مناسبتها لما قبلها كان مما تضمنته السورة السابقة:«التغابن» - قوله تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ» .. وفى هذا- كما قلنا- تحذير من فتنة الأزواج، والأولاد، وأن هذه الفتنة قد تعظم ويشتد خطرها، فلا يمكن مدافعتها والنجاة منها إلا بالفرقة، وقطع علائق الصلة..
ولما كانت الفرقة بين الرجل وزوجه لا تكون إلا بالطلاق، فقد كان من المناسب فى هذا المقام أن تبيّن بعد ذلك أحكام الطلاق، والصورة التي يكون عليها، حتى لا يؤدّى ذلك إلى جور وعدوان، بل ينبغى أن يكون الرفق، والحكمة، من الأدوات العاملة فى حلّ عرا الزوجية بين الزوجين، إذا لم يكن بدّ من حلّها، امتثالا لقوله تعالى:«فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ»(٢٢٩: البقرة) .
هذا، وفى مجىء سورة الطلاق عقب الحديث عن فتنة الأزواج والأولاد- فى هذا ما يشير، فى إعجاز مبين، إلى أن الطلاق لا يكون إلا فى حال يتحكم فيها الخلاف بين الرجل والمرأة، حتى يكاد يكون فتنة، لا يمكن الخلاص منها إلا بهذا الدواء المرّ، وإلا بهذا الداء الذي يذهب به داء أشد منه.. وإن فى الشر خيارا..