للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْتَبَرُ فِيمَنْ عَرَفَ نَسَبَهُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ أَيْضًا الثَّانِي أَنَّا قَدَّمْنَا فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الظَّاهِرَ رِعَايَةُ كُلِّ نَسَبٍ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ، وَسَنَذْكُرُ أَنَّ نَسَبَ الْعَجَمِ مَرْعِيٌّ فِي الْكَفَاءَةِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ فَلْيَكُنْ كَذَلِكَ هُنَا.

قَالَ النَّوَوِيُّ قَدْ أَشَارَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى اعْتِبَارِ نَسَبِ الْعَجَمِ فَقَالَ إنْ كَانُوا عَجَمًا لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى نَسَبٍ جَمَعَهُمْ بِالْأَجْنَاسِ كَالتُّرْكِ وَالْهِنْدِ وَبِالْبُلْدَانِ ثُمَّ إنْ كَانَ لَهُمْ سَابِقَةٌ فِي الْإِسْلَامِ تَرَتَّبُوا عَلَيْهَا وَإِلَّا فَبِالْقُرْبِ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَإِنْ تَسَاوَوْا فَبِالسَّبْقِ إلَى طَاعَتِهِ اهـ وَإِذَا اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْقُرْبِ قُدِّمَ (الْأَسَنَّ) عَلَى غَيْرِهِ (فَالْأَسْبَقَ فِي إسْلَامِهِ وَهِجْرَةٍ) لَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ هَذَا وَعَكَسَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ يُقَدَّمُ بِسَبْقِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ بِالدِّينِ ثُمَّ بِالسِّنِّ ثُمَّ بِالشَّجَاعَةِ ثُمَّ وَلِيُّ الْأَمْرِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَقْرَعَ أَوْ يُقَدِّمَ بِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ. قَالَ وَمَا قَالَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ (وَلْيَصْرِفْ) أَيْ الْإِمَامُ عَلَى الْمُرْتَزِقَةِ مِنْ الْفَيْءِ (مَتَى أَرَادَ) مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ أَوْ آخِرِهَا أَوْ وَسَطِهَا أَوْ آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرَاهُ

مَصْلَحَةً

وَالْغَالِبُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي صَرْفِهِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً لِئَلَّا يَشْغَلَهُمْ الصَّرْفُ كُلَّ أُسْبُوعٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ عَنْ الْجِهَادِ وَلِأَنَّ الْجِزْيَةَ وَهِيَ مُعْظَمُ الْفَيْءِ لَا تُؤْخَذُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَيُجْعَلُ لَهُ وَقْتًا مَعْلُومًا لَا يَخْتَلِفُ وَلَا يَدَّخِرُ شَيْئًا خَوْفَ نَازِلَةٍ بَلْ يَصْرِفُ الْكُلَّ فَإِنْ نَزَلَتْ نَازِلَةٌ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ الْقِيَامُ بِهَا (وَكِتَابًا مُحْصِيَا) لَهُمْ (فَلْيَتَّخِذْ) أَيْ الْإِمَامُ نَدْبًا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ.

(يُثْبِتُ فِيهِ الْأَقْوِيَا) عَلَى الْقِتَالِ الْعَارِفِينَ بِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُكَلَّفِينَ الْأَحْرَارِ وَيُقَدِّرُ فِيهِ أَرْزَاقَهُمْ بِخِلَافِ أَضْدَادِهِمْ لِعَدَمِ كِفَايَتِهِمْ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْأَقْوِيَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَيَجُوزُ إثْبَاتُ أَخْرَسَ وَأَصَمَّ وَكَذَا أَعْرَجُ إنْ كَانَ فَارِسًا لَا أَقْطَعَ وَمَنْ كَانَ مَشْهُورَ الِاسْمِ لَا يُحْسِنُ تَحْلِيَتَهُ وَإِنْ كَانَ مَغْمُورًا وُصِفَ بِذِكْرِ نَسَبِهِ وَقَدْرِهِ وَلَوْنِهِ وَحِلَى وَجْهِهِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ وَ (سَمَّى) أَيْ عَيَّنَ الْإِمَامُ نَدْبًا (لِكُلِّ فِرْقَةٍ) بِعَيْنِهَا (عَرِيفًا) لِيَعْرِضَ عَلَيْهِ أَحْوَالَهُمْ وَيَجْمَعَهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ كُلُّ ذَلِكَ لِلتَّسْهِيلِ وَزَادَ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: وَيُنَصِّبُ الْإِمَامُ صَاحِبَ جَيْشِ وَهُوَ يُنَصِّبُ النُّقَبَاءَ وَكُلُّ نَقِيبٍ يُنَصِّبُ الْعُرَفَاءَ وَكُلُّ عَرِيفٍ يُحِيطُ بِأَسْمَاءِ الْمَخْصُومِينَ بِهِ فَيَدْعُو الْإِمَامُ صَاحِبَ الْجَيْشِ وَهُوَ يَدْعُو النُّقَبَاءَ وَكُلُّ نَقِيبٍ يَدْعُو الْعُرَفَاءَ الَّذِينَ تَحْتَ رَايَتِهِ وَكُلُّ عَرِيفٍ يَدْعُو مَنْ تَحْتَ رَايَتِهِ (وَلْيَمْحُ) مِنْ الْكِتَابِ (مَنْ قَدْ جُنَّ وَالضَّعِيفَا إنْ أَيِسَا) بُرْءًا وَإِلَّا فَلَا يَمْحُهُمَا لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ الْجِهَادِ وَمَعَ ذَلِكَ يُعْطَى الْمَيْئُوسُ بُرْؤُهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ عِيَالِهِ الرَّاهِنَةِ كَمَا يُعْطَى زَوْجَاتُ الْمَيِّتِ وَأَوْلَادُهُ.

(وَمَنْ يَمُتْ) مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ (وَالْمَالُ قَدْ جُمِّعَ) وَلَمْ يَمْضِ الْأَمَدُ الْمُعَيَّنُ لِلصَّرْفِ (يُعْطَ وَارِثٌ) لَهُ (قِسْطَ الْأَمَدْ) وَإِنْ مَضَى الْأَمَدُ أُعْطِيَ جَمِيعَ الْحَظِّ كَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ كَالْإِرْثِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ جَمْعِ الْمَالِ وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَمَدِ فَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ إذْ الْحَقّ إنَّمَا يَثْبُتُ بِحُصُولِ الْمَالِ (وَمَا مِنْ الْأَخْمَاسِ هَذِي الْأَرْبَعَهْ يَفْضُلُ) عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ (فِي الْمُرْتَزِقِينَ) أَيْضًا (وَزَّعَهْ) أَيْ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرِ حَاجَاتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَهُمْ وَقِيلَ عَلَى قَدْرِ رُءُوسِهِمْ (أَوْ) وَزَّعَ (بَعْضَهُ) عَلَيْهِمْ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ (يَصْرِفُ بِاسْتِصْلَاحِ فِي الثَّغْرِ) أَيْ يَصْرِفُهُ فِي إصْلَاحِ الثُّغُورِ (وَالْكُرَاعِ) أَيْ الْخَيْلِ (وَالسِّلَاحِ) لِيَكُونَ عِدَّةً لَهُمْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ: قَدْ أَشَارَ إلَخْ) مَوْضِعُ الْإِشَارَةِ قَوْلُهُ: لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى نَسَبٍ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ أَنَّهُمْ لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى نَسَبٍ اُعْتُبِرَ وَرُوعِيَ بِرّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِالسِّنِّ ثُمَّ بِالْهِجْرَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ (قَوْلُهُ: فَلْيُتَّخَذْ) يَحْتَمِلُ زِيَادَةَ فَاءِ فَلْيُتَّخَذْ وَنَصْبُ كِتَابًا بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا تُعْطَى زَوْجَاتُ الْمَيِّتِ وَأَوْلَادُهُ) قَدْ يَدُلُّ التَّشْبِيهُ عَلَى أَنَّهُمْ إنَّمَا يُعْطَوْنَ لِحَاجَتِهِمْ الرَّاهِنَةِ فَلْيُرَاجَعْ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَا يُجْمِعُونَ عَلَى نَسَبٍ) فَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ فِيهِمْ قُرْبُهُ وَبُعْدُهُ كَالْعَرَبِ شَرْحُ الرَّوْضِ أَيْ قُرْبُهُ وَبُعْدُهُ إلَى مَا يَرَوْنَهُ أَشْرَفَ. اهـ. بِهَامِشِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: بِالْأَجْنَاسِ كَالتُّرْكِ وَالْهِنْدِ) فِي شَرْحَيْ م ر وَحَجَرٍ فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى نَسَبٍ اُعْتُبِرَ مَا يَرَوْنَهُ أَشْرَفَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِالدِّينِ) فَيُقَدَّمُ الْأَوْرَعُ فِي الدِّينِ ع ش (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) أَيْ لَا الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُهُ لِأَجْلِ فَرَسِهِ وَقِتَالِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: الرَّاهِنَةُ) اُنْظُرْ مَا ضَابِطُهُ هَلْ هُوَ كُلُّ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ عِنْدَ حُضُورِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ وَكُلُّ فَصْلٍ عِنْدَ حُضُورِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكِسْوَةِ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ يُعْطَى كِفَايَتُهُ وَكِفَايَةُ مُمَوَّنِهِ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ أَيْ يُعْطَى حَاجَتُهُ وَحَاجَةُ عِيَالِهِ فِي الْحَالِ الرَّاهِنَةِ فَإِنَّهُ فِيهَا لَا يَحْتَاجُ لِفَرَسٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُعْطَى لَهُ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِمَحْضِ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ كَمَا أَنَّ زَوْجَاتِ الْمَيِّتِ وَأَوْلَادَهُ لَا يُعْطَوْنَ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ لِحَاجَةِ قِتَالِهِ بَلْ يُعْطَوْنَ حَاجَتُهُمْ بِحَسَبِ حَالَتِهِمْ الرَّاهِنَةِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: إذْ الْحَقُّ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ يُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْحُصُولِ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَبْضٍ رَاجِعْ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ عَلَى نِسْبَةِ مَا أَخَذَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ لِحَاجَتِهِ إذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>