ابْتِدَاءً بِالْبَدَلِ.
قَالَ وَحُكِيَ عَنْ النَّصِّ أَنَّ هَذَا الِاخْتِيَارَ يَكُونُ عَقِبَ الْعَفْوِ وَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ التَّرَاخِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِمَادُ النَّصِّ وَلَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ كَانَ لَغْوًا وَلَهُ بَعْدَهُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهَا أَمَّا لَوْ قَالَ عَفَوْت عَنْك، أَوْ عَنْ الْقَوَدِ، أَوْ الدِّيَةِ بِغَيْرِ تَعْيِينٍ فَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى الْقَوَدِ وَيُحْكَمُ بِسُقُوطِهِ، وَالْأَصَحُّ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا رَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْآنَ إلَى مَا شَاءَ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ
(وَبَعْدَ مَا لَوْ سَبَبُ الْقَبْضِ جَرَى كَرَمْيَةِ الْجَانِي، وَالْقَطْعُ سَرَى) أَيْ: وَلَا إنْ عَفَا بِالْبَدَلِ بَعْدَمَا جَرَى سَبَبُ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ ثُمَّ حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ بِالسَّبَبِ كَأَنْ رَمَى وَلِيُّ الدَّمِ الْجَانِيَ، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ ثُمَّ أَصَابَهُ وَقَتَلَهُ وَكَأَنْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ عَفَا عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْعَافِي الْبَدَلُ لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْعَفْوِ بَلْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي صُورَةِ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ قَدْ صَارَ بِالْعَفْوِ مَعْصُومًا عِنْدَ الْإِصَابَةِ، وَالتَّلَفِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْعَفْوُ كَيْفَ يَصِيرُ الْمَرْمِيُّ مَعْصُومًا؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ بُطْلَانَهُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الْبَدَلِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَافِي فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيفَاءُ بِالسَّبَبِ بِأَنْ لَمْ يُصِبْهُ السَّهْمُ وَلَا سَرَى الْقَطْعُ فِيمَا ذُكِرَ صَحَّ الْعَفْوُ وَلَا يَلْزَمُ لِقَطْعِ الْيَدِ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ قَدْ قَتَلَهُ بِغَيْرِ الْقَطْعِ وَقَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَهُ مُتَعَدِّيًا ثُمَّ عَفَا عَنْهُ فَلَا قَوَدَ فِي الْيَدِ وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ يَدَ مَنْ يُبَاحُ لَهُ دَمُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَ مُرْتَدٍّ، وَالْعَفْوُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا بَقِيَ لَا فِيمَا اسْتَوْفَى (وَالْعَفْوُ عَنْ نَفْسٍ وَعَفْوُ الطَّرَفِ) أَيْ، وَالْعَفْوُ عَنْ أَحَدِهِمَا (لَا يُسْقِطُ الْآخَرَ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ كَمَا لَوْ قَطَعَ رَقِيقٌ يَدَ رَقِيقٍ فَعَتَقَ الْمَقْطُوعُ، ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَى نَفْسِهِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِطَرَفِهِ سَيِّدُهُ وَلِنَفْسِهِ وَرَثَتُهُ، أَمْ اتَّحَدَ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ وَلَوْ قَبْلَ الْبُرْءِ أَوْ عَتَقَ، ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَى نَفْسِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا مُعْتَقُهُ (لَا إذَا عُفِيَ) بِأَنْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ الْقَطْعِ (ثُمَّ سَرَى) إلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ قَوَدَ النَّفْسِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ تَوَلَّدَتْ مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فَانْتَهَضَتْ شُبْهَةً لِدَرْءِ الْقَوَدِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ النَّفْسِ
ــ
[حاشية العبادي]
مَا دَلِيلُهُ (قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ تَرْجِعُ إلَيْهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ يَجْرِي أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا فَيُقَالُ: إنْ نَوَى الْقَوَدَ سَقَطَ، أَوْ الدِّيَةَ فَلَغْوٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا صَرَفَ لِمَا شَاءَ فَإِنْ صَرَفَهُ لِلْقَوَدِ سَقَطَ، أَوْ لِلدِّيَةِ فَلَغْوٌ
(وَقَوْلُهُ: وَالْقَطْعُ سَرَى) أَيْ: إلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ: كَيْفَ يَصِيرُ؟) إذْ قَضِيَّةُ بُطْلَانِهِ رُجُوعُ الْأَمْرِ إلَى مَا كَانَ (قَوْلُهُ: صَحَّ الْعَفْوُ) صَرِيحٌ خُصُوصًا مَعَ مُقَابَلَتِهِ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا تَقَدَّمَ بِاعْتِبَارِ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ مِنْ صِحَّةِ الْعَفْوِ وَلُزُومِ الْبَدَلِ وَهُوَ يَجْرِي كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ قَدْ قَتَلَهُ بِغَيْرِ الْقطْع وَقَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَهُ مُتَعَدِّيًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَفْوُ الطَّرَفِ) أَيْ: الْعَفْوُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَا إذَا عَفَا) هَذَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ اتِّحَادِ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ فَقَوْلُهُ:، وَالْعَفْوُ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا يُسْقِطُ الْآخَرَ إنَّمَا يُصَدَّقُ كُلِّيًّا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُسْتَحَقِّ
[حاشية الشربيني]
الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: يَكُونُ عَقِبَ الْعَفْوِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: يَكُونُ عَقِبَ الْعَفْوِ) أَيْ تَنْزِيلًا لِلِاخْتِيَارِ عَقِبَهُ مَنْزِلَةِ الْعَفْوِ عَلَيْهَا م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ كَانَ لَغْوًا) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجَرٍ وَم ر أَنَّهُ إذَا عَفَا عَنْهَا تَبَعًا لِلْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ صَحَّ حَتَّى لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَى الْأَرْشِ وَلَوْ فَوْرًا وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ يَلْغُو الْعَفْوُ عَنْ الْأَرْشِ قَبْلَ وُجُوبِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَابِعًا لِلْعَفْوِ عَنْ الْقَوَدِ اهـ.
سم (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ الْقَوَدِ) ، أَوْ الدِّيَةِ بِغَيْرِ تَعْيِينٍ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، أَوْ قَالَ عَفَوْت عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعَيِّنْ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُحْمَلُ عَلَى الْقِصَاصِ وَيُحْكَمُ بِسُقُوطِهِ وَأَصَحُّهُمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إلَخْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، أَوْ عَنْ الْقَوَدِ، أَوْ الدِّيَةِ أَيْ: بِأَنْ قَالَ: عَفَوْت عَنْ أَحَدِهِمَا لِيَتَأَتَّى الصَّرْفُ إلَى أَحَدِهِمَا، أَوْ نِيَّتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَفَوْت عَنْ الْقَوَدِ، أَوْ الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ، أَوْ أَحَدُهُمَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: تَفْرِيعًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَقِيلَ إلَخْ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ حَصَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَطَعَ رَقِيقٌ إلَخْ) قَدْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ هُنَا فَعَدَمُ إسْقَاطِ الْعَفْوِ عَنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ ظَاهِرٌ وَكَذَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ اتَّحَدَ لَكِنَّهُمَا جِنَايَتَانِ ثَبَتَا لَهُ مَعَ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ: أَوْ عَتَقَ، ثُمَّ سَرَى الْقَطْعُ إلَخْ مَفْرُوضٌ فِي الِاتِّحَادِ لَكِنْ سَيَأْتِي يُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْمَتْنِ مَا إذَا الْقَطْعُ سَرَى، ثُمَّ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُ قَوَدَ النَّفْسِ) أَيْ، وَالصُّورَةُ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute