وهذا التحول كان حدثا كبيرا من أحداث الإسلام فى حينه، كما كان فتنة وابتلاء لكثير من المسلمين، ومدخلا كبيرا للطعن فى الدين، والتشويش على المسلمين.
وكان من تدبير القرآن الكريم لهذا الأمر، أن قدّم له هذه الآيات الكريمة، قبل أن يقع، لتكون إرهاصا به من جهة، وقوة يستند إليها المسلمون فى دفع كيد اليهود، ووسوسة الشيطان.. من جهة أخرى! واستمع لتلك الآيات الكريمات، ثم استمع للأمر الذي جاء بعدها:
فهذا الاستفهام الإنكارى:«أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ» ؟ والذي يتوجه به القرآن إلى المسلمين- فيه تحذير لهم من أن يكونوا مع النبىّ، كما كان اليهود مع موسى، كلما جاء بأمر لم يتلقوه بالامتثال والطاعة، بل قابلوه بالحذر والريب، وواجهوه بالأسئلة الكثيرة، التي تنبىء عن خبث طوية، وفساد سريرة.
وتحويل القبلة إذا كان أمرا وشيك الوقوع، وقد كان المسلمون يصلّون إلى بيت المقدس منذ سبعة عشر شهرا، فإذا وقع هذا التحويل، نزعت بهم نوازع كثيرة تدعوهم إلى التساؤل: فيم كنا؟ ولم هذا؟ وهل سنتحول عن القبلة الجديدة فيما بعد أم سنظل عليها؟ .. وهكذا.