«إن» هنا بمعنى «ما» النافية، أي ما يتخذونك إلا هزوا.. وهذا تهديد لهؤلاء الكافرين، وفضح لما يدور فى رءوسهم، وتتلمظ به شفاههم، وتتغامز به عيونهم.. إنهم إذا رأوا النبىّ تحركت هذه الكلاب التي تنبح فى صدورهم، فأرسلوها نظرات حانقة، وأطلقوها كلمات محمومة مجنونة، ترمى النبىّ من بعيد ومن قريب.. فليست هناك كلمة طيبة تخرج من أفواههم، أو نظرة وادعة تطرف بها عيونهم..
- وقوله تعالى:«أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ» .. هو بعض ما يجرى على ألسنتهم من سفاهة.. والاستفهام هنا للاستهزاء والاستنكار، واستصغار قدر النبىّ الذي يتطاول إلى هذه الآلهة، فيذكرها بما يذكر من سوء عابديها! - وقوله تعالى:«وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ» جملة حالية.. أي أنهم يقولون هذا القول فى النبىّ وينكرون عليه أن يذكر آلهتهم وأن يجترىء على مقامهم، فى حال هم فيها قائمون على جرم غليظ، إذ كفروا بالرحمن، الذي وسعتهم رحمته، فلم يجعل لهم العذاب، وأفاض عليهم من فضله وإحسانه، فلم يقطع أمداده عنهم.. فما لهم يغارون على آلهتهم الصماء الخرساء، ولا يغارون على مقام الله «الرحمن» وقد أجلوه من قلوبهم، وأخلوا مشاعرهم من كل توقير له؟
الإنسان هنا، هو مطلق الإنسان.. فكل إنسان مفطور على حبّ العاجل يتعجّل كل شىء.. الخير والشرّ.. كما يقول الله تعالى:«وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا»(١١: الإسراء) .