للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَدْنَى طَرَفْ) أَيْ لَوْ فَرَضْنَا الصَّيِّتَ وَقَفَ فِي أَقْرَبِ طَرَفٍ مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ إلَى مَنْ يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ لِخَبَرِ «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ لَكِنْ ذَكَرَ لَهُ الْبَيْهَقِيُّ شَاهِدًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَاعْتُبِرَ سُكُونُ الرِّيحِ، وَالصَّوْتِ لِئَلَّا يَمْنَعَا بُلُوغَ النِّدَاءِ، أَوْ يُعِينُ عَلَيْهِ الرِّيحُ وَاعْتُبِرَ أَقْرَبُ طَرَفٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَلَدَ قَدْ تَكْبُرُ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ أَطْرَافَهُ النِّدَاءُ بِوَسَطِهِ، فَاحْتِيطَ لِلْعِبَادَةِ.

قَالَ الْأَكْثَرُونَ: وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُنَادِي عَلَى عَالٍ لِأَنَّهُ لَا ضَبْطَ لِحَدِّهِ، وَالْمُعْتَبَرُ بُلُوغُ النِّدَاءِ بِحَالَةِ اسْتِوَاءِ الْمَوْضِعِ كَمَا اُعْتُبِرَ سُكُونُ الرِّيحِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا قَدْ يُسْمَعُ لِشِدَّتِهَا، فَلَوْ سُمِعَ لِكَوْنِهِ بِعُلُوٍّ، وَلَوْ كَانَ بِاسْتِوَاءٍ لَمْ يُسْمَعْ لَمْ تَجِبْ، أَوْ لَمْ يُسْمَعْ لِكَوْنِهِ بِمُنْخَفِضٍ، وَلَوْ كَانَ بِاسْتِوَاءٍ سُمِعَ وَجَبَتْ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ عَلَى الْبَعِيدِ الْعَالِي دُونَ الْقَرِيبِ الْمُنْخَفِضِ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَخَبَرُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَخَالَفَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، فَاعْتُبِرَ السَّمَاعُ مُطْلَقًا لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ قَوْلِهِ: إنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ وُقُوفُ الْمُنَادِي بِمَوْضِعٍ عَالٍ كَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَلَدُ كَطَبَرِسْتَانَ، فَإِنَّهَا بَيْنَ أَشْجَارٍ وَغِيَاضٍ تَمْنَعُ بُلُوغَ الصَّوْتِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الِارْتِفَاعُ عَلَى مَا يَعْلُو الْغِيَاضَ، وَالْأَشْجَارَ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ: الْمُعْتَبَرُ السَّمَاعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ وَفِيمَا ذُكِرَ مَانِعٌ، فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ سَمَاعُ مَنْ أَصْغَى إلَى النِّدَاءِ وَلَمْ يَكُنْ أَصَمَّ، وَلَا جَاوَزَ سَمْعُهُ حَدَّ الْعَادَةِ.

وَيَكْفِي سَمَاعُ بَعْضِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، وَلَوْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدَيْنِ تَخَيَّرَ، وَالْأَوْلَى أَكْثَرُهُمَا جَمَاعَةً ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ

(وَلَا يَصِحُّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إلَى مَنْ يَبْلُغُهُ) مُتَعَلِّقٌ، بِأَقْرَبَ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَمْنَعَا) إنْ هَبَّ الرِّيحُ إلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّامِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرِّيحُ) إنْ هَبَّ إلَى جِهَةِ السَّامِعِ (قَوْلُهُ: إلَى مَا قَدْ يَسْمَعُ) أَيْ: النِّدَاءَ الَّذِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ بِاسْتِوَاءٍ سَمِعَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اعْتِبَارُ سَمَاعِهِ لَوْ كَانَ مُسْتَوِيًا بَعْدَ فَرْضِ مَسَافَةِ الِانْخِفَاضِ مُمْتَدَّةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَلْ ذَلِكَ مُرَادُهُمْ قَطْعًا، وَإِلَّا يَلْزَمُ وُجُوبُ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ فِي الْوَهْدَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَسَافَةُ النُّزُولِ فَرَاسِخَ ثُمَّ هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَيْضًا كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَهُوَ قَوِيٌّ لَكِنْ اقْتَصَرَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي الْفَتَاوَى عَلَى قَوْلِهِ: إنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَوَجَبَتْ) أَيْ: وَإِلَّا يُعْتَبَرُ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ: إلَخْ.) لَعَلَّ هَذَا، أَوْلَى، فَإِنَّ الِارْتِفَاعَ الْمَذْكُورَ قَدْ يَبْلُغُ الصَّوْتُ مَعَهُ مَا لَا يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ، بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْمَانِعِ، وَلِوُقُوفٍ عَلَى الْأَرْضِ، فَلَا يَنْبَغِي الِاسْتِثْنَاءُ، فَضْلًا عَنْ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي سَمَاعُ بَعْضِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا مَوْقِعَ لِهَذَا إلَّا إنْ اُعْتُبِرَ السَّمَاعُ بِالْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْعِبَارَةِ كَقَوْلِهِ: لَوْ فَرَضْنَاهُ وَقَفَ إلَخْ.، فَتَأَمَّلْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيهِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ بِأَنْ نَقَصَ عَنْ أَرْبَعِينَ لَمْ تَجِبْ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ الصَّوْتُ (قَوْلُهُ: إلَى مَنْ يَبْلُغُهُ) أَيْ إلَى مَوْضِعٍ، أَوْ بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ هُوَ فِيهِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ سَمَاعُهُ، بَلْ سَمَاعُ بَعْضِ أَهْلِ الْبَلْدَةِ مَثَلًا كَافٍ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْكُلِّ كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. لَكِنَّ فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَتَبِعَهُ م ر أَنَّ مَنْ سَمِعَ مِنْ مَوْضِعِ إقَامَتِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَا فَلَا، وَهُوَ مُنَافٍ لِمَا سَبَقَ. اهـ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَالْمُعْتَبَرُ نِدَاءُ مُؤَذِّنٍ عَالِي الصَّوْتِ يَقِفُ عَلَى طَرَفِ الْبَلَدِ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي تِلْكَ الْقَرْيَةَ، وَيُؤَذِّنُ عَلَى عَادَتِهِ، وَالْأَصْوَاتُ هَادِيَةٌ، وَالرِّيَاحُ رَاكِدَةٌ فَإِذَا سَمِعَ صَوْتَهُ مِنْ الْقَرْيَةِ مَنْ أَصْغَى إلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصَمَّ، وَلَا جَاوَزَ سَمْعُهُ حَدَّ الْعَادَةِ، وَجَبَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى أَهْلِهَا. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْكُلِّ بِسَمَاعٍ وَاحِدٍ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ بِعُلُوٍّ) أَيْ: لِكَوْنِ الْقَرْيَةِ، أَوْ مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ كُلِّهِ عَلَى مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ كَجَبَلٍ، وَعَكْسُهُ فِي عَكْسِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَنْ أَصْغَى) أَيْ: لَوْ أَصْغَى، وَهُوَ بِطَرَفِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَيْضًا عَلَى مُسْتَوٍ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالطَّرَفِ آخِرُ مَحَلٍّ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ لِمَنْ سَافَرَ مِنْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِاعْتِبَارِ مَوْضِعِ إقَامَةِ السَّامِعِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ م ر. اهـ. لَكِنَّهُ الْمُوَافِقُ لِمَوْقِفِ الْمُؤَذِّنِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي إلَخْ.) أَيْ: يَكْفِي سَمَاعُ الْبَعْضِ، وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَلَا بِالْقُوَّةِ هَذَا ظَاهِرُ الشَّارِحِ، وَالرَّوْضَةِ، وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَتَبِعَهُ م ر كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ.

وَعِبَارَةُ النَّاشِرِيِّ عَلَى الْحَاوِي، وَيُفْهَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>