نعرض فى هذا البحث قضية الألوهية، التي ادّعاها المدّعون للمسيح، وآمنوا عليها، وأقاموا لها منطقا استساغوه، وغذّوا منه مشاعرهم، وترضّوا به عواطفهم..
وسبيلنا فى عرض هذه القضية، هى أن نلقاها لقاء بعيدا عن النصوص الدينية، التي يقيمها أصحاب هذه الدعوى شاهدا على ما يدّعون، وبمنأى كذلك عن النصوص الدينية التي جاء بها القرآن الكريم لدحض هذه الدعوى.
وإسقاط كل حجة لمدعيها.
ذلك لأن تعارض هذه النصوص حول تلك القضية فى جانبى الإثبات والنفي، لا يتيح لمن يقف موقفا محايدا من هذه القضية سبيلا إلى الحكم فيها، إذا هو أخذ بتلك النصوص المتعارضة، وجعل لها عنده الاحترام والولاء، الذي يمسكها عليه أصحابها. من طرفى الخصومة فى هذه القضية..
إذن، فالعقل، والعقل وحده هو الحكومة التي يرجع إليها للقضاء فى هذه القضية، أولا.. ثم إذا كان للنصوص الدينية بعد هذا التقاء مع العقل والمنطق أخذ بها كشاهد يؤيد العقل ويزكّى منطقه، وإلّا انفرد العقل بالحكم الذي يطمئن إليه، ويعيش معه فى تلك القضية على وفاق ووئام، وبهذا يحتفظ الإنسان بوحدته، فلا يكون شعوره الديني فى ناحية، واتجاهه العقلي فى ناحية أخرى.. فذلك أشأم بلاء يبتلى به الإنسان فى مسيرة الحياة.