وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً (٢٢)
التفسير: بعد أن بين الله سبحانه وتعالى ما ينبغى أن تقوم عليه الحياة بين الرجل والمرأة من توادّ وتعاطف وتراحم، وأن تصفو من الكيد، وتبرأ من الدّخل وتبييت السوء، حتى تتآلف تلك الخليلة الأولى فى الجسد الاجتماعى، وتتلاحم، وتصبح قوة عاملة فى الحياة لخيرها، ولخير المجتمع كله..
بعد هذا البيان الكاشف للحياة الزوجية، وللأسس السليمة التي ينبغى أن تقوم عليها- جاء بيان سماوى آخر يقيم الحدود بين ما يحلّ وما يحرم على الرجال من النساء، حتى إذا رغب الرجل فى الزواج من امرأة تخيرها من بين من أحل الله له منهن! وقد يبدو- فى ظاهر الأمر- أن الترتيب الطبيعي كان يقضى بأن يجىء البيان الخاص بالحلّ والحرمة أولا، ثم يجىء بعد ذلك ما يوصى به فى المعاشرة بين الزوجين، بعد أن يصبحا زوجين. هكذا يبدو الأمر فى ظاهره! ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يرفع نظرنا فوق هذا المستوي الذي ننظر منه إلى الأمور ونزنها به.
فليست مشكلة الحياة الزوجية فى التعرف على من تحلّ ومن تحرم من النساء لمن يرغب فى الزواج، فذلك أمر لا يحتاج إلى أكثر من إشارة، تخطّ خطا فاصلا بين الحلال والحرام.. بل إن الأمر لأهون من هذا.. فالحلال بينّ والحرام بينّ، والمشكلة كلها فى التزام الحلال، وتجنب الحرام..
ومشكلة الحياة الزوجية ليست الزواج، ولكن فيما بعد الزواج، وفى القدرة على الوفاء بالحقوق والواجبات فيها!