التفسير: منذ يدخل الإنسان ساحة الإيمان ويسلم وجهه لله وحده، وهو فى ضمانة الله، يتولاه برحمته وهدايته وتوفيقه، ويخرجه من ظلمة الضلال إلى نور الحق، وإذا هو على نور من ربّه «وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ»(٤٠: النور) .
أما حين يعطى المرء وجوده للطاغوت، ويسلم إليه زمامه، فهو في ضمانة هذا الطاغوت.. أعنى فى ضمانة الباطل والضلال.. فانظر إلى أين يقاد من كان قائده الباطل وحاديه الضلال؟ إنه يخرجه من النور إلى الظلمات، إذ يفسد عليه تلك الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فيطمس عليها فى كيانه، فإذا هو أعمى يتخبط فى ظلام،، ويقاد بيد الضلال إلى كل مضلّة وكل مهلكة.
وانظر إلى كلمة «الطاغوت» مرة أخرى، وقد جاءت مسندة إلى الفرد في الآية السابقة:«فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ» ، ثم جاءت مسندة إلى الجمع فى هذه الآية:«وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ» دون أن تتغير صورتها فى الحالتين، بل ظلت هكذا:«الطاغوت» .. وهذا ما يؤيد ما ذهبنا إليه من أنه لا مشخّص لهذه الكلمة، وإنما هى اسم جامع لكل باطل، وكل ضلال، وكل غواية، وهو قادر على أن يحمل فى كيانه الضخم كل هذه المخازي والضلالات.. إنه «الطاغوت» !!. بناء ضخم شامخ من الوهم والضلال.