ما يحفظ عليه حياته، وألا يقبل عليه إقبال المشتهى له، المستطيب لأكله..
وفى قوله تعالى:«فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» إشارة مضيئة تكشف عن أن إباحة هذه المحرمات فى حال الاضطرار لا ينفى عنها خبثها، ولا يرفع الإثم المتلبس بها.. ولكن رحمة الله ومغفرته هما اللتان تمحوان عن المضطر خبثها، وإثمها.. وفى هذا ما فيه من صرف النفس عن هذه الخبائث، وتجنبها، ومحاذرة إلفها.. إذ كان إثمها يعلق بكل من يدخل فى جوفه شيئا منها، مضطرا، أو غير مضطر.. إلا أن المضطر يعود إليه الله سبحانه وتعالى برحمته ومغفرته، فيغسل ما علق به من درن!
التفسير: السّائلون هنا هم المؤمنون.. والمراد بهم جماعات منهم، قد سألوا النبىّ تلميحا أو تصريحا:«ماذا أُحِلَّ لَهُمْ؟» وكأنه قد وقع فى نفوسهم من عرض هذه المحرمات فى صورة مفصّلة أن فى ذلك تضييقا عليهم، وأن ما حرّم عليهم أكثر مما أحلّ لهم.. فجاء قوله تعالى عن هذا السؤال المسئول، أو الذي سيسأل- جاء قوله تعالى:«قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ» جوابا شافيا لكل وسواس، كاشفا لكل شبهة، فى إيجاز معجز، تخشع القلوب لجلاله، وتخضع الأعناق لروعته..