أكثرها ودعت أبا بكر ابن الزيات الضرورة إلى مصالحته والدخول في طاعته والمسير في عدة وافرة من أهل طرصوس والثغور في خدمته وفعلت عدة من بطون العرب مثل ذلك فلما نزل ابن الشمشقيق على حمص وافتتحها وانتقل عنها إلى بعلبك وملكها وأراد قصد دمشق وكتب ابن الزيات إلى الفتكين وأهل دمشق يعرفهم قوة متملك الروم وانهم لا يقدرون على مقاومته ولا يتمكنون من محاربته ويشير عليهم بالدخول في طاعته والنزول على حكم اشارته وأصغى الفتكين وأهل البلد إلى ذلك وعلموا ان فيه المصلحة وقرروا ما يستكفونه به ليصبحوا في كنف السلامة ويأمنوا شر العساكر الواصلة إليهم. وكتب إليه بقبول الاشارة ورد الأمر إليه فيما يدبره والعمل فيه بما يراه ويستصوبه. فدخل ابن الزيات إلى متملك الروم وقال له: قد وردت كتب الفتكين وأهل دمشق بالانقياد المملك إلى ما يرومه منهم ويرسم حمله إليه من الخراج عن بلدهم وسألوا أمانه وحسن الرأفة بهم والمحاماة عنهم. فقال له: قد قبلت طاعتهم وأمرت بايمانهم على نفوسهم وأموالهم ورضيت منهم بالخراج. وأنفذ إليهم صليباً بالأمان فأنفذه ابن الزيات إليهم مع المعروف بالدمشقي صاحبه وكان من وجوه الطرسوسين فتلقوه بالمسرة والاكرام والشكر الزائد عن حسن السفارة وجميل الوساطة. وأشار ابن الزيات على الفتكين بالخروج لتلقي الملك فخرج في ثلاثمائة غلام في أحسن زي وعدة وأفضل ترتيب وهيئة واستصحب أشراف البلد وشيوخه ولقيه فأقبل عليه وأكرمه والدمستقيين فيما خاطبهم به من الجميل وعاملهم به من وكيد العناية ومرضي الرعاية وتوسط ابن الزيات ما بينه وبينهم على تقرير مائة ألف درهم.