينُهُمَا وَالتَّسْمِيَةُ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرُبَّمَا يُسَمَّى بِنَذْرِ الْغَلْقِ وَيَمِينِهِ. (كَأَنْ يُعَلِّقَ) بِفِعْلِ شَيْءٍ أَوْ تَرْكِهِ. (الْتِزَامَهُ الْقُرَبْ وَالنَّذْرُ) أَيْ: أَوْ النَّذْرَ. (أَوْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ) كَقَوْلِهِ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ الْيَوْمَ فَعَلَيَّ صَلَاةٌ مَثَلًا أَوْ نَذْرٌ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَإِذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ بِهِ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، أَمَّا فِي الثَّالِثِ فَلِلتَّصْرِيحِ بِهَا، وَأَمَّا فِي الْأَوَّلَيْنِ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُمَا الْمَنْعُ أَوْ الْحَثُّ فَأَشْبَهَا الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَتَجِبُ كَفَّارَتُهَا وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ فِيهِمَا هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَصَحَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ التَّخْيِيرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ لِوُجُودِ شِبْهِ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّ إيرَادَ الْعِرَاقِيِّينَ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ يَتَخَيَّرُ فِي قَوْلِهِ فَعَلَيَّ نَذْرٌ بَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَقُرْبَةٍ مِنْ الْقُرَبِ الَّتِي تُلْتَزَمُ بِالنَّذْرِ وَتَعَيُّنِهَا إلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ تَتَعَيَّنُ الْكَفَّارَةُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ كَفَّارَتَهَا مَعْلُومَةٌ وَمُوجِبُ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ مَجْهُولٌ، أَمَّا الْكَفَّارَةُ فِي الثَّالِثِ فَمُتَعَيِّنَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (لَا) الْتِزَامَ. (هَذِي) أَيْ: الْيَمِينِ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَعَلَيَّ يَمِينٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِنَذْرٍ وَلَا بِصِيغَةِ يَمِينٍ وَلَيْسَ الْيَمِينُ مِمَّا يُلْتَزَمُ فِي الذِّمَّةِ وَقَوْلُهُ. (بِفِعْلِهِ وَتَرْكِهْ) بِإِسْكَانِ هَاءِ تَرْكِهْ صِلَةِ يُعَلِّقَ كَمَا تَقَرَّرَ وَخَرَجَ بِنَذْرِ اللَّجَاجِ نَذْرُ التَّبَرُّرِ الشَّامِلُ لِنَذْرِ الْمُجَازَاةِ فَيَجِبُ فِيهِ مَا الْتَزَمَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَنَذْرِ الْمُجَازَاةِ أَنَّ السَّبَبَ فِي الْأَوَّلِ يُرْغَبُ عَنْهُ وَفِي الثَّانِي يُرْغَبُ فِيهِ كَالشِّفَاءِ، وَلِهَذَا عَبَّرَ فِيهِ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ عُلِّقَ بِمَقْصُودٍ أَيْ: بِمَا يُقْصَدُ حُصُولُهُ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إلَى الْقَصْدِ فَلَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَعَلَيَّ صَوْمٌ فَإِنْ ذُكِرَ لِكَرَاهَةِ الرُّؤْيَةِ فَنَذْرُ لَجَاجٍ أَوْ لِلرَّغْبَةِ فِيهَا فَنَذْرُ مُجَازَاةٍ

(فَعَلَى مُمْتَنَعِ الْبِرِّ) أَيْ فَإِذَا حَلَفَ عَلَى مُمْتَنَعِ الْبِرِّ وَلَوْ عَادَةً. (كَقَتْلِ مَنْ فَنِيَ) أَيْ: مَاتَ. (وَشُرْبِ نَهْرٍ) وَصُعُودِ السَّمَاءِ وَشُرْبِ الْمَاءِ الَّذِي فِي هَذَا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ يَعْتِقُ رَقَبَةً كَمَا سَيَأْتِي، وَالْمُرَادُ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ فِي الْحَالِ لَا قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ فِي الْحَالِ، وَلَا مَعْنَى لِلِانْتِظَارِ فِيمَا لَا يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ نَعَمْ إنْ قَيَّدَ بِوَقْتٍ كَقَوْلِهِ لَأَقْتُلَنَّهُ غَدًا كَفَّرَ فِي الْغَدِ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ كَذَلِكَ وَالتَّمْثِيلُ بِشُرْبِ النَّهْرِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ

