ومما يبتلى به المؤمنون على طريق الإيمان، هذه الفتن التي تطلع عليهم من إخوان السوء، وأهل الضلال والكفر، من الآباء والأهل والأصدقاء، حيث يزينون لهم الضلال، ويدعونهم إليه، فإذا حدثوهم عن الآخرة، وعن الحساب والجزاء، هوّنوا عليهم الأمر، وقالوا لهم: لا تخشوا شيئا إن كان هناك آخرة، وكان حساب وجزاء، فنحن الذين دعوناكم إلى ما نحن فيه، ونحن نحمل تبعة هذا عنكم، فما أنتم إلا تبع لنا في هذا المقام..!
وقد كذبهم الله سبحانه وتعالى في دعواهم تلك، فقال سبحانه «وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ» .. إذ كل نفس بما كسبت رهينة، وليس لإنسان أن يتولى أمر إنسان، ويحمل تبعته.. فكل إنسان له ذاتيته، وعليه مسئولية ما يعمل.. هكذا الإنسان، أو هكذا يجب أن يكون!.
وقوله تعالى:«وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ» أي أن هؤلاء الضالين، الذين يعملون على إضلال غيرهم، سيحملون فعلا ذنوبهم هم، وذنوب الذين أضلوهم، على حين لا يرفع عن كاهل الذين أضلوهم ما حملوا من ذنوب، فهذه الذنوب هي من كسبهم، لا تحسب على أحد غيرهم.. ثم إنها- من جهة أخرى من غرس الذين دعوهم إليها وأصلّوهم بها. فلا بد أن يطعموا من ثمرها الفاسد المشئوم!.
الآيات:(١٤- ١٨) [سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ١٤ الى ١٨]