فَإِنْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ قَادِرًا فَهُوَ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا وَقَدْ تَقَدَّمَ
(وَبِالْجُلُوسِ) مُطْمَئِنًّا (فَصَلَا) أَيْ: وَفَصْلٌ بِالْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ مُطْمَئِنًّا كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا فَصَلَ بِسَكْتَةٍ لَا بِاضْطِجَاعٍ
(وَسَمْعِ) بِمَعْنَى إسْمَاعٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي أَيْ: وَمَعَ إسْمَاعِ (أَرْبَعِينَ أَهْلًا) لِانْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهِمْ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا الْوَعْظُ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْإِبْلَاغِ، فَلَا يَكْفِي الْإِسْرَارُ كَالْأَذَانِ.
فَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ صُمًّا لَمْ يَصِحَّ كَبُعْدِهِمْ عَنْهُ وَكَشُهُودِ النِّكَاحِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ السَّمَاعُ، فَيُشْتَرَطُ الْإِسْمَاعُ، وَالسَّمَاعُ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَلَعَلَّ النَّاظِمَ عَدَلَ إلَى سَمْعٍ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّمْعَ يَقْتَضِي الْإِسْمَاعَ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَإِذَا سَمِعُوا لَا يَضُرُّ عَدَمُ فَهْمِهِمْ لَهَا كَمَا مَرَّ وَتَعْبِيرُهُ هُنَا بِأَرْبَعِينَ مُوَافِقٌ لِتَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقِيَاسُ مَا صَحَّحَاهُ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ الِاقْتِصَارُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَإِنْ بَانَ أَنَّهُ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ إمَامُ الصَّلَاةِ، وَقَدْ صَلَّى قَاعِدًا قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ كَمَا فِي الرَّوْضِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَا لَوْ بَانَ إلَخْ.) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ: وَبِالْجُلُوسِ مُطْمَئِنًّا إلَخْ.) لَوْ عَجَزَ عَنْ الْجُلُوسِ، وَجَبَ أَنْ يَسْكُتَ مِنْ قِيَامٍ، بِقَدْرِهِ بَحَثَهُ الْجَوْجَرِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَظَاهِرُ الْكَلَامِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْإِيمَاءِ هُنَا إلَى الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ: لَا بِاضْطِجَاعٍ) ، وَلَا بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ
(قَوْلُهُ: أَرْكَانُ الْخُطْبَةِ) مَفْعُولُ سَمَاعٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الْإِسْرَارُ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ السَّمَاعِ، بِالْفِعْلِ لَكِنْ أَفَادَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ، بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ أَصْغَى سَمِعَ، وَإِنْ اشْتَغَلَ عَنْ السَّمَاعِ بِنَحْوِ تَحَدُّثٍ مَعَ جَلِيسِهِ، وَيَدُلُّ لَهُ اسْتِحْبَابُهُمْ الْإِنْصَاتَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ صُمًّا إلَخْ.) ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ خُرْسًا، وَلَا صَمَمَ بِهِمْ، فَتَصِحُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِهِ صَمَمٌ عَارِضٌ، أَوْ أَصْلِيٌّ، فَلَا تَصِحُّ م ر، وَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ إذَا الْقَوْمُ، أَوْ بَعْضُهُمْ خُرْسًا، وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ:، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ، وَغَيْرُهُمَا) ، وَيُعْتَبَرُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا سَمَاعُهُمْ لَهَا، بِالْفِعْلِ لَا، بِالْقُوَّةِ، فَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى أَرْبَعِينَ بَعْضُهُمْ صُمٌّ، وَلَا تَصِحُّ مَعَ وُجُودِ لَغَطٍ يَمْنَعُ لِسَمَاعِ رُكْنٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ كَثِيرُونَ، أَوْ الْأَكْثَرُونَ فَلَمْ يَشْتَرِطُوا إلَّا الْحُضُورَ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَكْسِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ عَدَمُ فَهْمِهِمْ لَهَا كَمَا مَرَّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَا لَوْ بَانَ إلَخْ.) ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْخَطِيبَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَهُمْ نَاوِيًا الْجُمُعَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ خُطْبَةً صَحِيحَةً عِنْدَهُ أَيْ: بِاعْتِبَارِهِ هُوَ لِعِلْمِهِ نَعَمْ إنْ تَقَدَّمَ نَاوِيًا غَيْرَهَا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَمَا لَوْ بَانَ إلَخْ.) ، وَلِكَوْنِهِ يُغْتَفَرُ فِي الْوَسِيلَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ، وَفِي الشَّرْطِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الرُّكْنِ لَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ صَلَّوْا خَلَفَ جَالِسٍ فَتَبَيَّنَ قُدْرَتُهُ حَيْثُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِمْ. اهـ. تَقْرِيرٌ مَرْصَفِيٌّ، وَإِنَّمَا عُدَّ الْقِيَامُ هُنَا شَرْطًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ، وَعْظٌ، وَذِكْرٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْخِدْمَةُ فَعُدَّ الْقِيَامُ رُكْنًا فِيهَا، وَمِثْلُهُ يُقَالُ: فِي الْجُلُوسِ. اهـ.
