للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقيِّد الشهوة في شكل جديد، فإن طغت الشهوة ولم يقدر على الزواج حثه الإسلام على الصوم، يضبطها ويحصنها، فهو خير وجاء وقاطع لطغيانها، يقول عبد الله بن عمر -رضي الله عنه: "كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- شبابًا لا نجد شيئًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" ١، والباءة هي القدرة على الزواج بمعناها الواسع، والكفاءة بمعناها الدقيق، لذلك قال ابن عمر: كنا شبابًا لا نجد شيئًا، فكانت النتيجة أن الصوم يقتل الشهوة ويقضي على طغيانها، فينصرف الشباب بضابط الصوم إلى استغلال مواهبه العقلية وقدراته البدنية لتحقيق هذه الباءة، وغالبًا ما تتكامل له هذه الوسائل عندما ينضج في سن العشرين أو أكثر قليلًا، فتبرز طاقته المتعددة الجوانب في التعليم والتعلم، ويحضه الإسلام على ذلك: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، "طلب العلم فريضة على كل مسلم" ٢، قال تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩] ، وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١] ، وقال ابن رجب الحنبلي: يعني على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم، كذا قال ابن مسعود وغيره من السلف٣، وغير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة التي تحث على العلم والاهتمام به، أو يبرز طاقاته في العمل والتحصيل، ويحثه الإسلام، ليربي في الشباب الطاقة


١ فتح الباري في شرح البخاري ٦/ ١٢٢، المطبعة السلفية -القاهرة "وجاء بمعنى قاطع للشهوة".
٢ رواه ابن ماجه برقم ٢٢٤.
٣ رسالته في "شرح حديث أبي الدرداء فيمن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا"، ص٣٧.

<<  <   >  >>