للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحَاقِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا أَيْ إتْلَافِهِ (مُودَعَهُ) أَيْ مَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

قَالَ النَّشَائِيُّ وَهَذَا لَمْ أَرَهُ بَعْدَ الْفَحْصِ التَّامِّ إلَّا فِي الْحَاوِي وَشُرُوحِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَوُضُوحُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ فَإِنَّ الْإِذْنَ فِي الْحِفْظِ لَيْسَ إذْنًا فِي الْإِتْلَافِ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ جَنَى الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ قَالَ الْإِمَامُ فِي وَجْهٍ بَعِيدٍ: إنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ أَيْضًا كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْجِنَايَةِ لَيْسَ إذْنًا فِي قِيمَةِ مَا يَجْنِي عَلَيْهِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَسَنٌ (وَالْمَهْرِ) أَيْ وَكَمَا يُؤَدِّي مِنْ الْكَسْبِ وَمَالِ التِّجَارَةِ مَا لَزِمَ فِي الْمَهْرِ لِزَوْجَةِ الْعَبْدِ (أَوْ إنْفَاقِهِ) عَلَيْهَا فِي نِكَاحِهِ بِالْإِذْنِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ بِعَقْدٍ مَأْذُونٍ فِيهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْإِذْنِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَدُونَ الْإِذْنِ خُلْعُهُ انْتَظَمَ وَاعْلَمْ أَنَّ تَعَلُّقَ ضَمَانِ الرَّقِيقِ وَمُؤَنِ نِكَاحِهِ وَبَدَلِ مُتْلَفِهِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ عَلَى مَا قَالَهُ بِالْكَسْبِ لَا يَخْتَصُّ بِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ وَضَابِطُ تَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِالرَّقِيقِ أَنَّهَا إنْ ثَبَتَتْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ أَرْبَابِهَا كَمَا فِي الْإِتْلَافَاتِ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِاخْتِيَارِهِمْ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لَهُ فِي ذَلِكَ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَمَالِ التِّجَارَةِ إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَحَيْثُ قُلْنَا تَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَكْتَسِبَ لِلْفَاضِلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْمُفْلِسِ (لَكِنْ إنْ اسْتَخْدَمَ سَيِّدٌ) رَقِيقَهُ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ أَوْ حَبَسَهُ وَلَمْ يَسْتَخْدِمْهُ (غَرِمْ) لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ كَأَنَّهُ أَحَالَ الْمُؤَنَ عَلَى كَسْبِهِ فَإِذَا فَوَّتَهُ طُولِبَ بِهَا مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْجَانِي حَيْثُ صَحَّحْنَاهُ وَأَوْلَى فَيَغْرَمُ (أَقَلَّ) الْأَمْرَيْنِ مِنْ (أَجْرِ مِثْلِهِ) مُدَّةَ اسْتِخْدَامِهِ أَوْ حَبْسِهِ (وَ) مِنْ (مَا لَزِمْ) مِمَّا مَرَّ كَمَا يَفْدِي الْجَانِيَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مَا لَزِمَ الْعَبْدَ وَإِنْ زَادَ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَخْدَمَهُ أَوْ حَسَبَهُ أَجْنَبِيٌّ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا تَفْوِيتُ مَنْفَعَةٍ، وَالسَّيِّدُ سَبَقَ مِنْهُ الْإِذْنُ الْمُقْتَضِي لِالْتِزَامِ مَا وَجَبَ فِي الْكَسْبِ.

(وَهُوَ) أَيْ الرَّقِيقُ (وَإِنْ مَلَكَهُ السَّيِّدُ) أَوْ الْأَجْنَبِيُّ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (لَمْ يَمْلِكْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ كَالْبَهِيمَةِ وَكَمَا لَا يَمْلِكُ بِالْإِرْثِ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلْمِلْكِ (وَدُونَ الْإِذْنِ) لِلرَّقِيقِ (خُلْعُهُ) مِنْ زَوْجَتِهِ (انْتَظَمْ) أَيْ صَحَّ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ سَيِّدُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَالِ لِلسَّيِّدِ وَيُسَلَّمُ الْمَالُ لِسَيِّدِهِ لَا لَهُ.

