إلا كما يبقى الحريق على بعض ما اشتمل عليه، وكما يبقى البحر على بقايا سفينة غارقة! وقوله تعالى:«فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» هو توجيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبل هذه الجماعة القليلة التي سلمت وأسلمت من اليهود، وألا يأخذها بجريرة الكثرة الكثيرة منهم! وألا ينظر إليها من خلال موقفها من النبي أول الدعوة، فقد كان اليهود جميعا على عداوة وحسد للنبى..
التفسير: قوله تعالى: «وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ» ، هو معطوف على قوله سبحانه فى الآية (١٣)«لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ» .
وبين المعطوف والمعطوف عليه صلة: إذ كانت دعوة المسيح خاصة باليهود، كما يقول المسيح عن نفسه فيما تروى عنه الأناجيل:«أنا لم أرسل إلّا إلى خراف إسرائيل الضالة» ولهذا كان حواريوه كلهم من اليهود، كما كانت معجزاته لليهود، وفى اليهود، حتى إنه- عليه السلام- أبى على المرأة الأمميّة- أي من غير اليهود- أن يشفى ابنتها مما كانت تعانى من داء، وقال لها تلك القولة التي روتها الأناجيل عنه: «ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحى صور وصيداء،