للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان لا يمشي خطوات إلا وقد تلقته الخدم بالتشريف والحملان وهو ينزل عن فرسه ويقبل الأرض ويعود إلى ركوبه ولم يزل على هذه الحال إلى أن وصل إلى القصر ودخل إلى القصر على الحاكم فخدمه ودعا له وشرح حاله إلى أن ظفر بالعدو وخرج بعد ذلك إلى داره. وتقدم وجوه القواد وشيوخ الدولة بالمصير إلى أبي ركوة ومشاهدته ويقال أن الحاكم قد مضى من غد ذلك اليوم وقد رسم أن يشهر ويطاف به في مصر. واتفق دخول القائد ختكين الداعي وكان قدياً صاحب دواة الملك عضد الدولة فسلم عليه وقال له: ألك حاجة إلى أمير المؤمنين؟ فقال له: من أنت؟ قال: فلان. قال: عرفت حالك وسدادك وأريد أن توصل لي رقعة إلى أمير المؤمنين. فقال: اكتبها وهاتها. فاستدعى أبو ركوة دواةً من أصحاب الفضل ودرجاً وكتب فيه: يا أمير المؤمنين أن الذنوب عظيمة والدماء حرام ما لم يحلها سخطك وقد أحسنت وأسأت وما ظلمت إلا نفسي وسوء عملي أوبقني وأنا أقول

فررت ولم يغن الفرار ومن يكن ... مع الله لا يحجزه في الأرض هارب

ووالله ما كان الفرار لحاجةٍ ... سوى جزع الموت الذي أنا شارب

وقد قادني جرمي إليك برمّتي ... كما أخرّ ميتاً في رحا الموت سالب

واجمع كلّ الناس أنك قاتلي ... ويا ربّ ظنّ ربّه فيه كاذب

وما هو إلا الانتقام تريده ... فأخذك من واجباً لك واجب