ومهارة، فيختار النبي عمر عاملًا على الصدقات لعدله وحزمه، واختار خالدًا قائدًا على الجيش لحنكته العسكرية ومهارته، ومعاذًا واليًا على اليمن لرجاحة عقله وفقهه، وبلالًا على بيت المال لتدبيره وأمانته، وأنسًا على الحدود لقوته وقدرته، ويرد الأشعريين وأبا ذر لضعفهم في الولاية، ويختار أبا بكر الصديق زيد بن ثابت لجمع القرآن لعلمه وفطانته وكياسته، وهكذا صنع عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- جميعًا.
ومن خلق الإسلام أيضًا حثّه على العمل في طريقه المباح، وحرمه في الطريق المحظور والحرام، أو ما يؤدّي إلى الحرام، قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"، فقيل يا رسول الله: أرأيت شحوم الميتة، فإنها تُطلى بها السفن، وتُدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال:"هو حرام"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قاتل الله اليهود، إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جمَّلوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه""متفق عليه"، وقال صلى الله عليه وسلم:"لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه"، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة: ٩٠] .
ومن خلق الإسلام أن يعرف المسلم متطلبات العمل، حتى يتقنه ويؤديه على أحسن وجه، وقد وصف الله العمل المتقن بالصلاح؛ لأن صاحبه أخلص العمل فيه لوجه الله تعالى، وبذل فيه قدر طاقته، قال تعالى:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}[الأنبياء: ١٠٥] ، وقال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