ذكر القرآن الكريم، فى أكثر من موضع، أن المسيح- عليه السلام- تكلم فى المهد، وذلك، ليكون آية على طهر أمه وعفافها، وبراءة عرضها من أن يعلق به شىء مما تلوكه الألسنة، وتوسوس به الظنون، فى حال كحال مولود يولد من غير زواج معترف به شرعا، أو عرفا! ففى البشارة الأولى التي تلقتها مريم من السماء، يكشف لها الوحى، عن وجه هذا الغلام، الذي ستلده العذراء هذا الميلاد العجيب، الذي لم تعهده فى الناس، ولم تعلمه فى واحدة من بنات جنسها، وفى هذا يقول الله تعالى:
والصفة البارزة التي لهذا الوليد هنا، هى نطقه وهو فى المهد، وحديثه إلى الناس حديثا واضحا مفهوما.. أما وجاهته فى الدنيا والآخرة، فهو أمر معنوى، لا ينكشف للناس انكشاف الكلام فى المهد، ولا يقع منهم موقع هذا الكلام الذي يثير العجب والدهش، ولا يدع لأحد سبيلا إلى الإنكار أو المكابرة ولكن هنا سؤال هو: ما وجه الإخبار عن كلام المسيح كهلا، إلى جانب الإخبار عن كلامه فى المهد.. مع أن كلامه كهلا أمر مفروغ منه، والإخبار به نافلة غير مطلوبة فى ظاهر الأمر؟
أكثر أقوال المفسرين لتعليل هذا، أنه إخبار عن رجعة المسيح- فى آخر الزمان- وذلك أنه مات فى سنّ الكهولة، وأنه سيعود إلى الدنيا مرة أخرى