للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحي ماء زمزم:

ويتذكر الحاج أن ماء زمزم ليس ماء عاديًّا، وإنما هو آية عجيبة من المعجزات، تتعطل معها علل العقل البشري وقوانينه الوضعية؛ فبينما السيدة هاجر أم إسماعيل -عليه السلام- تهرول بين الصفا والمروة سبع مرات للبحث عن الماء حتى تروي طفلها بعد أن أشرف على الموت، وإذا به يضرب بقدميه الضعيفتين الأرض من تحته؛ فينفجر منها الماء، فيه شراب وشفاء وطعام، وتسرع إليه أمه فتزم الماء حتى لا يتبدد سدى، وأصبح يسمى "ماء زمزم"، ليعلم الإنسان أن الأرزاق يصرفها الخالق؛ فالأم بعد أن أضناها التعب وأهلكها السعي بين الصفا والمروة يتفجر الماء تحت قدمي طفلها، الذي لم يفكر فيه ولا يقوى على السعي والحركة؛ فيصير الماء معينًا لاينضب إلى يوم القيامة فيه شراب وطعام وشفاء كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "ماء زمزم لما شرب له"، وما أكثر آيات الله المعجزة وعجائبه الباهرة، من حيث مصدره وطبيعته وثرائه المتنوع.

وحي السعي بين الصفا والمروة:

ومن أشق مناسك الحج السعي بين الصفا والمروة سبع مرات، يخرج منها الساعي مرهقًا وقد خارت قواه؛ ليوحي إلى المؤمن، بأن عليه أن يبذل غاية جهده في البحث عن رزقه ورزق من يعوله، كما فعلت السيدة هاجر أم العرب ابتغاء مرضاة ربه، ولا ينتظر أن يأتيه لا من هذا السبيل، ولا من ذاك، وربما يكون من غيره؛ فيسلم أمره لله مقدر الأرزاق، ومقسم العطايا من أي موقع وفي أي وقت، وما عليه إلا أن يتخذ الأسباب ويتوكل على الله بلا تواكل ولا تقاعس ولا كسل؛ لأن رزقه قد يجريه الله تعالى على يد إنسان آخر، قال تعالى: {وَالَّذِينَ فِي

<<  <   >  >>