بج
(قَوْلُهُ: وَبِالْجُلُوسِ) ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطُّهْرُ بج قَالَ ح ل، وَلَوْ أَحْدَثَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بَنَى إنْ كَانَ عَنْ قُرْبٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْخُطْبَةَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تُؤَدَّى بِطَهَارَتَيْنِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَلِذَا قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْقُوَيْسِنِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْحَدَثَ بَيْنَهُمَا كَالْحَدَثِ فِيهِمَا فَلَا بِنَاءَ لِلْخَطِيبِ الْأَوَّلِ هُنَا أَيْضًا. اهـ. وَقَوْلُنَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ احْتِرَازٌ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ فِيهَا بِالْحَدَثِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ أُدِّيَتْ بِطَهَارَتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ، وَلَعَلَّ فَائِدَةَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الطُّهْرِ فِي الْجُلُوسِ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ الْأَوَّلُ ثُمَّ جَلَسَ اُكْتُفِيَ بِهِ، وَيَكُونُ بِنَاءُ الثَّانِي مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لَا بِاضْطِجَاعٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ مَعَ السُّكُوتِ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْقِيَامِ، وَالْجُلُوسِ فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ، وَخَالَفَ الْمُحَشِّي عَلَى التُّحْفَةِ فَانْظُرْهُ
(قَوْلُهُ: وَسَمْعِ أَرْبَعِينَ) قَدْ عَرَفْت سَابِقًا أَنَّ هَذَا غَيْرُ الْحُضُورِ الْمُشْتَرَطِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِصِحَّةِ الِاسْتِخْلَافِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَرْبَعِينَ) ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ الطُّهْرُ، وَلَا كَوْنُهُمْ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ، وَهُوَ دَاخِلُ السُّورِ بِخِلَافِ الْخَطِيبِ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ حَالَ الْخُطْبَةِ دَاخِلَ السُّورِ فَلَوْ خَطَبَ دَاخِلَهُ، وَالْقَوْمُ خَارِجُهُ يَسْمَعُونَ كَفَى. اهـ. بج وَنَقَلَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ عَنْ شَيْخِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهَا فِي ذَلِكَ، وَلَوْ تَبَعًا (تَنْبِيهٌ)
يُعْتَبَرُ فِي الْجُمُعَةِ فِي الْخَوْفِ إسْمَاعُ ثَمَانِينَ لِكُلِّ فِرْقَةٍ أَرْبَعُونَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ السَّمْعَ إلَخْ.) إذَا تَأَمَّلْت تَجِدُ السَّمَاعَ بِالْفِعْلِ يَقْتَضِي الْإِسْمَاعَ بِالْفِعْلِ، وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ يَقْتَضِي الْإِسْمَاعَ بِالْقُوَّةِ، وَمِثْلُهُ الْعَكْسُ فَالْوَجْهُ الْوَجِيهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْمَاعُ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ يَكُونُوا بِحَيْثُ لَوْ أَصْغَوْا لَسَمِعُوا، وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ أَيْضًا بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ بُعْدٌ، وَلَا صَمَمٌ، وَلَا نَوْمٌ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ لَغَطٌ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ لَوْ أَصْغَوْا لَسَمِعُوا. اهـ. شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ.