شاه وجهه، وفسدت طبيعته، ولم يكن إحسانا بقدر ما هو إساءة.. وبهذا تضيع الحكمة منه، ويذهب الأثر المعلق عليه.
فالذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله، طيبة بها نفوسهم، سخية بها أيديهم، محسنة بها ألسنتهم، يتقبّل الله سبحانه منهم عملهم، ويجزيهم به الجزاء الحسن الذي وعدهم:«لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» إذا خاف الناس يوم القيامة، لما بين أيديهم من هول، وإذا حزن الناس يوم القيامة لما فاتهم من عمل صالح يقدمونه لهذا اليوم.. فهؤلاء قد آمنهم الله من الخوف لما يرون من بشريات الجزاء الحسن لأعمالهم الصالحة، وقد أخلى قلوبهم من الحزن على أن لم يكونوا قدموا لهذا اليوم العظيم.
والصدقة التي تحمل وراءها الأذى، فى كلمة جارحة للمتصدّق عليه، تخدش حياءه، أو تمس إنسانيته وكرامته- هذه الصدقة منعها خير من إعطائها.. فإن كرامة الإنسان فوق شبع البطن أو كسوة الجسد! بهذا الأدب الربانىّ يؤدب الله عباده، ويحفظ عليهم إنسانيتهم، ويصون كرامتهم، ويعليهم فوق حاجة الجسد ومطالبه.. فليستعفف الإنسان عن أن يمدّ يده ما استطاع، ثم ليتأدب المحسن، وليقدم إحسانه فى لطف ويسر وستر، حتى يتقبّل الله منه إحسانه، وحتى يكون محسنا حقّا!، وليمسك المحتاج،