التفسير: أشرنا إلى هذه الآية عند قوله تعالى: «إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما» وقلنا إن معنى قوله تعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ» أي لا حرج عليه، وهو رفع لشبهة فى فعل أمر يبدو أنه محظور، وهو فى الواقع مندوب محبوب:
وهنا فى هذه الآية رفع الحرج عن ذكر الله، والاستزادة من فضله ورحمته بعد الإفاضة من عرفات، وانتهاء أعمال الحج، إذ بانتهاء هذه الأعمال قد يقع فى حساب بعض الناس، أنه وقد أدى فريضة الحج فقد فرغ من أعمال البرّ، وأنه قد أنهى رحلته التي قطعها إلى الله، وليس عليه من بأس أن يعود كما بدا، إذا ليس أمامه طريق مرسوم للعمل فى هذا المجال، وأنه إذا أدخل شيئا من عنده على أعمال الحج، ولو كان من قبيل البر والخير، فربما يكون قد خرج عن الطريق المرسوم- لهذا جاء قوله تعالى:«لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ» رافعا لهذا الحرج، مزيلا لذلك اللبس، وأصلا الحاج بالخير.
وفى قوله تعالى:«فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ» فتح لطريق جديد من طرق التقرب إلى الله، وذلك أنه بعد أن يفيض الناس من عرفات، تتدفق جموعهم منها إلى المشعر الحرام، وهو المزدلفة،