للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ أَرَادُوا إسْمَاعَ نَفْسِهِ وَمَنْعَ كَوْنِهِ أَصَمَّ إذَا كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ كَانَ بَعِيدًا، بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ

(وَالْوِلَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ، وَالْخَلَفُ؛ وَلِأَنَّ لَهُ أَثَرًا ظَاهِرًا فِي اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ (وَ) الْوِلَاءُ (بَيْنَ خُطْبَتَيْنِ وَبَيْنَ مَا صَلَّى) ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ، وَالصَّلَاةَ شُبِّهَتَا بِصَلَاتَيْ الْجَمْعِ (وَبِالطُّهْرَيْنِ) أَيْ وَمَعَ طُهْرَيْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، فَلَوْ تَطَهَّرَ وَعَادَ وَجَبَ اسْتِئْنَافُ الْخُطْبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ كَالصَّلَاةِ.

(قُلْت: وَبِالسَّتْرِ) فِي الْخُطْبَةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي فِيمَا مَرَّ، وَيَجِبُ خَارِجَ الصَّلَاةِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِهِ اشْتِرَاطُهُ، ثُمَّ هَذِهِ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ إلَى هُنَا بَعْضُهَا أَرْكَانٌ لِلْخُطْبَتَيْنِ وَهُوَ حَمْدًا لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْقِرَاءَةُ وَالدُّعَاءُ، وَالْبَقِيَّةُ شُرُوطٌ لَهُمَا وَجُمْلَةُ شُرُوطِهِمَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وُقُوعُهُمَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَفِي خِطَّةِ بَلْدَةٍ، أَوْ قَرْيَةٍ وَأَنْ لَا يَتَقَدَّمَهُمَا وَلَا يُقَارِنَهُمَا جُمُعَةٌ حَيْثُ يَمْتَنِعُ تَعَدُّدُهَا وَتَقْدِيمُهُمَا عَلَى الصَّلَاةِ، وَالْقِيَامُ فِيهِمَا لِلْقَادِرِ وَالْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا وَكَوْنُ الْخَطِيبِ ذَكَرًا وَإِسْمَاعُ وَسَمَاعُ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ، وَالْوِلَاءُ، وَالطُّهْرَانِ، وَالسَّتْرُ، وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ شَرْطَيْنِ لَهُمَا وَرُكْنَيْنِ لِلصَّلَاةِ أَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ إلَّا الذِّكْرَ وَالْوَعْظَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقِيَامَ وَالْجُلُوسَ لَيْسَا بِجُزْأَيْنِ لَهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا جُمْلَةُ أَعْمَالٍ وَهِيَ كَمَا تَكُونُ أَذْكَارًا تَكُونُ غَيْرَ أَذْكَارٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَاشْتِرَاطُ الْقَاضِي نِيَّةَ الْخُطْبَةِ وَفَرْضِيَّتَهَا كَالصَّلَاةِ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ.

(وَظُهْرًا فَلْتَصِرْ) أَيْ الْجُمُعَةُ (إنْ فَاتَ شَرْطٌ خَصَّهَا مِمَّا ذِكْرَ) وَتَعَذَّرَ تَدَارُكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ قَلْبَهَا كَأَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ انْفَضَّ بَعْضُ الْأَرْبَعِينَ فِيهَا وَلَمْ يَعُودُوا لِأَنَّا إنْ قُلْنَا إنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا وَقْتُهُ وَتُتَدَارَكُ بِهِ، فَهِيَ كَصَلَاةِ الْمُسَافِرِ إذَا فَاتَ شَرْطُ قَصْرِهَا، وَإِنْ قُلْنَا صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ لِخَبَرِ أَحْمَدَ، وَهُوَ حَسَنٌ عَنْ عُمَرَ «الْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَلِأَنَّهُمَا فَرْضُ وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَيَصِحُّ الظُّهْرُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ، وَيَلْزَمُهُ إتْمَامُ الظُّهْرِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: خَصَّهَا الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي. الشُّرُوطُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا كَالطَّهَارَةِ، وَالسَّتْرِ، فَتَبْطُلُ بِفَوَاتِهَا

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهَا أَخَذَ فِي شُرُوطِ لُزُومِهَا، فَقَالَ: (وَتَلْزَمُ) الْجُمُعَةُ (الْمُكَلَّفَ) هَذَا، وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا، فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ (الْحُرَّ الذَّكَرْ) ، فَلَا تَلْزَمُ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرَ الْحُرِّ، وَلَوْ مُكَاتَبًا مُبَعَّضًا وَإِنْ وَقَعَتْ فِي نَوْبَتِهِ حَيْثُ تَكُونُ مُهَايَأَةً، وَلَا الْأُنْثَى وَالْمُشْكِلَ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ فِي غَيْرِ الْمُشْكِلِ وَلِلْقِيَاسِ فِيهِ سَوَاءٌ حَضَرُوا أَمْ لَا إذْ الْمَانِعُ مِنْ اللُّزُومِ الصِّفَاتُ الْقَائِمَةُ بِهِمْ وَهِيَ لَا تَرْتَفِعُ بِحُضُورِهِمْ نَعَمْ إنْ أَحْرَمُوا بِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ كَانَ الْخَطِيبُ لَا يُفَرِّقُ مَعْنَى أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوز، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ بَلْ الْوَجْهُ الْجَوَازُ كَمَنْ يَؤُمُّ بِالْقَوْمِ، وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَى الْفَاتِحَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يَفْهَمُ مَا يَقُولُ، فَلَا حَاجَة إلَى سَمَاعِهِ