(وَ) دُونَ الْإِذْنِ لَهُ (صَحَّ أَنْ يَقْبَلَ مَا قَدْ أُوصِيَا لَهُ بِهِ أَوْ هِبَةً) لَهُ وَإِنْ نَهَاهُ سَيِّدُهُ عَنْ الْقَبُولِ لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ لَا يُعْقِبُ عِوَضًا كَالِاحْتِطَابِ (وَاسْتُثْنِيَا الْبَعْضُ لِلسَّيِّدِ) مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ إلَّا فِي الْحَاوِي وَشُرُوحِهِ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ مَا فِي الْحَاوِي وَشُرُوحِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِتْلَافِ بِغَيْرِ رِضَا الْمُسْتَحِقِّ م ز قَالَ الْمُزَجَّدُ فِي تَجْرِيدِهِ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي اسْتِيَامِ عَيْنٍ فَاسْتَامَهَا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ تَعَلَّقَ ضَمَانُهَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ، وَالْعَبْدِ ثُمَّ قَالَ فِي التَّجْرِيدِ لَوْ جَاءَ عَبْدٌ إلَى رَجُلٍ فَقَالَ أَرْسَلَنِي سَيِّدِي لِتُعْطِيَنِي ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِكَ يَرَاهُ لِيَشْتَرِيَهُ فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً عِنْدَ عَبْدٍ فَأَتْلَفَهَا، أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ. اهـ. قُلْتُ وَلَعَلَّ هَذِهِ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُ إذْنِ السَّيِّدِ وَكَذِبُ الْعَبْدِ فِيمَا نَسَبَهُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ الَّتِي قَبْلَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّ وَكِيلَ السَّوْمِ لَيْسَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُزَجَّدِ أَوَّلًا يَلْزَمُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ وَكِيلِ السَّوْمِ، وَالْعَبْدِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْإِتْلَافَاتِ) مِنْهَا الْقَوَدُ الَّذِي عُفِيَ عَنْهُ بِرّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

لَكِنَّ دَيْنَ الضَّمَانِ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ، وَالْكَسْبِ الْمَوْجُودِ مِنْ حِينِ الْإِذْنِ بِخِلَافِ دَيْنِ التِّجَارَةِ، وَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُمَا يَتَعَلَّقَانِ بِالْمَوْجُودِ بَعْدَ لُزُومِهِمَا كَمَا مَرَّ ثُمَّ إنَّ تَعَلُّقَ دَيْنِ الضَّمَانِ بِمَالِ التِّجَارَةِ، وَالْكَسْبِ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لِلْأَدَاءِ جِهَةً كَكَسْبِهِ فَقَطْ أَوْ مَالِ تِجَارَتِهِ فَقَطْ وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ نَعَمْ لَا يَتَعَيَّنُ الثَّانِي إنْ كَانَ ثَمَّ دَيْنٌ إلَّا إنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْجُودِ أَوَّلًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ مُحَاقِهِ) يُقَالُ مَحَقَهُ أَيْ أَبْطَلَهُ وَمَحَاهُ وَمَحَقَهُ الْحَرُّ أَحْرَقَهُ وَمَحَقَهُ اللَّهُ ذَهَبَ بِبَرَكَتِهِ وَأَمْحَقَهُ لُغَةٌ فِيهِ. اهـ. عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ لَيْسَ إذْنًا فِي الْإِتْلَافِ) بَلْ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ أَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَارْتَضَاهُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَذَكَرُوا فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ إذَا أَوْدَعَهُ رَشِيدٌ فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِتَفْرِيطٍ لَا يَضْمَنُ لَكِنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْوَدِيعَةِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بِرَقَبَتِهِ) سَوَاءٌ أَذِنَ السَّيِّدُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ) أَيْ إنْ كَانَ الْمُعَامِلُ لَهُ رَشِيدًا وَإِلَّا فَبِرَقَبَتِهِ. اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ) أَيْ عِتْقِ جَمِيعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل وَاعْتَمَدَهُ ح ف، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ بَعْضُهُ وَمَلَكَ بِهِ مَا يُوفِي لَزِمَهُ الْوَفَاءُ وَيُطَالَبُ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ عَصَى بِسَبَبِهِ أَوْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ) أَيْ: يَشْتَرِطَ دُخُولَهُ فِي الْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْنِي هَذَا الْعَبْدَ مَعَ الَّذِي مَعَهُ مِنْ ثِيَابٍ وَغَيْرِهَا فَبَاعَهُ الْجَمِيعَ وَأَمَّا شَرْطُهُ لَهُ فِي الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ جَعْلِهِ مَبِيعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ لَا لِلْمِلْكِ) وَإِلَّا نَافَاهُ جَعْلُهُ لِلْبَائِعِ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَنْ يَقْبَلَ مَا قَدْ أُوصِيَا) وَيُسَلَّمُ الْمَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>