للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا هو مختار مطلق، ولا هو مجبر ملزم.. إن له إرادة، ولكنها إرادة مقيدة بأكثر من قيد.

ولقد صار الأشعري بقوله هذا زعيما لحركة أطلق عليها لفظ «الأشاعرة» نسبة إليه، ثم أصبحت هذه الحركة معبرة عن رأى أهل السنة.

وقد ظاهر هذه الحركة كثير من علماء السنّة وفقهائها.. منهم إمام الحرمين.. أبو المعالي الجويني، والقاضي أبو بكر الباقلاني، وفخر الدين الرازي، والإمام الغزالي، ولسان الدين بن الخطيب.. وكثير غيرهم.

[حركة الأشاعرة]

يدور رأى الأشاعرة- كما أشرنا من قبل- على القول بأن الإنسان فى «منطقة» حرام، بين الجبر والاختيار..

فالإنسان مختار فى قالب مجبر، وأنه أشبه براكب سفينة تمخر عباب المحيط، فهو حرّ مختار يسير كيف يشاء، وأين يشاء، داخل هذه السفينة، ولكنه مجبر مسيّر هو وسفينته بعوامل خارجية تحيط به وبالسفينة.. كالأنواء، والعواصف وغيرها.. مما يتصل بسلامة السفينة وقوة احتمالها.. كذلك الإنسان فى سفينة الوجود! هو حرّ مطلق، ولكنه مقيد بالنظام العام للوجود! فالأشاعرة هنا قريبون من الفلاسفة الغربيين القائلين بنظرية الاتفاقية، أو الظروف والمناسبات.. ومعناها أن كل فعل إنما هو فى الحقيقة لله، ولكنه يظهر على النحو الذي يظهر فيه، إذا تحققت ظروف خاصة: إنسانية، أو غير إنسانية، حتى لكأنّما يخيل للإنسان أن الظروف هى التي أوجدت هذا الفعل..

والأشعري، يرى ألا تأثير للقدرة الحادثة فى الأحداث، وإنما جرت سنّة

<<  <  ج: ص:  >  >>