واليهود يقولون إن ما يدين به النصارى هو الباطل، والنصارى يقولون فى اليهود مثل هذا القول.. وكل منهما يرجع إلى كتاب الله.. كما يقول الله تعالى:«وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ» .
وهذا يعنى أن الفريقين قد حرّفوا وبدلوا فيما بين أيديهم من التوراة والإنجيل، وإلّا لما كان بين الفريقين هذا الترامي بتهمة الكفر، إذ التوراة والإنجيل فى حقيقتهما على سواء، فى الحق الذي نزلا به من عند الله، ولهذا عبّر القرآن عنهما معا بالكتاب «وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ» فكأن التوراة والإنجيل كتاب واحد، وإن اختلفا لغة، وتباعدا زمنا.
ومن قبيل ما يقوله كل من اليهود والنصارى فى رمى كل فريق منهما الآخر بالكفر، ما يقوله المشركون عن كل ذى دين غير دينهم، وقد وصفهم الله بأنهم «لا يَعْلَمُونَ» أي لا علم لهم من كتاب سماوى: «كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ» وإذا كان للمشركين عذر فى اتهام أهل الكتاب ورميهم بالكفر، فإنه لا عذر لأهل الكتاب، لأن المشركين يقولون ما يقولون عن غير علم، على حين يقول أهل الكتاب ما يقولون عن علم، أو ما ينبغى أن يكون عن علم!.
ثم يقول تعالى:
الآيتان:(١١٤- ١١٥) [سورة البقرة (٢) : الآيات ١١٤ الى ١١٥]