. (وَبِحِنْثِ) أَيْ: وَكَفَّرَ عِنْدَ الْحِنْثِ فِي الْحَلِفِ عَلَى. (الْمُمْكِنِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْتُكَا فَاذْهَبْ) أَوْ قُمْ أَوْ نَحْوَهُ فَيَحْنَثُ بِقَوْلِهِ فَاذْهَبْ أَوْ نَحْوِهِ سَوَاءٌ وَصَلَهُ بِالْيَمِينِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ. (وَ) كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ. (رَأْسَ الشَّهْرِ) أَيْ أَوَّلَهُ أَوْ مَعَ رَأْسِهِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ. (أَقْضِي حَقَّكَا فَقَدَّمَ) قَضَاءَ حَقِّهِ. (الْهِلَالَ) أَيْ: عَلَى رُؤْيَتِهِ. (أَوْ أَخَّرَ) هـ. (عَنْ رُؤْيَتِهِ) بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَيَحْنَثُ لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ مُقَارَنَةَ الْقَضَاءِ لِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعُدَّ الْمَالَ وَيَتَرَصَّدَ الِاسْتِهْلَالَ فَيَقْضِيَهُ حِينَئِذٍ وَلَوْ أَخَذَ حِينَئِذٍ فِي مُقَدِّمَاتِ الْقَضَاءِ كَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَحَمْلِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ وَتَأَخَّرَ الْفَرَاغُ لِكَثْرَةِ الْمَالِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا بِحَيْثُ يَنْطَبِقُ الْفَرَاغُ عِنْدَ الِاسْتِهْلَالِ لِيُقَارِنَهُ الْوَفَاءُ وَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ عَنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى لِلشَّكِّ فِي الْهِلَالِ فَبَانَ كَوْنُهَا مِنْ الشَّهْرِ فَفِي الْحِنْثِ قَوْلًا حَنِثَ النَّاسِي وَالْجَاهِلُ وَلَوْ قَالَ: إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ حَنِثَ إذَا لَمْ يُقَدِّمْهُ عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّ إلَى لِلْغَايَةِ وَبَيَانِ الْحَدِّ فَصَارَ كَقَوْلِهِ إلَى رَمَضَانَ.

(أَوْ) كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ. (أَقْضِيَنْ) حَقَّك. (إلَى) أَوْ بَعْدَ. (زَمَنْ فَمَاتَ لَكِنْ بَعْدَ أَنْ تَمَكَّنَا) مِنْ قَضَائِهِ وَلَمْ يَقْضِهِ فَيَحْنَثْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الزَّمَنِ لَا يُعَيِّنُ وَقْتًا فَكَانَ جَمِيعُ الْعُمُرِ مُهْلَتَهُ وَيُخَالِفُ الطَّلَاقَ حَيْثُ يَقَعُ بَعْدَ لَحْظَةٍ فِي قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ زَمَنٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ زَمَنِ تَعْلِيقٍ فَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى زَمَنًا وَقَوْلُهُ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَيَّ أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ وَعَدَّ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِأَوَّلِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِالِاسْمِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّ فُلَانٍ إلَى زَمَنٍ لَا يَحْنَثُ بَعْدَ لَحْظَةٍ وَكَالزَّمَنِ الْحِينُ وَالدَّهْرُ وَالْحُقْبُ وَالْوَقْتُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَالْمُرَادُ بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا نَوَى بِهِ الْيَمِينَ اسْتِحْقَاقُهُ لِإِيجَابِ مَا أَوْجَبَهُ عَلَيْنَا وَتَعَبُّدُنَا بِهِ وَإِذَا نَوَى بِهِ غَيْرَهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ كِنَايَاتٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ بِالْكُلِّ انْعَقَدَتْ وَاحِدَةٌ وَالْجَمْعُ تَأْكِيدٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْحِنْثِ فِيهَا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ نَوَى بِكُلِّ لَفْظٍ يَمِينًا كَانَ يَمِينٌ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى الْفِعْلِ الْوَاحِدِ مِرَارًا وَنَوَى بِكُلِّ مَرَّةٍ يَمِينًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى الْفِعْلِ الْوَاحِدِ الْعِلَّةُ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ لَا عَلَى الْمَاضِي أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الْبُلْقِينِيِّ. (قَوْلُهُ: وَعَمْرُ اللَّهِ) هُوَ مِنْ الْعُمْرِ لَكِنَّهُ فِي الْقَسَمِ لَمْ يَجِئْ إلَّا بِالْفَتْحِ بِرّ

(قَوْلُهُ: بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الِاسْمُ وَتَعَدَّدَ فَأَوْ فِي الْمَتْنِ لِلتَّنْوِيعِ فِي الِاسْمِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لِلتَّخْيِيرِ فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّك بِالْخِيَارِ فِي التَّسْمِيَةِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا

(قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ) مِثْلُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ حَمَلَهُ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَكَانَ بَعِيدَ الدَّارِ حَتَّى مَضَتْ اللَّيْلَةُ أَوْ أَكْثَرُهَا وَهُوَ مُتَوَجَّهٌ إلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ الْإِمْكَانُ بِرّ. (قَوْلُهُ: إلَى زَمَنٍ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ وَمِثْلُهُ بَعْدَ زَمَنٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُهُ حَلِفًا لَا تَعْلِيقًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْفَرْقَ بَيْنَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: التَّخْيِيرَ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ الْتَزَمَ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ كَإِنْ كَلَّمْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي هَذَا اهـ. ع ش عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>