فالمسلمون يعلمون عن يقين كثرة عدوّهم، وعن هذا اليقين وطّدوا العزم على لقائه، وأعطوا المعركة كل ما يملكون من قوة وتدبير.. ثم يدخل عليهم بعد هذا شعور- مجرد شعور- بأن عدوّهم ليس على ما استقرّ فى يقينهم من أنه بهذه الكثرة التي تؤيسهم من الوقوف له، والظفر به.. فإذا التقى هذا الشعور بذلك اليقين، كان منهما كائن جديد من المشاعر التي تجمع بين الخوف والرجاء، والإشفاق والطمع، وتلك أحسن حال، وأحسن موقف يقفه الإنسان فى الحياة، وفى معالجة ما يلقاه من ميسور أمورها ومعسورها على السواء.. هذا على حين رأى المشركون عدوهم فى قلّة ظاهرة، كما وقع ذلك فى حسابهم لهم من أول الأمر، فداخلهم من ذلك شعور بالاستخفاف بهم والتهوين من شأنهم، والقدرة على تناولهم من قريب.. فكان ذلك أسوأ حال يلقى عليه مقاتل عدوّه!
الآيات:(٤٥- ٤٨) [سورة الأنفال (٨) : الآيات ٤٥ الى ٤٨]