وكلمة الفصل فيها.. وكانت كلّ الدعاوى التي تدّعى لها، وكلّ الروايات التي تساق لإثبات شخصيتها، ضلالا فى ضلال، لأنها تصادم صريح لفظ القرآن، وتنقض خبرا من أخباره.. وذلك كما سترى..
هذه الآية الكريمة، هى التي ولّد منها المفسّرون وأصحاب السّير، قصة «الغرانقة» هذه.. ولكنا ندع هذه القصة الآن، وننظر فى الآية الكريمة نظرا غير مرتبط بما يقال من روايات عن أسباب النزول- ننظر إليها على أنها قرآن يتلى، ويتعبّد بتلاوته، دون أن يكون لسبب النزول- أيّا كان- أثر فى موقعه من قلوبنا، أو عقولنا! - فقوله تعالى:«وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ» هو خبر يتضمن حكما عاما، لا انفكاك منه.. يقع على رسل الله وأنبيائه جميعا.. وهذا الحكم، هو: أنه ما من رسول من رسل الله، ولا نبىّ من أنبيائه، إلا والشيطان راصد له، وأنه كلّما تمنّى ألقى الشيطان فى أمنيّته! هذا صريح ما تنطق به كلمات الله، فى وضوح وجلاء.. وإن كان هناك ما يسأل عنه، فهو كلمة التمنّى.. فما معنى التّمنّي، وماذا كان يتمنّى الرسول، أو النبىّ؟ ثم ماذا يلقى الشيطان فيما يتمناه الرسول أو النبىّ؟