(قَوْلُهُ: شُبِّهَتَا إلَخْ.) قَضِيَّتُهُ أَنَّ ضَابِطَ الْوَلَاءِ هُنَا ضَابِطُهُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطُلْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، أَوْ تَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ، فَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَأَمَّا السَّامِعُونَ لِلْخُطْبَةِ، فَلَا يُشْتَرَطُ طَهَارَتُهُمْ، وَلَا سَتْرُهُمْ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: وَأَغْرَبُ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَظُهْرًا، فَلْتَصِرْ إنْ فَاتَ شَرْطٌ خَصَّهَا مِمَّا ذِكْرَ) اعْتَرَضَهُ الْجَوْجَرِيُّ، بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْتِي فِي سَبْقِ الْوَقْتِ، وَلَا فِي عَدَمِ الِاسْتِيطَانِ، وَعَدَمِ سَبْقِ التَّحَرُّمِ، وَعَدَمِ الْخُطْبَةِ، وَعَدَمِ الْخُطْبَتَيْنِ، وَعَدَمِ الْجُمُعَةِ، وَالْعَدَدِ قَالَ: وَإِنَّمَا يَأْتِي فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ خَاصَّةً. اهـ. وَأَقُولُ مُرَادُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، فَوَاتُ الشَّرْطِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، فَلَا يُرَدُّ مَا قَالَهُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: فِي صُورَةٍ فَقَطْ غَيْرُ مُسَلَّمٍ كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَأَقُولُ يَدْخُلُ فِي فَوْتِ الشَّرْطِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ مُفَارَقَةُ بَعْضِ الْأَرْبَعِينَ، بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا، وَمِنْهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَهَذَا مِنْ عَدَمِ الْعَوْدِ الَّذِي قَالَهُ، فَإِطْلَاقُ قَوْلِهِ: فَلَا يُرَدُّ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ، وَمِنْهُ أَيْضًا الْخُرُوجُ عَنْ الْخُطْبَةِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ نَعَمْ إنْ خَرَجُوا، أَوْ بَعْضُهُمْ، بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ كَأَنْ صَلَّوْا فِي سَفِينَةٍ فِي الْخِطَّةِ، فَأَخْرَجَهَا نَحْوُ الرِّيحِ قَهْرًا، وَرَجَعُوا فَوْرًا، فَفِيهِ نَظَرٌ، فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ تَصِيرُ ظُهْرًا، بِفَقْدِ شَرْطٍ يَخُصُّهَا قَالَ الشِّهَابُ حَجَرٌ بَعْدَ انْعِقَادِهَا كَأَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، أَوْ نَقَصَ الْعَدَدُ السَّابِقُ أَثْنَاءَهَا، أَوْ بِأَنْ سَبَقَ أُخْرَى لَهَا عِنْدَ امْتِنَاعِ التَّعَدُّدِ، أَوْ أَنَّهَا فِي غَيْرِ دَارِ الْإِقَامَةِ، أَوْ قَبْلَ سَبْقِ الْخُطْبَتَيْنِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ يَجِبُ إتْمَامُهَا ظُهْرًا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: تَصِيرُ مَعَ مَا ذَكَرْته فِي شَرْحِهِ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا، أَوْ فِي غَيْرِ دَارِ الْإِقَامَةِ، أَوْ مَعَ الْعِلْمِ، بِسَبْقٍ أَوْ مُفَارَقَةٍ أُخْرَى لَهَا، أَوْ بِفَقْدِ الْعَدَدِ، أَوْ الْخُطْبَةِ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ، فَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا، وَهَمَ فِيهِ الشَّارِحُ الْجَوْجَرِيُّ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ مَا أَفَادَهُ الْمَتْنُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِوُرُودِ هَذِهِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الِابْتِدَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ، بِالْأَثْنَاءِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ، فَسَوَّى بَيْنَهُمَا غَفْلَةً عَنْ الْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَهُمَا. اهـ.

وَأَقُولُ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي انْعِقَادِهَا مِنْ أَصْلِهَا فِي نَحْوِ مَا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا فِي غَيْرِ دَارِ الْإِقَامَةِ، أَوْ قَبْلَ الْخُطْبَتَيْنِ، فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَوْ انْفَضَّ بَعْضُ الْأَرْبَعِينَ فِيهَا، وَلَمْ يَعُودُوا) هَذَا إذَا تَعَذَّرَ اسْتِئْنَافُ جُمُعَةٍ، وَإِلَّا، فَالْوَجْهُ اسْتِئْنَافُهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، وَالْوَقْتُ بَاقٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَرْصَفِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَبِالطُّهْرَيْنِ) أَيْ: فِي الْأَرْكَانِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَطَهَّرَ، وَعَادَ إلَخْ.) ، وَلَوْ كَانَ حَدَثُهُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَلَوْ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فِي الْخُطْبَةِ) أَيْ أَرْكَانِهَا كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: الْمُكَلَّفِ) ، وَكَذَا غَيْرُهُ كَالسَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي فَإِنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>