العمل فى يوم السبت.. وهذه كلّها قيود وأغلال قيدهم الله بها، وغلّ أهواءهم الجامحة عن الحركة.. وهذا فى شأن اليهود، أما النصارى- وهم يهود أصلا- فقد كان فى شرع المسيح لهم ما هو أقسى من هذا قسوة وأشدّ تنكيلا، ويكفى ما جاء فى وصاة المسيح لهم فى قوله:«من لطمك على خدّك الأيمن، فحوّل له خدّك الآخر أيضا، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا»(٥: إنجيل متى) !
[رسالة الإسلام ونسخها للرسالات السابقة]
فالنبى الأمّىّ هو الذي جاء رحمة عامة شاملة للناس جميعا، قد جعل الله محامل دعوته عامة إلى جميع الأمم والشعوب ... ومن هنا كان مبعثه إيذانا برفع هذه القيود التي قيّد الله بها أولئك الذين جعل سبحانه من شريعته لهم، هذا التأديب الشرعىّ، الذي لا يرفع عنهم ثقله أبدا، إلا إذا ظهر النبي الأمّى، وإلا إذا اتبعوا هذا النبىّ الأمى، وعندئذ فقط يسقط عنهم هذا الحمل الذي وضعه الله على ظهورهم، ويرفع هذا العهد الذي أخذه الله عليهم، وتوعّدهم بالعذاب الأليم إن هم نقضوه، قبل ظهور هذا النبي الأمى، والإيمان بهذا النبىّ الأمّىّ، والأخذ بشريعته.. «فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» .. ومعنى عزّروه:
منعوه من أعدائه، وكانوا سندا له ووقاية، والمراد بالنور الذي أنزل معه، القرآن الكريم.. وهو نور وهدى لمن طلبه، وفتح عينه وقلبه له.
وهذه الآية تقرر فى صراحة صريحة أن رسالة الإسلام رسالة عامة شاملة، وأن اليهود والنّصارى لن تكتب لهم رحمة الله، ولن يكونوا من المؤمنين، إلا إذا تابعوا النبىّ الأمىّ، واستجابوا لدعوته، ودخلوا فى دين الله، وهو الإسلام.