رأى أبى علىّ الجبّائى وابنه أبى هاشم يقولان:«إن الله تعالى لم يدّخر عن عباده شيئا يعلم أنه إذا فعل بهم أتوا بالطاعة والتقوى.. من الصلاح والأصلح، واللطف، لأنه- تعالى- قادر، عالم، جواد، حكيم، لا يضرّه الإعطاء، ولا ينقص من خزائنه المنح، ولا يزيد فى ملكه الادخار.. ولا يقال إن الله تعالى يقدر على شىء هو أصلح مما فعله بعبده ثم لم يفعله.. والتكاليف كلها ألطاف!!» وواضح أن هذا القول يجعل أفعال العبد كلها مرضيّة عند الله، خيرها وشرها، لأن الله لم يدخر عن عباده شيئا من الصلاح والأصلح واللطف..
وإذن.. فلا خير ولا شر.. فالتكاليف- كما يقولان- كلها ألطاف، وما يأتى العبد منها وما يدع، إنما هو غاية ما أعطى الله العبد من قوى، وليس وراء هذا شىء يمكن أن يمنحه الله العبد غير الذي منح.
ونقول: هل على هذا يقال: إن العبد حرّ مختار، يفعل ما يشاء؟
نعم: إنه يفعل ما يشاء فى حدود هذه الطاقة التي أمدّه الله بها، والتي هى كل ما عند الله له.. كما يقولان! وإذن فلم يحاسب العبد ويعذّب على الشرّ الذي يفعله، وهو لم يفعل إلا بما مكن الله له منه، وأقدره عليه..؟
رأى النّظام
يرى النظام أن القدر خيره وشرّه منّا، وأن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشرور والمعاصي، وليست هى مقدورة للبارىء تعالى.. ويرى النظام أن الله لا يقدر أن يخلق أكثر مما خلق بالفعل، وإلا فمن ذا الذي يستطيع أن يحول بينه وبين أن يظهر كلّ ما عنده من الجود والجمال؟» .